في الخامس والعشرين من مارس/آذار عام 1957، وبينما لم يمض الكثير على انتهاء الحرب العالمية الثانية، وقعت ست دول أوروبية على المعاهدة التأسيسية لناد دولي جديد.
حقق ذلك النادي الذي أطلق عليه لاحقاً الاتحاد الأوروبي، نجاحاً لم يكن يتصوره مؤسسوه، ليس فقط في دعم أطول فترة من السلام والازدهار في تاريخ القارة، وإنما أيضاً في خلق سوق واحدة وعملة موحدة، ليضم إليه بعد ذلك الديكتاتوريات والبلدان الشيوعيىة السابقة في القارة، ليتوسع الاتحاد من 6 أعضاء إلى 28 عضواً.
ولكن وبينما يجتمع القادة الأوروبيون هذا الأسبوع في العاصمة الإيطالية روما من أجل الاحتفال بمرور 60 عاماً على تأسيس الاتحاد الأوروبي، فهم يعون جيداً أن مشروعهم في مأزق كبير، نتيجة للتهديدات التي لا يعتبر وصفها بالوجودية مبالغة.
في عام 1957 وقعت كل من بلجيكا وفرنسا وإيطاليا ولوكسمبورج وهولندا وألمانيا الغربية على اتفاقية روما التي أنشئ بموجبها المؤسسة الاقتصادية الأوروبية (EEC) وأسست اتحاداً جمركياً.
- في نفس العام وقعت ذات الأطراف على اتفاق آخر لإنشاء الجماعة الأوروبية للطاقة الذرية (EURATOM) بغرض تعزيز التعاون في تطوير الطاقة النووية، ودخلت كلتا المعاهدتين حيز التنفيذ في عام 1958.
في عام 1979 تم وضع النظام النقدي الأوروبي (EMS) في إطار لجنة جنكينز – المفوضية الأوروبية – وتم بموجبه إنشاء عملة نقدية شكلية لحساب سعر صرف العملات الأوروبية مقابلها، عرفت باسم الإيكو (ECU)، وهي من الممكن وصفها بأنها العملة الأوروبية الموحدة السابقة لليورو.
- أدت التعديلات الدورية من قبل اللجنة إلى ارتفاع قيم العملات القوية وانخفاض قيم العملات الأضعف، وهو ما تسبب في حالة من عدم الرضا في معظم البلدان، ليتم في الأول من يناير/كانون الثاني عام 1999 تحديد قيمة اليورو مقابل العملات المحلية للدول الأعضاء، ليصبح منذ ذلك الحين عملة بنكية لأول مرة.
- على الفور، قامت بورصات فرانكفورت وباريس وميلانو بتدوين قيمة الأوراق المالية باليورو، كما تم ربط العملات المحلية في الدول الأعضاء باليورو بدلاً من الدولار.
- الكتلة الشرقية أو الكتلة الشيوعية، هو تعبير يشير إلى الدول الشيوعية السابقة في أوروبا الوسطى والشرقية، وأطلق لأول مرة خلال الحرب الباردة على الاتحاد السوفيتي والبلدان التي كانت إما تحت سيطرته أو من حلفائه.
- بدأت أحداث "ثورات 1989" -التي نتج عنها لاحقاً سقوط الشيوعية - في بولندا عام 1989، وامتدت رقعتها إلى المجر وألمانيا الشرقية وبلغاريا وتشيكوسلافاكيا ورومانيا، وسقط جدار برلين في نوفمبر/تشرين الثاني من نفس العام وهو ما مهد لإعادة توحيد ألمانيا في عام 1990.
- بحلول نهاية عام 1991 تم حل الاتحاد السوفيتي ، مما نتج عنه إعلان 14 دولة لاستقلالها، وأدى انهيار الشيوعية إلى الإعلان عن انتهاء الحرب الباردة، ليتغير المشهد السياسي الأوروبي تغيرا جذريا منذ ذلك الحين.
في عام 2004، شهد الاتحاد الأوروبي أكبر توسع له من حيث مساحة الأراضي وعدد الدول والسكان في تاريخه، غير أنه ليس الأكبر من حيث الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بانضمام 10 دول دفعة واحدة إليه.
- في الأول من مايو/أيار من ذلك العام، وقعت كل من إستونيا وبلغاريا وبولندا والجمهورية التشيكية وسلوفاكيا وسلوفينيا ولاتفيا وليتوانيا ومالطة وهنغاريا على شروط الانضمام إلى الاتحاد، وكانت سبع دول منها جزءا من الكتلة الشرقية السابقة.
بدأت أزمة الديون السيادية الأوروبية في عام 2008، مع انهيار النظام المصرفي في آيسلندا، وانتقال الأزمة إلى اليونان وآيرلندا والبرتغال خلال عام 2009، وسط انهيار المؤسسات المالية وارتفاع الدين الحكومي وتسارع ارتفاع نسبة العائد على السندات السيادية.
- في نهاية عام 2009 لم تكن كل من اليونان وإسبانيا وآيرلندا والبرتغال وقبرص قادرة على تسديد ديونها الحكومية أو إعادة تمويلها أو حتى إنقاذ بنوكها المتعثرة دون مساعدة من طرف ثالث، مثل البنك المركزي الأوروبي، وصندوق النقد الدولي، ومرفق الاستقرار المالي الأوروبي.
- قامت وكالات التصنيف بخفض تصنيفها لديون العديد من بلدان منطقة اليورو، ودخلت الديون اليونانية بالتحديد في مرحلة حرجة، وكجزء من اتفاقيات القروض، كان لزاما على البلدان التي تتلقى حزم الإنقاذ أن تفي بتدابير التقشف الرامية إلى إبطاء نمو ديون القطاع العام.
في الثالث والعشرين من يونيو/حزيران عام 2016، صوت 51.9% من البريطانيين أو 17.4 مليون مواطن بالموافقة على خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي، وهي النتيجة التي خالفت جميع استطلاعات الرأي قريباً، وأدت إلى هزة عنيفة بالأسواق العالمية، وتراجع الجنيه الإسترليني أمام الدولار إلى أدنى مستوى له خلال 30 عاما.
- على إثر النتيجة، قام رئيس الوزراء "ديفيد كاميرون" -الذي دعى للاستفتاء، وحشد في نفس الوقت لصالح بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي - بالتقدم باستقالته في 13 يوليو/تموز، لتخلفه وزيرة الداخلية "تيريزا ماي"، التي حلت محل "كاميرون" كرئيس لحزب المحافظين قبل يومين فقط من ذلك التاريخ.
- هذا الأسبوع تستعد "ماي" لسحب الزناد، وتفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة – المنظمة لعملية الانسحاب من الاتحاد الأوروبي – وإلى الآن يجهل الجميع (السياسيون والاقتصاديون والرؤساء التنفيذيون وبالطبع المواطنون) مصيرهم، الذي تحدده كيفية سير المفاوضات التي قد تستمر لعامين بين داوننغ ستريت وبروكسل.