بورصة مصر تتكبد ثمنا باهظا للاضطرابات السياسية والاقتصادية
يدفع المتعاملون في سوق المال المصرية ثمنا باهظا للتخبط السياسي والاقتصادي والفوضى الأمنية التي تعيشها البلاد إذ يجدون صعوبة في اتخاذ قرار بالبيع أو الشراء وسط عدم وضوح الرؤية في أكبر البلدان العربية سكانا.
ويشكو المتعاملون أيضا من الأوضاع الاقتصادية المتردية التي لا تشجع المستثمرين المحليين أو الأجانب على ضخ استثمارات جديدة بعد ملاحقة العديد من رجال الأعمال قضائيا ومنعهم من السفر والتصرف في أموالهم وممتلكاتهم.
وقال أحمد أبو السعد العضو المنتدب لشركة دلتا رسملة لإدارة صنايق الاستثمار "ليس هناك سوق مال في مصر. نحن في مرحلة من انعدام الرؤية السياسية والاقتصادية في البلاد. كيف تشتري أو تبيع وعلى أي أساس تستطيع أن تأخذ قرارا استثماريا."
وتدهورت مالية الدولة بسبب عامين من الاضطرابات السياسية التي دفعت المستثمرين الأجانب والسائحين للابتعاد عن البلاد وزادت تكلفة دعم منتجات الطاقة والمواد الغذائية المستوردة بسبب هبوط حاد للجنيه المصري.
وهذا يحصر الخيارات الفورية لحكومة الرئيس محمد مرسي الإسلامية في صندوق النقد الدولي الذي سيتطلب إجراءات تقشف قد تثير مزيدا من العنف في الشوارع أو الاعتماد على مساعدات قطر الدولة الخليجية الغنية الوحيدة التي تتعاطف بشكل حقيقي مع الحكومة المصرية.
وقال كريم عبد العزيز الرئيس التنفيذي لصناديق الاسهم في الاهلي لإدارة صناديق الاستثمار "مصر تمر الآن بمرحلة اللادولة وبالتالي ليست هناك رؤية واضحة للاستثمار."
وتدهور الوضع الأمني في مصر منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في انتفاضة شعبية قبل عامين ويشكو المصريون من ارتفاع معدل الجريمة وعدم فعالية الشرطة.
ويرى أبو السعد أن السياسات التي تعلنها الحكومة لا تنفذ على أرض الواقع.
وأضاف "كيف تقول أنك تريد التصالح مع رجال الأعمال وأنت تعاقبهم وتمنعهم من السفر والتصرف في أموالهم؟ كيف تقول انك تشجع الاستثمار وأنت تفرض ضرائب على المعاملات في البورصة وعلى التوزيعات النقدية."
وألغت محكمة مصرية يوم الاربعاء قرارا من النائب العام بالتحفظ على أموال 23 رجل أعمال في اطار تحقيقات في قضية تلاعب بالبورصة تعود لعام 2007.
وأنعش قرار المحكمة سوق الأسهم التي تضررت جراء التحفظ على أموال رجال الأعمال وتجميد أصولهم في وقت تسعى فيه البلاد لجذب استثمارات وتخفيف وطأة الأزمة الاقتصادية.
وقبل أسبوعين أصدر النائب العام قرارا بمنع ناصف ساويرس رئيس أكبر شركة مقيدة في سوق المال بمصر بمنعه من السفر على خلفية نزاع ضريبي مع الحكومة.
وقالت الحكومة المصرية في فبراير شباط إنها قررت فرض ضريبة بنسبة واحد في الألف على معاملات البورصة المصرية وضريبة على التوزيعات النقدية للمتعاملين وعلى اندماج الشركات وتقسيمها.
وقرارات الحكومة مازالت في شكل مشروعات قوانين لم يوافق عليها مجلس الشورى المختص بالتشريع في البلاد ولكنها أثارت اعتراضات شديدة من القائمين على السوق ومن شركات السمسرة والمتعاملين.
وقال أبو السعد "عندما ينصلح حال البلد سينصلح حال سوق المال."
ويرى إبراهيم النمر من نعيم للوساطة في الاوراق المالية أن البيع هو المسيطر على السوق.
وقال إنه يتوقع نزول السوق "حتى مستوى 5100 نقطة وفي حالة كسر هذا المستوى الهام سنواصل التراجع حتى 4700 نقطة."
وتراجع سوق المال في مصر بنسبة واحد بالمئة منذ بداية الاسبوع الجاري وسط معاملات ضعيفة.
وقال عبد العزيز "إقرار مجلس الشورى قانون الصكوك يضاف إلى القرارات السلبية للسوق والتي ستؤدي لسحب أموال أكثر منه."
وأقر مجلس الشورى المصري هذا الاسبوع مشروع قانون يتيح إصدار صكوك حكومية لأول مرة في البلاد لكن الموافقة جاءت دون عرض مشروع القانون على الأزهر وفقا لما ينص عليه الدستور المصري.
وفي هذه المرحلة الحرجة من التحول الديمقراطي لا يوجد بمصر مجلس للنواب منذ تسعة أشهر ولا يعرف أحد موعد انتخاب مجلس جديد ولذا يتولى مجلس الشورى التشريع.
وتذبذب اداء البورصة المصرية صعودا وهبوطا هذا الاسبوع على وقع التطورات والقرارات.
وقال عيسى فتحي نائب رئيس شعبة الأوراق المالية باتحاد الغرف التجارية إن السوق أصبحت تتحرك كل يوم على حسب تطورات اليوم السابق