الأسواق ما بعد قمة الاتحاد الأوروبي، و الأنظار على قرار الفائدة السويسري
أقبل علينا أسبوع جديد بعد أن أنهى قادة الاتحاد الأوروبي قمتهم في بروكسل، و التي فشلوا فيها من الاتفاق الجماعي على تعديل معاهدة الاتحاد الأوروبي و بعد المحاولات المتواصلة من البنك المركزي الأوروبي لاحتواء الموقف، و هذا الأسبوع تتسلط الأضواء على قرار الفائدة من البنك الوطني السويسري، و مزادات بيع السندات الحكومية من منطقة اليورو خصوصاً، وسط استمرار سيطرة التذبذب و حالة عدم اليقين على الأسواق حول مستقبل أزمة الديون في المنطقة.
انتهت قمة الاتحاد الأوروبي الجمعة الماضية مع توصل دول الاتحاد الأوروبي الـ 27 دولة ما عدا بريطانيا إلى اتفاق على معاهدة أوروبية جديدة تحقق مزيدا من الانضباط المالي، تهدف إلى استعادة الثقة بالعملة الأوروبية، عقب أزمة الديون الأوروبية.
رفضت بريطانيا الانضمام إلى المعاهدة الجديدة بعد طلب لندن مجموعة استثناءات خاصة بها لم توافق عليها برلين وباريس، و تم تحديد موعد نهائي في آذار لتتوصل دول اليورو إلى اتفاق على معاهدة جديدة، بعد أن كانت فرنسا وألمانيا قد بادرتا إلى طرح مقترح الميثاق المالي سعياً منهما لإنقاذ العملة الأوروبية الموحدة (اليورو).
اتفق قادة الاتحاد الأوروبي على توفير 200 مليار يورو أضافية لمكافحة الأزمة إلى صندوق النقد الدولي من أجل تعزيز موارده، و وافق القادة أيضا على أن يكون صندوق الاستقرار المالي الأوروبي متاحا بأسرع وقت ممكن، مشيرا إلى أن آلية الاستقرار الأوروبي ستوضع حيز التنفيذ بحلول حزيران العام القادم.
يترقب المستثمرين أسبوع اقتصادي سوف يكشف النقاب عن قرار الفائدة السويسري إذ من المتوقع أن يقوم البنك بإبقاء سعر فائدة الاقتراض بين البنوك للثلاثة أشهر قريباً من الصفر ضمن المساعي لاحتواء الأثر السلبي من الارتفاع المطرد في سعر صرف الفرنك السويسري و الذي أضر الصادرات و مستويات النمو في البلاد.
تأثرت مستويات النمو في سويسرا من التراجع الحاد في الصادرات بعد الارتفاع المطرد في قيمة الفرنك السويسري, و الذي سلب من المنتجات السويسرية الميزة التنافسية مقابل المنتجات العالمية الأخرى, و يأتي هذا الارتفاع في العملة السويسرية على الرغم من محاولات البنك الوطني السويسري السيطرة على هذا الارتفاع طوال العاميين الماضيين.
فانخفاض معدلات التضخم في البلاد لمستويات سالبة على المستوى السنوي خلال الشهر الماضي يزيد من الضغوط على صانعي القرار الذي يواجهوا العديد من الصعاب، فقد لجأ البنك الوطني خلال الأشهر الماضية للتدخل في أسواق العملات لوقف الارتفاع الكبير في قيمة الفرنك إلا أن هذه التدخلات المتكررة بدون نتائج مرضية وسط تفاقم أزمة الديون السيادية في القارة الأوروبية.
يترقب المستثمرين خلال الأسبوع الاقتصادي بيانات التضخم من المملكة المتحدة خلال الشهر الماضي و تقرير الوظائف, و مع توقعات بإبقاء مؤشر أسعار المستهلكين على المستوى السنوي حول مستويات 4.8% من 5.0% مشحونا بشكل أساسي من ارتفاع أسعار الوقود في المملكة المتحدة و عوامل أخرى أشار لها البنك على أنها عوامل مؤقتة.
لا تزال الضغوط التضخمية المرتفعة مسيطرة على المملكة المتحدة ، و البنك المركزي لا يستطيع في المرحلة الراهنة تضييق السياسة للسيطرة على الارتفاع المطرد في معدلات التضخم نظراً لمسيرة النمو المتواضعة، و لكن ما يخفف من وطأة هذه السلبية التوقعات المستقبلية بمعاودة تراجع مستويات التضخم لمعدلات المقبولة على المدى المتوسط.
قرر البنك المركزي البريطاني الأسبوع الماضي المحافظة على سياسته النقدية بتثبيت سعر الفائدة المرجعي عند 0.50% و برنامج شراء الأصول عند 275 مليار جنيه ضمن المساعي لدعم مستويات النمو المتباطئة في البلاد، و خاصة مع انكماش أداء القطاعات الاقتصادية و الصناعي منها الذي انكمش خلال الشهر الماضي بأسرع وتيرة منذ عامين و نصف.
ضمن الحديث عن الصعاب التي تواجه المملكة المتحدة, فان المملكة تواجه خطرا كبيرا متمثلا بارتفاع معدلات البطالة في البلاد لمستويات مرتفعة, و الذي بدوره ينعكس سلبا على مستويات الإنفاق الاستهلاكي, و يزيد من تعقيد الموقف في المملكة.
ينتظر المستثمرين هذا الأسبوع معدل ilo للبطالة خلال الثلاثة أشهر المنتهية في نيسان و الذي من المتوقع أن يسجل ثابتا عند مستويات 8.3%, و من المقدر أن يسجل عدد طلبات الإعانة خلال أيار 13.6 ألف وظيفة مقارنة بالقراءة السابقة 5.3 ألف وظيفة.
عزيزي القارئ، أسبوع اقتصادي جديد نأمل أن يكون لقمة الاتحاد الأوروبي أثر ايجابي يبدأ مع بداية الأسبوع، و لكن هذا لا يمنع من سيطرة التذبذب و حالة عدم اليقين على الأجواء خاصة و أن الأزمة الأوروبية لم تحل بعد ، فقمة الاتحاد قد وضعت خارطة لرسم الطريق و ليست حلا جذريا للأزمة.