2017-03-23
في خطوة افترض أنها تمت تحت إصرار الإدارة الأمريكية، لم تتم الإشارة إلى التعهد التقليدي بـ"تجنب كل أشكال الحمائية" في البيان الأخير الصادر عن مجموعة العشرين، وهو ما يستدعي في الحقيقة التوقف ومحاولة فهم لماذا قطع ذلك الوعد في السابق من الأساس؟ وهل يستحق العمل أو الالتزام به؟
والسبب في ذلك بالتأكيد ليس هو أن تلك الحكومات تلتزم دائماً بكلمتها، حيث إنهما ولسنوات دأبت على التخلي عن تعهدهم - الذي أصبح أشبه بالطقوس - بالحرص على جعل أسواقها مفتوحة، وهو ما يعود جزئياً إلى الحالة الرثة التي تبدو عليها آفاق التجارة العالمية.
ولكن التجارة العالمية ربما تواجه مستقبلا أسوأ بكثير، إذا اعتبرت هذه الحكومات بقيادة الولايات المتحدة أن السياسات الحمائية يمكن أن يتم تبنيها علناً، وذلك بحسب ما أشار إليه التقرير الذي نشرته "بلومبيرج".
خلال مرحلة الانتعاش من الركود العالمي الأخير، نما حجم التجارة العالمية بوتيرة أبطأ مما ينبغي، وخلال السنوات الأربع الماضية، كان ذلك التباطؤ أكثر وضوحاً.
محاولة تفكيك الأسباب التي أدت إلى ذلك التباطؤ ليست سهلة، فبينما يعتبر ضعف الطلب الاستثماري الناتج عن المستوى غير العادي من الركود أحد العوامل، إلا أن السياسة التجارية تعتبر هي الأخرى أحد تلك الأسباب، فمنذ العام 2012 وتتصاعد الحمائية بهدوء.
وكما هو الحال دائماً، تستخدم التدابير التقليدية مثل المعونة الحكومية، وحوافز التصدير، والمشتريات العامة لحماية المنتجين المحللين، وبالإضافة إلى ذلك تستخدم الحكومات في كل مكان اليوم ما يسمى بقوانين المحتوى المحلي، للتمييز ضد المنافسين الأجانب.
وحتى في الولايات المتحدة، أظهر تحليل أن واشنطن اتخذت عدة خطوات في ذلك الاتجاه في الفترة التي تلت أزمة 2008، وذلك على الرغم من وجود إدارة مؤيدة للتجارة في البيت الأبيض.
التجارة الحرة وخصومها:
من دون اتفاقيات تجارية كبيرة مثل اتفاقية الشراكة عبر المحيط (TPP) - التي أيدها الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما" ولكن رفضها الكونجرس - فإن المنافسة الدولية سوف تنحسر.
على الرغم من أن الغرض الأساسي من التجارة الحرة أصبح أمراً يميل إلى كونه أكاديمياً في الآونة الأخيرة، إلا أنه في نفس الوقت لا يزال بسيطاً جداً وسهل الفهم، حيث إن المنافسة هي منبع الرخاء والتجارة الحرة تشجع المنافسة.
في الوقت نفسه، يسهم إجبارالمنتجين على الابتكار والتخصص في جعل الاقتصادات أكثر كفاءة، وبمنع أو بتعطيل تلك العملية، يصبح الجميع في نهاية المطاف أسوأ حالاً.
في المجموع، تنطوي التجارة دائما على رابحين وخاسرين، وبالمناسبة هذا هو الحال أيضاً في التقدم التكنولوجي والمنافسة المحلية البحتة، لذلك فإن العلاج الأكثر حكمة هو دعم العمال الذين يعانون من آثار هذا الاضطراب، وتحديداً من خلال إعادة تدريبهم.
كلما نما الاقتصاد بمعدل الأسرع، كلما أمكن العثور على الموارد اللازمة من أجل تلك البرامج بشكل أكثر سهولة، والبديل هو حلقة مفرغة من تناقص المنافسة، والنمو المتباطئ، ومستويات المعيشة الراكدة.
تغير لهجة الخطاب شيء، وتغير السياسات شيء آخر تماماً، ولكن إذا أصبحت تلك الكلمات أفعالا فإن العالم في ورطة حقيقية، وإذا كان ترامب ينوي قيادة الحكومات نحو حقبة جديدة من الحمائية الصريحة، فسوف تلحق أضرار لا توصف بالولايات المتحدة والاقتصاد العالمي بشكل عام.