فرنسا تتبع سياسة تقشف تدريجي
ليس لدى فرنسا رسميا خطة واحدة لخفض العجز والديون الوطنية الهائلة التي ساهمت في إثارة المخاوف في أوروبا بشأن الاستقرار المالي، حيث تكشف حكومة الرئيس نيكولا ساركوزي تدريجيا عن إجراءات مختلفة لخفض نفقاتها تفاديا للاحتجاجات.
ففي حين أعلنت الدول المجاورة بما فيها ألمانيا وبريطانيا وإسبانيا برامج واسعة بعشرات مليارات الدولارات من التخفيضات على الملأ ودفعة واحدة، أعلن ساركوزي وقادة فرنسيون آخرون خطط خفض النفقات واحدة بعد أخرى، وغالبا في جلسات خاصة، دون أن يأتوا على ذكر كلمة تقشف.
تدابير ومخاوف
وقال رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون أمام نواب المجلس التشريعي في جلسة خاصة إن الدولة ستخفض الإنفاق بقيمة 45 مليار يورو (56.4 مليار دولار) على مدى السنوات الثلاث المقبلة, وأعلنت الإجراءات في وقت لاحق في وسائل الإعلام الفرنسية.
من بين 150 من التدابير التي أعلنت في اجتماعات خاصة لمجلس الوزراء ما يتعلق بخفض 100 ألف وظيفة في القطاع الحكومي بين العامين 2011 و2013 عبر عدم استبدال نصف تقاعد العمال المتقاعدين، ومن المتوقع أن يوفر ذلك ثلاثة مليارات يورو (3.7 مليارات دولار).
ويأتي ذلك على رأس التخفيضات التي ينشدها ساركوزي في الميزانيات الإقليمية والمحلية.
وقال الخبير الاقتصادي جان هيرفيه لورينزي أمس السبت إن فرنسا لديها رؤية قديمة لشرح القرارات الاقتصادية للجمهور, وأضاف "إننا مقتنعون بأن إعلان الحقيقة تدريجيا في فرنسا يسهل تقبلها أكثر من قولها مباشرة وبوضوح، وهو ما يمثل في الحقيقة نقطة ضعف".
من جهته قال النائب المحافظ الفرنسي جان فرانسوا كوب إن الوقت قد حان لإنقاذ الميزانية وإن التقشف "ليست كلمة لعنة", وأشار إلى أن الفرنسيين هم الذين يطلبون منا اتخاذ قرارات مسؤولة.
وتخطط حكومة ساركوزي أيضا لرفع سن التقاعد من 60 إلى 62 سنة في إطار إصلاح نظام معاشات التقاعد. وكانت خطة العمل لذلك قد بدأت منذ سنوات, ولكن خروج نحو 800 ألف شخص إلى الشوارع منذ عشرة أيام احتجاجا على هذه الإجراءات أكدت مخاوف ساركوزي بشأن صعوبة دفع الفرنسيين إلى شد الأحزمة.
إجراءات غير ملائمة
ويتوقع أن تسجل ميزانية فرنسا هذا العام 384 مليار يورو (481 مليار دولار) من النفقات مقابل مداخيل تبلغ 268 مليار يورو (336 مليار دولار) مع عجز يصل إلى 8%. وتعهد ساركوزي بخفضه إلى 3% في العام 2013 ليتماشى مع قواعد الاتحاد الأوروبي، دون أن يشرح بوضوح كيف يمكن القيام بذلك.
وفي الوقت نفسه تنامت ديون البلاد الضخمة، حيث ارتفعت بمعدل 46.5 مليار يورو (58.2 مليار دولار) في الربع الأول من العام لتصل إلى 1.5 تريليون يورو (1.8 تريليون دولار)، أو ما يعادل 80.3% من الناتج المحلي الإجمالي وفقا للأرقام الصادرة الأسبوع الماضي.
ومن المفترض أن العديد من هذه التخفيضات ستحال إلى البرلمان الفرنسي في وقت لاحق من هذا العام للتصديق عليها ضمن ميزانية العام 2011. ويتساءل اقتصاديون عما إذا كان ذلك كافيا لتهدئة الأسواق القلقة أو تلبية الأهداف الخاصة بساركوزي.
من جهتها وصفت مارتين أوبري -التي تقود المعارضة الاشتراكية وتأمل في تحدي ساركوزي للرئاسة في غضون عامين- التخفيضات في إنفاق القطاع العام بأنها غير ملائمة وقاسية، مشيرة إلى مضاعفاتها السلبية على صعيد انعدام الأمن.
وكانت اليونان -حيث بدأت أزمة الديون في أوروبا- أعلنت تدابير تقشف بقيمة 30 مليار يورو (37.6 مليار دولار) في العام 2012 تشمل القطاع العام وخفض دفع معاشات التقاعد وزيادة الضرائب.
وانضمت منذ ذلك الحين أكبر الاقتصادات مثل ألمانيا مع خطة إنقاذ بقيمة 80 مليار يورو (100 مليار دولار) بحلول العام 2014، وأعلنت بريطانيا عن خطط لتوفير 50 مليار جنيه إسترليني (75.9 مليار دولار) في السنة.
المصدر: أسوشيتد برس