قبس من الضوء في «الاحتياطي الفيدرالي»
بن برنانكي، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، يستحق الإشادة لفتحه البنك المركزي الأمريكي أمام مزيد من التدقيق في وقت تُعد فيه ممارسة السياسة النقدية عملا صعبا، مع انقسام مجلس إدارة البنك حول أفضل السبل للمُضي قدما. لقد دعا برنانكي إلى مزيد من الشفافية قبل انضمامه إلى ''الاحتياطي الفيدرالي''، وأفصح كثيراً عن منطق البنك عندما أصبح رئيسا له. والمؤتمر الصحافي لرئيس مجلس إدارة البنك يوم الأربعاء يعد خطوة أخرى. فالأجواء لم تكن مكهربة مثل المسرح، وهنا بالتالي النجاح.
لا تأبه لكون ما يُقدِم عليه ''الاحتياطي الفيدرالي'' هو أنه فقط يلحق بالبنوك المركزية الأخرى. في الماضي كان كتوماً بشكل لا يُعقل ـــ وأن يأتي متأخراً خير من ألا يأتي قط. ولـ ''الاحتياطي الفيدرالي'' مرافعة معتبرة يضعها أمام العامة. وإذا كانت هناك سياسات سليمة ومفهومة على نحو جيد، فإنها ستؤدي إلى تثبيت التوقعات بقوة، مما يُفضي إلى الاستقرار. وباتخاذه دورا أكثر وضوحاً، سيزيد برنانكي من ثقل الرأي الجماعي للجنة السوق المفتوحة، مقابل آراء مخالفة أحياناً لأعضائها. مرة أخرى، كل ذلك سيكون في الصالح.
يوم الأربعاء لم تحدث أي مفاجآت. فمثلما كانت التوقعات، أكد برنانكي أن المرحلة الحالية من التخفيف الكمي ستستمر حتى حزيران (يونيو). هذه السياسة غير المتزمتة لمشتريات الموجودات، الهادفة إلى تخفيف أسعار الفائدة طويلة الأجل مع بقاء الفوائد قصيرة الأجل في مستوى الصفر، أبلت بلاءً حسناً. ولطالما تناقشت لجنة السوق المفتوحة حول ما إذا كانت ستوقفها، أو تتركها في مسارها المحدد، أو تمددها. وفي الوقت الحالي، فإن الطريق الوسط الذي يقترحه ''الاحتياطي الفيدرالي'' يبدو مناسبا.
التعافي الأمريكي بعيد عن أن يكون قويا حتى الآن. فالبطالة تتزايد، لكن أسعار المنازل تنخفض مرة أخرى، ومؤشرات ثقة المستهلك تدهورت بصورة ملحوظة. ومع سياسة مالية تتحرك بشكل مغلوط من الحيدة إلى التشدد، فإن سحباً مباغتاً لسياسة التخفيف الكمي من شأنه أن يكون خطيراً. الانخراط في مرحلة ثالثة من التخفيف الكمي يمكن أن يكون بدوره محفوفاً بالمخاطر. فالتضخم الأساسي، مثلما أشار برنانكي، منخفض لكنه تنبأ بأن يرتفع في العام المقبل أكثر مما كان يُعتقد. إنه بحاجة إلى رصد. وفوق ذلك، فإن المكسب من وضع مزيد من الضغط الهبوطي على أسعار الفائدة في الأجل الطويل سيكون طفيفا على الأرجح، وسيأتي في الأساس من تقييم سعر الموجودات وليس من الاستثمارات الجديدة.
عقب حزيران (يونيو)، فإن اختيار متى وبأية سرعة يتم إنهاء التخفيف الكمي الثاني سيتيح لـ ''الاحتياطي الفيدرالي'' درجة أكبر من الحرية. لقد سُئل برنانكي عن استراتيجتته للخروج، لكنه تفادي جره إلى ذلك، واكتفى بالقول إن تقليص مقتنيات ''الاحتياطي الفيدرالي''، عندما يحدث، سيؤسس لتشدد نقدي. لكن موعد ذلك لم يحن بعد.