معدل التضخم يتراجع في بريطانيا لكن لايزال عند مستويات حرجة
في الوقت الذي بدأت فيه معظم البنوك المركزية حول في في رفع سعر الفائدة من أجل مواجهة المخاطر التصاعدية للتضخم لا يزال البنك المركزي البريطاني مبقيا على نفس سياسته النقدية متخذا في ذلك مبدأ الحيطة و الحذر في الوقت الذي لم يستقر فيه الاقتصاد بشكل كامل بعد.
اليوم صدر مؤشر اسعار المستهلكين السنوي عن شهر مارس/آذار والذي جاء فيه تراجع مستويات التضخم إلى 4% ليأتي بأدنى من التوقعات و القراءة السابقة لنسبة 4.4%. و إن كان لايزال متضاعفا عن المستوى الآمن لاسقرار الأسعار لنسبة 2%.
بينما سجل تراجعا على المستوى الشهري ليصل إلى 0.3% من 0.7% للقراءة السابقة.
وسجل مؤشر أسعار المستهلكين الجوهري عن نفس الفترة- يستثني أسعار السلع و الخدمات ذات التقلبات المرتفعة مثل الغذاء و الطاقة- فقد تراجع أيضا إلى 3.2% من 3.4% للقراءة السابقة.
و السؤال الذي يفرض نفسه الآن بعد هذه النتائج هو هل بدأ التضخم في التراجع بالفعل أم أن هذه مجرد تذبذب في البيانات بفعل عوامل اقتصادية أخرى؟ وهو الأمر الذي يأكد عند متابعة القراءات في الأشهر القادمة.
خاصة أن العوامل المؤدية إلى تسارع التضخم على هذا النحو في البلاد لاتزال قائمة، لا سيما استمرار ارتفاع أسعار النفط عالميا و التي وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ العامين و النصف في شهر مارس عندما سجلت مستويات 107$ للبرميل و التوقعات تشير إلى أن الأسعار قد تسجل 130$ للبرميل خلال الفترة المقبلة في خضم الاضطرابات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا.
جدير بالذكر أن أسعار النفط ارتفعت في الستة أشهر الأخيرة فقط بنحو 30% هذا بخلاف أن أسعار القمح ارتفعت بنسبة 50% أيضا في نفس الفترة.
في الوقت نفسه فإن رفع سعر الضريبة على المبيعات منذ بداية العام الحالي إلى 20% أضعف القدرة الشرائية لدى القطاع العائلي و التي هي أساسا منهكة للغاية بعد الأزمة المالية العالمية في ظل ضعف سوق العمل و بالتبعية انخفاض مستويات الأجور.
ووفقا لآخر التقارير التي صدرت بشأن مبيعات التجزئة أظهر تراجع حاد لمبيعات التجزئة في الشهر السابق إلى أدنى مستوى منذ عام 1995. وهذا ما يعكس ضعف مستويات الطلب في البلاد.
وبالتالي يواجه البنك المركزي البريطاني ضغوطا من أجل دعم الاقتصاد وفي نفس الوقت مواجهة ارتفاع التضخم الذي تشهده البلاد وهو الأمر الذي يفرض نفسه في وقت يعاني فيه الاقتصاد من هشاشة لمستويات النمو و اتجاه حكومي نحو خفض الإنفاق العام على مدار الأربع سنوات المقبلة.
البنك البريطاني في إجتماعه الأخير قرر الابقاء على سعر الفائدة لتظل كما هي عند نسبة 0.50% و برنامج شراء الأصول ليبقى عند مستوى 200 مليار جنيه إسترليني وذلك على أساس انتظار تقييم الأوضاع بشكل أفضل قبل أن يتخذ خطوة نحو رفع سعر الفائدة لكبح جماح التضخم.
جدير بالذكر أن تقرير التضخم الربع السنوي الذي صدر عن البنك في فبراير/شباط السابق فقد أشار فيه على حالة عدم التأكد التي تنطوي على التوقعات الخاصة بالتضخم خاصة بعد أن كان ينوه إلى إمكانية عودة التضخم إلى المستوى المتستهدف بنسبة 2% أو أدنى منه خلال العام القادم. لكن في الواقع يرى البنك أن المعدل لن يعاود الانخفاض إلا بداية من الربع الثالث من عام 2013 و قد يسجل 1.7%.
أما بالنسبة للعام الحالي فإن البنك يتوقع أن يظل معدل التضخم في الارتفاع وقد يصل إلى ذروته مسجلا 4.4% بنهاية العام الحالي 2011. وكان السيد كينج رئيس البنك قد نوه إلى إحتمالية أن يسجل التضخم مستوى لما بين 4% و 5% خلال الأشهر القليلة القادمة.
وفي تقرير الموزانة السنوي تم خفض توقعات النمو للعام الحالي 2011 إلى 2011 و ذلك على حسب تقرير مكتب مراقبة الموازنة. و ذلك بعد أن كانت التوقعات السابقة تشير إلى نمو بنسبة 2.1%.
و أشار المكتب إلى أن الاقتصاد من شأنه أن يحقق نمو بنسبة 2.5% في عام 2012 يليه ثبات مستوى النمو عند 2.9% في عامي 2013 و 2014 و يتراجع قليلا إلى 2.8% في عام 2015.
أما في ألمانيا فقد تسارع معدل التضخم ليصل إلى أعلى مستوياته منذ العامين و النصف في مارس/ آذار مسجلا وذلك على خلفية تصاعد اسعار النفط، فيما كانت توقعات أسعار المستهلكين في منطقة اليورو قد سجل 2.6%. وهو بذلك مرتفعا عن المستوى الآمن لاستقرار الأسعار لنسبة 2%.
وبفعل هذه الضغوط اتجه البنك المركزي الأوروبي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أسعار ليصل إلى 1.25% في أوائل الشهر الجاري.
لكن في الواقع فإن ذلك أضاف مخاوف للمستثمرين بشأن وتيرة نمو المنطقة خلال الفترة المقبلة لا سيما أن هناك دول أعضاء تواجه تعثر مالي و تقف على حافة الافلاس مثل البرتغال و التي باتت متصدرة أولوية اهتمام المستثرمين في الآونة الأخيرة.
بينما من المقرر أن يتم عقد إجتماع اليوم بين صندوق النقد الدولي و المفوضية الأوروبية و البنك المركزي الأوروبي للتباحث حول حزمة المساعدات المفترض تقديمها إلى البرتغال والمقرر أن يتم التوصل إلى قرار نهائي حولها على منتصف الشهر المقبل. وتشير التقديرات الأولية إلى أن قيمة حزمة المساعدات تقدر بنحو 80 مليار يورو.