البنك المركزي البريطاني يبقى على سعر الفائدة دون تغير
ابقى البنك المركزي البريطاني اليوم على السياسة النقدية دون تغير حيث أبقى على سعر الفائدة لتظل عند أدنى مستوياتها منذ تأسيس البنك بنسبة 0.50% وكذا الابقاء على برنامج شراء الأصول بقيمة 200 بليون جنيه إسترليني و يأتي ذلك القرار متوافقا مع التوقعات السائدة في الأسواق.
لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي البريطاني لايزال أغلب أعضائها يعمل بمبدأ الحيطة و الحذر و ذلك في خضم ما يشهده الاقتصاد البريطاني من معادلات و معضلات تدفعه للتريث قليلا قبل إصدار أية قرارات على الرغم من تزايد الضغوط عليه.
هذه الضغوط تتمثل بشكل أساسي في أن البنك بات يتحمل عبء دفع عجلة النمو في البلاد بعد أن تغيرت الأوضاع في المنطقة الأوروبية و اتجاه الحكومة البريطانية إلى تطبيق أكبر خطة لخفض الإنفاق العام منذ الحرب العالمية الثانية بعد أن كانت تمثل الطرف الآخر في دعم النمو بعد الأزمة المالية العالمية.
وتعتبر المخاطر التصاعدية للتضخم من أهم المستجدات التي يتوجب على البنك أن يقوم بالتفاعل إزائها،حيث لايزال معدل التضخم متخطيا المستوى الآمن لاستقرار الأسعار لنسبة 2% منذ ديسمبر/كانون الثاني من عام 2010 إلى أن تضاعف حتى سجل 4.40% في فبراير/شباط السابق و الذي يعد الأعلى منذ أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2008.
على الرغم من ذلك إلا أن البنك لم يتجه إلى تقليص السياسة النقدية و إن كان هنالك اتجاهات بين أعضاء لجنة السياسة النقدية نحو رفع سعر الفائدة من أجل كبح جماح التضخم.
لكن بشكل عام البنك كان يرى أن ذلك الارتفاع يعد بفعل عوامل مؤقتة تكمن بشكل رئيسي في ارتفاع اسعار الطاقة عالميا خاصة أسعار النفط و يوازيها في ذلك ارتفاع اسعار الغذاء هذا بجانب ضعف قيمة الجنيه الإسترليني أمام العملات الرئيسية منذ عام 2007. و اتجاه الحكومة إلى رفع سعر الضريبة على المبيعات في أوائل عام 2010 و كذا 2011 حيث وصلت إلى 20%.
جدير بالذكر أن أسعار النفط ارتفعت في الستة أشهر الأخيرة فقط بنحو 30% هذا بخلاف أن أسعار القمح ارتفعت بنسبة 50% أيضا في نفس الفترة.
في نفس الوقت فبعد أن كان النمو يمثل أحد أهم الأولويات لدى البنك انضم إليه التضخم ليضع البنك في مأزق للموازنة بينهم في وقت لايزال فيه الاقتصاد غاية في الهشاشة و عدم الاستقرار التام. وهو ما دفع بانقسام الأراء بين أعضاء لجنة السياسة النقدية في ظل غياب الحكومة كطرف في دعم الاقتصاد.
محضر إجتماع البنك الأخير أظهر استمرار الإنقسام بين أعضاء لجنة السياسة النقدية لكن الغالبية ترى بضرورة إتخاذ الموقف الحيادي بجانب توخي الحذر ويأتي على رأسهم رئيس البنك السيد كينج وفريقه الذي يرى ضرورة الابقاء على نفس السياسة النقدية. حتى يتم تقييم تأثير الإضطرابات في الشرق الأوسط و خطة خفض الانفاق الحكومي على التضخم. وهذا الرأي الذي اتخذه ست أعضاء بيما فيهم رئيس البنك.
بينما الإتجاه المطالب برفع سعر الفائدة يعتمد أساسا على مواجهة الضغوط التضخمية التي تشهدها البلاد، حيث لايزال السيد أندرو سناتس يطالب برفع سعر الفائدة بنحو 50 نقطة أساس و يرى السيد مارتين و يل و السيد سبنسر ديل بضرورة رفع سعر الفائدة بنحو 25 نقطة أساس لتصل إلى 0.75%.
إلا أن الاقتصاد البريطاني قد لا يتحمل رفع لسعر الفائدة خاصة أنه عاود مرة أخرى للإنكماش في الربع الأخير من العام السابق بنسبة -0.5% ، و تشير البيانات الأخيرة إلى إمكانية عودة الاقتصاد للنمو في الربع الأول من العام الحالي لكن سوف يظل بالضعيف وقد يحقق نمو بنسبة 0.7%. هذا في الوقت الذي لاتزال فيه مستويات الثقة منخفضة و كذا مستويات استهلاك القطاع العائلي.
معدل البطالة سجل في الثلاثة أشهر المنتهية في يناير/كانون الثاني مستوى 8% و مظهرا ارتفاع عدد العاطلين عن العمل بنحو 27 الف شخص ليصل إجمالي عدد العاطلين عن العمل إلى 2.53 مليون شخص وهو الأعلى منذ عام 1994. في الوقت الذي تراجعت فيه طلبات الإعانة في فبراير/شباط بنحو 10.2 ألف طلب ليصل إجمالي عدد الطلبات إلى 1.45 مليون طلب.
أيضا فإن وضع الحكومة لمعضلة عجز الموازنة على قمة الأولويات من شأنه أن يضعف وتيرة نمو الاقتصاد البريطاني وهو الأمر الذي يزيد من الضغوط على البنك البريطاني خلال الفترة المقبلة
وحتى الآن لاتزال الإضطرابات مستمرة في الشرق الأوسط وتتزايد التوقعات بأن يصل سعر برميل النفط إلى 130$ للبرميل خلال فترة القليلة المقبلة، فحتى لو قام البنك بتقليص السياسة النقدية في النصف الثاني من العام الحالي قد لا يتمكن أيضا من كبح جماح التضخم خاصة أن تلك العوامل تخرج عن سيطرة البنك.
جدير بالذكر أن تقرير التضخم الربع السنوي الذي صدر عن البنك في فبراير/شباط السابق فقد أشار فيه على حالة عدم التأكد التي تنطوي على التوقعات الخاصة بالتضخم خاصة بعد أن كان ينوه إلى إمكانية عودة التضخم إلى المستوى المتستهدف بنسبة 2% أو أدنى منه خلال العام القادم. لكن في الواقع يرى البنك أن المعدل لن يعاود الانخفاض إلا بداية من الربع الثالث من عام 2013 و قد يسجل 1.7%.
أما بالنسبة للعام الحالي فإن البنك يتوقع أن يظل معدل التضخم في الارتفاع وقد يصل إلى ذروته مسجلا 4.4% بنهاية العام الحالي 2011. وكان السيد كينج رئيس البنك قد نوه إلى إحتمالية أن يسجل التضخم مستوى لما بين 4% و 5% خلال الأشهر القليلة القادمة.
وفي تقرير الموزانة السنوي تم خفض توقعات النمو للعام الحالي 2011 إلى 2011 و ذلك على حسب تقرير مكتب مراقبة الموازنة. و ذلك بعد أن كانت التوقعات السابقة تشير إلى نمو بنسبة 2.1%.
و أشار المكتب إلى أن الاقتصاد من شأنه أن يحقق نمو بنسبة 2.5% في عام 2012 يليه ثبات مستوى النمو عند 2.9% في عامي 2013 و 2014 و يتراجع قليلا إلى 2.8% في عام 2015.
ينتظر أن يتم الإعلان عن محضر إجتماع البنك في 20 أبريل/ نيسان الجاري و الذي من شأنه أن يوضح المزيد من إتجاهات بين أعضاء لجنة السياسة النقدية.