- 29/10/2012
حذر رئيس الوزراء الياباني يوشيهيكو نودا الاثنين من شلل تام قد يصيب الدولة برمتها اذا لم يقر البرلمان بسرعة قانونا يجيز للحكومة اصدار سندات خزينة، وهو ما ترفض احزاب المعارضة التصويت عليه اذا لم تتم الدعوة لانتخابات مبكرة.
وقال نودا في مجلس النواب انه "اذا استمر الوضع، فان الاجهزة الادارية ستتوقف عن العمل ما سينعكس بشكل كبير على الحياة اليومية للناس وسيعيق تاليا الانتعاش الاقتصادي".
وعلى غرار ما حصل في الولايات المتحدة في صيف 2011، فان اليابان باتت على شفير الوقوع في فخ التخلف عن السداد بسبب خلاف بين الحكومة والمعارضة. والخلاف في طوكيو يدور حول قانون محض فني.
وفي العادة فان اقرار هذا القانون الذي يجيز للحكومة اصدار سندات خزينة يعتبر مجرد اجراء شكلي، ولكن هذه المرة وخلافا للعادة فان مجلس الشيوخ يعرقل اقرار هذا القانون الذي يسمح لحكومة يسار الوسط باصدار سندات تؤمن لها التمويل اللازم لابقاء عجلة الادارات العامة في حالة دوران.
وفي الواقع فان قوة المعارضة اليمينية الرئيسية، الحزب الليبرالي الديموقراطي، قرر هذا العام عدم التصويت على هذا القانون طالما ان رئيس الوزراء لم يحل مجلس النواب للدعوة الى انتخابات تشريعية مبكرة.
وينبغي ان تغطي سندات الخزينة الجديدة المقرر اصدارها حوالى 40% من ميزانية السنة المالية الجارية (نيسان/ابريل 2012 الى اذار/مارس 2013) ونتيجة عرقلة العملية اضطرت الدولة الى ارجاء قسم من النفقات الحكومية ولا سيما النفقات المخصصة للجمعيات المحلية.
وقال نودا مخاطبا النواب لدى افتتاح دورة استثنائية للبرلمان تستمر شهرا "هل سنعود الى شجاراتنا السياسية السخيفة .. ام سنركز على مضمون المناقشات؟ الاختبار الاخير يكمن في اقرار القانون الخاص حول اصدار السندات".
ودعا الى "مناقشات صريحة بين الغالبية والمعارضة .. والتوقف عن استخدام قانون اصدار السندات كورقة سياسية".
ويتمتع حزب رئيس الوزراء الحزب الديموقراطي الياباني (يسار وسط) بالاكثرية في مجلس النواب ولكنه في مجلس الشيوخ اقلية. ولاقرار هذا القانون لا بد للبرلمان بمجلسيه ان يوافق عليه.
وفي حال لم يقر هذا القانون فان حكومة ثالث اقوى اقتصاد في العالم قد تجد نفسها اعتبارا من الاول من كانون الاول/ديسمبر في حالة تعثر مالي، على الرغم من ان غالبية المحللين يستبعدون هذا السيناريو.
ويقول ديفيد ريا الخبير في معهد الابحاث "كابيتال ايكونوميكس" ان "توقف الخدمات الحكومية ممكن على الورق ولكن هذا لن يحصل ابدا".
ويضيف ان كلا الحزبين الرئيسيين في البلاد سيخسران الكثير اذا ما ادى خلافهما السياسي هذا الى حالة من الفوضى في البلاد، مؤكدا في الوقت نفسه انه "من غير المرجح ان لا يتم التوصل الى اتفاق قبل نهاية تشرين الثاني/نوفبمر".
ويتمحور الخلاف بين الحزبين حول موعد الانتخابات التشريعية المبكرة التي وعد رئيس الوزراء حزب المعارضة الرئيسي بالدعوة اليها مقابل تصويت الاخير لصالح قانون يزيد الضريبة على الاستهلاك، وهو ما حصل في آب/اغسطس.
ويومها وعد رئيس الوزراء بحل مجلس النواب "في المستقبل القريب" وهي عبارة غامضة ادت الى حالة التعثر الراهنة.
والموعد الاقصى لاجراء الانتخابات التشريعية هو صيف 2013، ولكن اليمين يطالب باجرائها في اسرع وقت ممكن من اجل ان يستغل نقمة الشارع الياباني على الحكومة المتهمة بسوء ادارة تداعيات حادث فوكوشيما النووي وبالتراخي الدبلوماسي امام الصين وبالعجز عن اخذ قرارات اقتصادية واجتماعية لازمة.
وفي الواقع يخشى ان لا يكون هذا المأزق البرلماني سوى حلقة اضافية من مسلسل طويل سببه الاساسي هو العراقيل البنيوية في الحياة السياسية في بلد يرزح تحت اكبر نسبة دين عام مقارنة بباقي الدول المتقدمة.
وفي 2012 بلغ حجم الدين العام الياباني ما نسبته 236% من اجمالي الناتج المحلي (البالغ حوالى الف مليار يورو)، بحسب التقرير الاخير لصندوق النقد الدولي حول الديون العامة في العالم، وهي نسبة اكبر بكثير منها في الدول المتقدمة، وحتى في الدول الاوروبية الغارقة في ازمات مالية مستفحلة مثل اليونان (170%) وايطاليا (126%) واسبانيا (90%).
ولكن اكثر من 90% من الدين العام الياباني هو دين داخلي، ما يضع المالية العامة للبلاد في منأى من امزجة المستثمرين الدوليين. كما ان البلاد تمتلك احتياطيا ضخما من العملات الصعبة اضافة الى امتلاكها عملة قوية.
ولكن هذه الفجوة لا تنفك تتزايد، لا سيما في ظل نسبة عجز عام قدرها صندوق النقد الدولي ب10% هذا العام وخشية الخبراء من ان يصبح هذا العجز عبئا ثقيلا على الاجيال المقبلة في بلد نسبة الولادات فيه متدنية جدا ولا ينفك يزداد شيخوخة.
على ما يبدو ان الاعاصير تتوالى تباعا