تعافي الشركات يكتسب زخماً في الخليج
ما زال كثير من الشركات الخليجية يعاني من تداعيات الأزمة المالية ومن تراجع القطاع العقاري في المنطقة، والآن من زيادة انعدام اليقين السياسي بعد موجة الثورات العربية. لكن أرباح الشركات واصلت تعافيها في العام الماضي.
فقد أعلنت الشركات المدرجة التي تمثل نحو 90 في المائة من القيمة السوقية للأسواق الرئيسية في الدول الخليجية الست، أن أرباحها الصافية الإجمالية ارتفعت بنسبة 25 في المائة إلى 43.1 مليار دولار في العام الماضي، حسب شركة مركز الاستثمارية الكويتية.
في عام 2008، انخفضت الأرباح الصافية الكلية بمعدل النصف تقريباً، إلى 33.1 مليار دولار، وذلك من مبلغ قياسي قدره 64.7 مليار دولار عام 2007، وتعافت بنسبة بائسة قدرها 4 في المائة، لتصل إلى 34.5 مليار دولار عام 2009. وفي هذا العام يبدو التعافي أفضل بكثير وبقاعدة أوسع، كما يقول المحللون.
وبينما واصلت القطاعات المترسخة، كقطاع البتروكيماويات وقطاع الاتصالات، تحقيق الأرباح طيلة معظم فترة الأزمة، تحدثت الشركات المالية غير المصرفية عن تحقيق أرباح إجمالية لأول مرة خلال سنتين في عام 2010 بعد أن تكبدت خسائر قدرها 2.2 مليار دولار في عامي 2008 و2009، كما أعلنت شركة مركز.
ورغم ذلك، فإن الآفاق ليست وردية تماماً بالنسبة إلى جميع الشركات المدرجة في الخليج. فقد انخفضت الأرباح الربعية بنسبة 24 في المائة إلى 8.7 مليار دولار في آخر ثلاثة أشهر من عام 2010، الأمر الذي يرجع جزئياً إلى الخسارة التي لحقت بشركة الدار العقارية، رائدة التطوير العقاري في أبو ظبي، بمبلغ 1.1 مليار دولار.
وما زال القطاع العقاري في المنطقة يعاني صدمات ما بعد الأزمة المالية ومن الإفراط في عمليات البناء أثناء الطفرة الاقتصادية في الفترة من عام 2003 إلى 2007. وبصورة إجمالية انكمشت أرباح هذا القطاع بنسبة أخرى نسبتها 38 في المائة في العام الماضي، كما تقول شركة مركز.
لكن بعضهم يرى أن هناك فرصاً في الشركات العقارية، وبخاصة في الإمارات – يتوقع أن تستفيد دبي تحديداً من الاضطرابات التي تجتاح العالم العربي.
ويقول دانيال بروبي، رئيس دائرة الاستثمار في شركة سلك إنفيست: ''إنني متفائل أكثر بشأن القطاع العقاري في الإمارات، لأن دبي تعتبر الآن منارة الاستقرار في المنطقة. وفي أن الأرباح هناك ستستقر عما قريب''.
ويمكن إيجاد مزيد من العون للقطاع العقاري في المنطقة من خلال رغبة الخليج الشديدة لإنفاق المال والإيرادات النفطية على مشاريع الإسكان والبنية التحتية التي تهدف لاستباق مشاعر السخط والاستياء من الأوضاع السياسية.
وقد خصصت المملكة العربية السعودية 250 مليار ريال لبناء 500 ألف منزل، الأمر الذي سيكون له آثار إيجابية على قطاع المباني التجارية وعلى تجارة التجزئة، كما تقول شركة جون لانغ لاسال الاستشارية في الشأن العقاري.
لقد كان التعرض للقطاع العقاري العامل الرئيسي الذي أثر سلباً على البنوك الإقليمية. ففي الإمارات وحدها ارتفعت مطالبات القروض سيئة الأداء تحديداً من 19.7 مليار درهم في نهاية عام 2008 إلى 45.8 مليار درهم (12.5 مليار دولار) في نهاية شباط (فبراير).
وما زالت الديون المعدمة وشروط التمويل الأكثر تشدداً تؤثر على الإقراض، غير أن المحللين يتوقعون أن تكون أسوأ جولات التحوط خلف القطاع المصرفي وأن تتعافى الربحية في هذا العام.
وبينما أثرت الاضطرابات التي يشهدها العالم العربي على أوضاع الشركات، ويتوقع أن تتسبب في تأجيل الاستثمارات كبيرة الحجم، يبدو أن معظم الشركات الخليجية ما زالت تشعر بالتفاؤل.
لقد انخفض مؤشر HSBC لثقة الشركات في بلدان مجلس التعاون الخليجي بصورة طفيفة في أول ثلاثة أشهر من العام، بعد أن واصل الكسب في كل ربع منذ نهاية عام 2009، لكن نسبة 54 في المائة من الشركات التي تم استطلاع أرائها ما زالت تتوقع تحقيق نمو في الإيرادات في الأشهر الثلاثة المقبلة.