انخفاض مؤشرات الأسهم الأمريكية في تعاملاتها الآجلة في يوم خالٍ من البيانات الاقتصادية الأمريكية
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن التحدي الأبرز أمام الاقتصاد الأمريكي يكمن في الوقت الراهن في ارتفاع معدلات البطالة في البلاد، حيث تقف معدلات البطالة أمام أعلى مستوى لها منذ ما ينوف عن 25 عاماً عند 9.6 بالمئة، إلّا أن عاملاً آخر لا يزال يقف كالشوكة في حلق عجلة التعافي والانتعاش ضمن الاقتصاد الأمريكي، والمتمثل في تشديد شروط الائتمان، الأمر الذي يعمل بالتزامن مع العامل الأول على الحد من مستويات الدخل والإنفاق في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك وسط معاناة قطاع العمالة الأمريكي كما أسلفنا، حيث لا يزال الاقتصاد يبحث عن استقراره المفقود، مع العلم بأن حالة من التخوف تسيطر على أرباب العمل في الولايات المتحدة، الأمر الذي يمنعهم من توفير المزيد من فرص العمل، ولذلك فإن قطاع العمالة الأمريكي لا يزال يقطر دماً، ولن نشهد استقرار الاقتصاد الأمريكي بطريقة ملحوظة قبيل انخفاض معدلات البطالة في البلاد بشكل ملحوظ.
وقد انخفضت مؤشرات الأسهم الأمريكية قبيل افتتاح جلسة اليوم، الأمر الذي حد من مستويات الثقة في الأسواق وبالأخص في ظل غياب الاقتصاد الأمريكي عن إصدار أية بيانات اليوم، حيث انخفض مؤشر الداو جونز الصناعي في تعاملاته الآجلة بواقع 0.2 بالمئة، ليصل إلى مستويات 10676 نقطة، بينما انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 في تعاملاته الآجلة بنسبة 0.2 بالمئة، ليتداول حالياً عند مستويات 1132.7 نقطة، أما مؤشر الناسداك 100 فقد انخفض في تعاملاته الآجلة بنسبة 0.2% ليصل إلى 1982 نقطة، (البيانات مسجلة في تمام الساعة 10:32 صباحاً بتوقيت لندن).
هذا الانخفاض جاء عقب تأرجح مؤشرات الأسهم الأمريكية في ختام تداولاتها يوم أمس الثلاثاء، في حين نجح الذهب اليوم في تسجيل مستوى تاريخي قياسي جديد هو الأعلى له على الإطلاق عند 1294.80 دولار أمريكي للأونصة، وذلك في ظل موجة شراء كبيرة على الذهب بصفته ملاذاً آمناً، حيث استغل استثمارنا الآمن ضعف الدولار الأمريكي اليوم، وموجة عدم التيقن حول الاقتصاد الأمريكي ليسجل مستوى تاريخي جديد.
وكانت اللجنة الفدرالية المفتوحة والتابعة للبنك الفدرالي الأمريكي قد أقرت يوم أمس وبإجماع أعضائها باستثناء توماس هوينغ إبقاء سعر الفائدة دون تغيير عند مستوياته المتدنية التاريخية الحالية بين 0.00% و 0.25 بالمئة، أي بتطابق مع توقعات المحللين، حيث أشارت اللجنة الفدرالية إلى أن النشاط الاقتصادي الأمريكي آخذ في التحسن التدريجي، لتؤكد مرة أخرى على أن وتيرة الانتعاش في الوقت الحالي "معتدلة".
ومع أن اللجنة الفدرالية تتوقع أن يبقى النشاط الإقتصادي ضعيفاً إلا أن اللجنة تتوقع بقاء مستويات التضخم تحت السيطرة وبأدنى من توقعات البنك، وبالتالي فإن اللجنة تتوقع بأن تبقى معدلات التضخم ضمن مستويات متدنية لفترة من الوقت، في حين أكد البنك الفدرالي الأمريكي على أنه سيمضي قدماً في إعادة إحياء برنامج التخفيف الكمي، والقاضي بإعادة استثمار الأموال الناتجة عن برنامج شراء السندات المرتبطة بالرهونات العقارية في شراء سندات الخزينة طويلة الأجل، وذلك في مسعى من صناع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية لدعم عجلة التعافي والانتعاش في البلاد، وفي لنهاية فقد أكد الفدرالي الأمريكي على أنه سيبقى على استعداد تام للتدخل من خلال برامج تحفيزية جديدة في حال شهد الاقتصاد أية انتكاسات في المستقبل.
إذن فالاقتصاد الأمريكي يبخل علينا بالبيانات والأخبار الاقتصادية اليوم، في حين تشير التوقعات إلى أن الأسواق ستشهد تقلباً ملحوظاً في تداولات اليوم، ولكن معظم المستثمرين سيتوجهون نحو الأسهم، السلع الأساسية، الأصول ذات العائد المرتفع، لتوسع تلك الأدوات المالية من دائرة ارتفاعها، وذلك على خلفية انخفاض الدولار الأمريكي، والذي سيستمر بالانخفاض بوجه عام نظراً لظهور تكهنات تقول بأن البنك الفدرالي الأمريكي سيفاجئ الأسواق من خلال الإعلان عن المزيد من الإجراءات لتيسير سياساته النقدية في وقت لاحق من الأسبوع الحالي، الأمر الذي لم نشهده يوم أمس في اجتماع اللجنة الفدرالية المفتوحة.
وسيصدر عن الاقتصاد الكندي اليوم قراءة مبيعات التجزئة عن شهر آب حيث تشير التوقعات إلى ارتفاع المبيعات بنسبة 0.6% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.1% في حين تشير التوقعات أيضاً إلى أن قراءة مبيعات التجزئة عدا المواصلات عن آب ارتفعت بنسبة 0.4% بالمقارنة مع القراءة السابقة التي بلغت انخفاض بنسبة 0.5%، وعلى ما يبدو فإن معدلات الإنفاق تواصل التحسن في كندا، الأمر الذي يوضح تحسن مستويات الطلب بالتأكيد، مما سيشكل مزيداً من الدعم لعجلة التاعفي والانتعاش في البلاد.
وفي النهاية عزيزي القارئ، فإن الوضع في الاقتصاد الأمريكي لا يزال غامضاً بشكل أو بآخر، ولا يزال مستقبل الاقتصاد الأمريكي قيد أسر الغموض أيضاً، وذلك عقب تراجع أداء كافة قطاعات الاقتصاد مؤخراً وبحسب كافة البيانات والمؤشرات الاقتصادية الأمريكية، الأمر الذي قاد الاقتصاد الأمريكي للنمو بنسبة 1.6 بالمئة فقط خلال الربع الثاني من العام الجاري 2010، إلا أن البيانات الأمريكية والتي تصدر حالياً تؤكد على أن الربع الثالث شهد تحسناً بأفضل من الربع الثاني، الأمر الذي يؤكد على أن الركود الذي شهده الاقتصاد الأمريكي كان أسوأ مما توقع الجميع!!!