أكد أن احتمال تبني نظام عملة قائم على السلع الأساسية وارد على المدى الطويل
تقرير: فك ارتباط العملات الخليجية بالدولار يقوِّض «المكاسب الأخيرة»
«الاقتصادية» من الرياض
حذر تقرير اقتصادي حديث من أن فك ارتباط العملات بالدولار (ماعدا الدينار الكويتي) من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من التقلبات وتقويض بعض المكاسب الأخيرة ''في حال عدم وجود بديل أفضل''، مؤكدا في الوقت ذاته أن فوائد ربط دول مجلس التعاون عملاتها بالدولار ظهرت ''بشكل جلي'' خلال الأزمة الاقتصادية العالمية.
وبحسب تقرير أصدره ''الأهلي كابيتال'' حول إعادة تشكيل العملات الدولية، فإن الدولار الأمريكي سيحتفظ بمركزه كعملة احتياطي عالمية ''في غياب وجود بدائل واضحة له على المدى القريب''، مشيرا إلى أن ربط العملات بالدولار خدم بصفة عامة اقتصادات دول مجلس التعاون ''بشكل جيد''.
وذهب إلى أن الاحتياطي الكبير لدى اقتصادات دول مجلس التعاون مكّنها من أن تستمر في السياسة التي تنتهجها، وأن الانكماش العالمي حوّل سياسة ربط العملات بالدولار إلى ''مصدر راحة''. واستبعد التقرير اعتماد نظام العملة القائمة على السلع الأساسية قريبا، و''إن كان احتمال تبنيها على المدى الطويل أكثر ورودا''.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
حذر تقرير اقتصادي حديث من أن فك ارتباط العملات بالدولار (ماعدا الدينار الكويتي) من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من التقلبات وتقويض بعض المكاسب الأخيرة "في حال عدم وجود بديل أفضل"، مؤكدا في الوقت ذاته أن فوائد ربط دول مجلس التعاون عملاتها بالدولار ظهرت "بشكل جلي" خلال الأزمة الاقتصادية العالمية.
وبحسب تقرير أصدره "الأهلي كابيتال" حول إعادة تشكيل العملات الدولية، فإن الدولار الأمريكي سيحتفظ بمركزه كعملة احتياطي عالمية "في غياب وجود بدائل واضحة له على المدى القريب"، مشيرا إلى أن ربط العملات بالدولار خدم بصفة عامة اقتصادات دول مجلس التعاون "بشكل جيد".
وذهب إلى أن الاحتياطي الكبير لدى اقتصادات دول مجلس التعاون مكنها من أن تستمر في السياسة التي تنتهجها، وأن الانكماش العالمي حوّل سياسة ربط العملات بالدولار "إلى مصدر راحة".
واستبعد التقرير اعتماد نظام العملة القائمة على السلع الأساسية قريبا، و"إن كان احتمال تبنيها على المدى الطويل أكثر ورودا".
وفيما يلي مجمل التقرير:
في تحدٍ لتوقعات الانتعاش المستمر انخفضت مبيعات المنازل الجديدة بشدة بنسبة ٣٣ في المائة على أساس المعدل الشهري في أيار (مايو).
المعدل السنوي البالغ ٣٠٠ ألف وحدة أقل بكثير من تقديرات ٤٣٠ ألف وحدة، وهو أدنى معدل منذ بدء التسجيل قبل ٤٥ عاما. كما أن بيانات سوق العمل محبطة. انخفض معدل البطالة في أيار (مايو) إلى 7.9 في المائة بفضل تعيين 411.111 موظفا حكوميا مؤقتا للقيام بعملية التعداد السكاني. وحزيران (يونيو) من هذا العام شهد خسارة صافية قدرها 125 ألف وظيفة. وعلى الرغم من هذا الرقم فقد انخفض معدل البطالة الاسمي إلى 9.5 في المائة وكل هذا بسبب ٦٥٢ ألف شخص غادروا سوق العمل تماما.
الإصلاح المالي في أوروبا
انتقال أوروبا للتقشف حاليا يشمل ألمانيا التي أعلنت خطة لضبط أوضاعها المالية العامة بقيمة 81.6 مليار يورو للفترة ٢٠١١ إلى ٢٠١٤م. بما يعادل 2.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2009، وتتضمن الخطة مجموعة من تخفيضات الرعاية الاجتماعية وضرائب على السفر الجوي ومحطات الطاقة النووية. وتقترح الخطة زيادة ضريبة المعاملات المالية على البنوك التي قد تولد ملياري يورو سنوياً. وفي الوقت الحالي، تسعى فرنسا لوضع نظام المعاشات العامة الكبير على أساس أكثر استدامة من خلال رفع سن التقاعد من ٦٠ إلى ٦٢ عاما بحلول عام ٢٠١٨م، وتوفير ما يقدر بـ ١٩ مليار يورو.
الصين تعيد تقييم عملتها
لتهدئة مخاوف تقييم العملة بأقل من قيمتها قبل اجتماع مجموعة العشرين، أعلن البنك الشعبي الصيني أن العملة الرسمية ستحظى بمزيد من المرونة بعدما كانت تقف عند مستوى ثابت هو 6.82 رينمنبي للدولار منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2008م. وقد نما الاقتصاد الصيني بنسبة مثيرة للإعجاب وصلت إلى 11.9 في المائة في الربع الأول من عام 2010م، ولكن ضغوط التضخم وأسعار الأصول في ارتفاع مستمر. ينبغي أن يساعد سعر الصرف الأكثر مرونة على السيطرة على التضخم من خلال خفض تكلفة الواردات.
الأسهم العالمية
حالة عدم اليقين العالمية حول مشكلات الديون في أوروبا، إضافة إلى بيانات الاقتصاد الكلي المخيبة للآمال من الأسواق الرئيسة الأخرى، دفعت أسواق الأسهم نحو الهبوط في هذا الربع من العام. من بين مجموعة الدول الصناعية السبع، كانت اليابان وإيطاليا أكبر الخاسرين مع 415 في المائة و15.5 في المائة على التوالي خلال الربع الثاني من عام ٢٠١٠م. في الولايات المتحدة، قاد خفض بيانات الناتج المحلي الإجمالي وانخفاض مبيعات المنازل إلى خسارة مؤشر داو جونز الصناعي 10.0 في المائة على أساس فصلي، و3.6 في المائة على أساس شهري.
الأزمة الاقتصادية تجتاح العملات
من الممكن أن يكون جزء من الأزمة المالية العالمية عائدا إلى ظهور الاختلالات الاقتصادية العالمية التي يرتكبها نظام العملات العالمية غير المتكافئة. كان عدد من العملات المعومة محدودا بشكل فاعل على الدول الصناعية، في حين أن الاقتصادات الناشئة حافظت على ربط عملاتها أو التحكم فيها. ومن أشهر هذه العملات العملة الصينية التي ظلت مربوطة بالدولار الأمريكي على مدى الفترة 1994 وحتى 2005م. بعد ذلك ارتبطت بسلة عملات بعد ارتفاعها 2.1 في المائة، وقبل العودة إلى الارتباط بالدولار في تشرين الثاني (نوفمبر) 2008.
أين يكمن الخطأ؟
ارتفاع فائض الحساب الجاري ساعد الصين ودول الشرق الأوسط المصدرة للنفط على بناء احتياطيات ضخمة من النقد الأجنبي. في حالة الصين، نما الفائض بمعدل سنوي مركب نسبته 35.4 في المائة منذ عام 2001م ليصل إلى 2.4 تريليون دولار أمريكي في نهاية عام 2009. لقد أدت أزمة الديون السيادية في أوروبا إلى هروب مفاجئ لرأس المال نحو الأصول الدولارية، وقد دفعت المفارقات الدولار إلى الأعلى في الوقت الذي تجدد فيه الضعف الاقتصادي في الولايات المتحدة.
صعود الرنمنبي
أخيراً، تخلت الصين عن ربط عملتها بالدولار قبل اجتماع مجموعة العشرين الشهر الماضي في تورنتو. وفي حين أن توقيت هذه الخطوة ساعد على إزالة نقطة الخلاف الرئيسة، كان واضحاً كيف حفز الإلحاح المتزايد الخطوات السياسية والضغوط المتزايدة لمكافحة التضخم وكبح جماح الفقاعة الناشئة في سوق العقارات، مما يعيد إلى الأذهان التجربة اليابانية.
هل يرتفع الدولار تدريجيا؟
نظرا للتحديات التي تقف في طريق التحول الأساسي في سوق العملات، فإن ارتفاع الدولار يمكن أن يكون نقطة انطلاق ممكنة لمحاولة استعادة التوازن الاقتصادي بسبب أن معظم العملات في الأسواق الناشئة تتبع الدولار الأمريكي بشكل وثيق. مع ذلك، فإن ارتفاع قيمة الدولار ستؤثر سلباً في صادرات الولايات المتحدة، التي كان لها دور أساسي إلى جانب الاعتمادات الضريبية الحكومية في الانتعاش الاقتصادي للبلاد أخيرا. سيحتفظ الدولار الأمريكي بمركزه كعملة احتياطي عالمية في غياب وجود بدائل واضحة له على المدى القريب. مع ذلك، فإن الثروات المتحولة المقومة بالدولار، وتزايد القلق حول الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل، والقدرة التنافسية للولايات المتحدة؛ جميعها عناصر ستؤدي إلى تزايد تنويع الاحتياطي والجدال المتكرر حول إصلاح العملة العالمية. من المرجح أن تشهد السنوات المقبلة عدداً من العملات في الأسواق الناشئة ـــ وأبرزها الرينمنبي ـــ تنمو في مكانة وإمكانية الاتجار في الأساليب التي تعكس بشكل أفضل الوزن الاقتصادي العالمي للاقتصادات الناشئة.
العودة إلى الذهب مغرية!
لقد أدى تنامي عدم الاستقرار الاقتصادي في السنوات الأخيرة إلى تزايد الدعوات لنظام نقدي تقليدي. معيار الذهب وأفكار مماثلة تحصل مرة أخرى على الاهتمام، حيث إن الذهب يحد من سلطة الحكومة فيما يتعلق بتضخيم الأسعار من خلال الإصدار المفرط للعملة الورقية. أيضا سيقلل ذلك من عدم اليقين في التجارة الدولية من خلال توفير نمط ثابت لأسعار الصرف العالمية.
وقد دفع الاضطراب الاقتصادي الحاد عديدا من البنوك المركزية، خصوصاً في الأسواق الناشئة، إلى أن تزيد من احتياطيات الذهب لديها، وفي بعض الحالات المطالبة بالعملة القائمة على السلع الأساسية.
أي تحول على العملة القائمة على السلع الأساسية يزيد من شدة تعقيد الاختلالات الاقتصادية العالمية الحالية. وهذا يخلق حالة من الإغراء وحاجة إلى الاستفادة من المرونة التي توفرها العملة الورقية. تجدد الضعف الاقتصادي العالمي من المرجح أن يحتاج إلى حوافز إضافية، ومن المحتمل بشكل كبير أن نسبة من القروض الجديدة يجب أن تكون في متناول البنوك المركزية من خلال تسهيلات كمية. في الوقت نفسه، يبدو أن هناك قبولاً متزايداً لإمكانية استخدام التضخم المضبوط كوسيلة للحد من مستويات الديون العالية في الاقتصاد، وفي قصة اليابان مع الانكماش عبرة تحذيرية. وفي ظل هذه الظروف، من المستبعد اعتماد نظام العملة القائمة على السلع الأساسية قريباً، وإن كان احتمال تبنيها على المدى الطويل أكثر وروداً.
الاقتصاديات الخليجية
على الرغم من فترات التوتر، فإن ربط العملات الخليجية (ماعدا الدينار الكويتي) بالدولار خدم بصفة عامة اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي بشكل جيد. وقد أوجدوا أساسيات متناسقة وشفافة للسياسة النقدية، وكما كان مقرراً، عملت كقاعدة ثابتة لاستقرار الاقتصاد الكلي الأوسع نطاقاً.
وفي الآونة الأخيرة مع الجهود المبذولة لتعزيز مناخ الأعمال، ربط العملات كان مطمئناً للمستثمرين الأجانب الذين ازدادت أعدادهم بشكل كبير في المنطقة.
وعلى الرغم من هذه الفوائد المغرية، أثارت موجة التضخم في عام 2007/2008م جدلاً صاخباً حول مدى قدرة النظام الحالي على الاستمرار.
منتقدو نظام سعر الصرف الثابت أوضحوا عدم قدرة استدامة النظام في بيئة من معدلات التضخم المرتفعة، وضعف الدولار بسبب الضغوط طويلة المدى، واتساع الفجوة بين الدورات الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي ونظيرتها الأمريكية.
وبقدر ما تتحول الصورة العالمية لصالح مزيد من المرونة في أسعار الصرف، فإن الخليج، من وجهة نظرنا، لا يزال يشكل استثناء مهما على المدى القريب لهذه الحالة. وفي الوقت الحاضر فإنه ليس من الواضح أن سياسة البدائل ـــ أهمها ربط عملتها بسلة أو تعويم مدار ـــ أن تعود بفوائد كبيرة على الترتيب الحالي نظرا لطبيعة التجارة ومستوى تطور السوق المالية لدول مجلس التعاون الخليجي.
السياسة النقدية الخليجية
قبل الأزمة، تحركت اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي على مسارات مختلفة بشكل واضح، وبالمقارنة بالولايات المتحدة كان التباين أكبر.
وانعكس هذا التفاوت على كل بلد على حدة معتمدا على قطاع النفط والغاز فضلا عن الاختلافات في التحرير الاقتصادي وانفتاح الأسواق المالية.
على سبيل المثال: نمو الاقتصاد الأكثر تحرراً في الإمارات مرتبطا بعلاقة متبادلة مع الولايات المتحدة. وعلى نقيض ذلك عمان الأكثر انغلاقاً كان لها علاقة عكسية.
وخلال هذه الفترة، كان كل من الولايات المتحدة والإمارات متشابهين جدا في محركات النمو الاقتصادي ـــ الإنفاق عن طريق الاستدانة، الطفرة العقارية، ونمو الاستهلاك. على العكس من ذلك، فالنمو الاقتصادي في السعودية وقطر يستند أكثر إلى الإنفاق الاستثماري.
على الرغم من الاختلافات في الدورات الاقتصادية، فإن السياسات النقدية في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي تعكس السياسة النقدية للولايات المتحدة.
ومع وجود ربط للعملات بالدولار، كان على المصارف المركزية الخليجية في بعض الأحيان أن توفق بين استقرار الأسعار وحفاظها على معدلات الصرف الثابتة التي تبنتها. مع ذلك فخلال معظم العقود الماضية حققت البنوك الخليجية المركزية الاستقرار الاقتصادي من خلال الإبقاء على توقعات التضخم عند مستويات منخفضة، وتوفير الثقة بشأن أسعار الصرف.
لقد ظهرت فوائد ربط دول مجلس التعاون الخليجي عملاتها بالدولار بشكل جلي خلال الأزمة الاقتصادية الراهنة.
إضافة إلى تقليد الموقف النقدي المتساهل لـ "الاحتياطي الفيدرالي" الأمريكي، فالمصارف المركزية لدول مجلس التعاون الخليجي استطاعت أن تركز جهودها على النقاط الأكثر إلحاحا بدلا من انشغالها بإدارة أسعار صرف عملاتها في وجه التقلبات الكبيرة في أسعار النفط. وفي أثناء التمتع بالاحتياطيات الهائلة والاستقرار في فضاء السياسة النقدية، تمكنت المصارف المركزية في دول مجلس التعاون الخليجي من ضمان فعالية القطاع المالي والإقليمي وإمكانية تجاوز الأزمة العالمية بأقل الخسائر.
لا بديل عن الدولار
سلطت موجة التضخم في عام 2007/2008 الضوء على قصور نظام ربط العملات بالدولار خصوصا في ظل الخوف من تكرار الظروف نفسها.
وفي الوقت الذي انخفضت فيه قيمة الدولار بشكل حاد قفزت أسعار النفط الخام.
وبسبب تقيدهم بأسعار الصرف الثابتة اضطرت البنوك المركزية إلى شراء كميات كبيرة من الدولارات مما أدى إلى زيادة المعروض من عملات المنطقة على الرغم من الجهود المبذولة لفرض التوازن.
إضافة إلى موضوع السيولة، كانت الضغوط التضخمية مصحوبة بصدمات العرض مع تضخم أسعار المواد الغذائية العالمية كما تم قياسها من قبل صندوق النقد الدولي وكانت 15.2 في المائة في عام 2007 و23.3 في عام 2008. واعتماد اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي الكبير على استيراد المواد الغذائية تركها عرضة لضغوط الأسعار، فضلا عن إضافة المخاطر الكمية. ارتفاع التضخم جلب بدوره أسعار فائدة سلبية إلى هذه الاقتصادات، مما أجج فقاعات الأصول.
وفي نهاية المطاف، انهيار سوق العقار في دبي إلى جانب آثاره السلبية الموسعة على المنطقة أسفرت عن اضطرابات كبيرة في الاقتصاد الكلي. وعلى الرغم من التكهنات الكبيرة فإن الاحتياطي الكبير لدى اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي (490 مليار دولار في نهاية عام 2009) مكنها من أن تستمر في السياسة التي تنتهجها حتى أتى الانكماش العالمي وحول سياسة ربط العملات بالدولار مما ينظر إليه كعبء إلى مصدر راحة.
مزيد من المرونة
كلما واصلت دول مجلس التعاون الخليجي نموها سواء في حجم الاقتصاد أو تنوعه فإنه من المرجح وبمرور الزمن أن يصبح التأكيد على مزيد من استقلالية السياسة النقدية من الاهتمامات الرئيسة للسياسات في المنطقة.
وربما يحمل هذا في طياته خطوة نحو توجه لتحديد أسعار الصرف وفق مجريات السوق. ومع ذلك فإن النجاح في هذا الصدد مشروط بتعميق وزيادة تطوير الأسواق المالية وأدوات السياسة النقدية في المنطقة، وذلك للسيطرة على التقلبات غير الضرورية وتمكين المستثمرين والتجار من أخذ الحيطة من مخاطر أسعار الصرف.
وعلاوة على ذلك، فإن توفيق هذه الأهداف مع مقاصد التكامل الاقتصادي للمنطقة لا يزال ضروريا. لأن فك ارتباط العملات بالدولار في حالة عدم وجود بديل أفضل، من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من التقلبات وتقويض بعض المكاسب الأخيرة.
مع معايير التقارب التي وضعت بالفعل، وفي الغالب إلى جانب تلك التي أتت بعد ذلك في إطار معاهدة ماستريخت لليورو، فإن الاتحاد النقدي الخليجي والعملة الموحدة ستعمل كأساس منطقي لزيادة مرونة سعر الصرف. ومع ذلك، فإن الدروس المستفادة من الأزمة الأوروبية ذات أهمية كبيرة بالنسبة لاقتصادات الخليج، خصوصا عندما يكون الهدف هو تكرار النجاحات العديدة، بدلا من فشل تكامل الاتحاد الأوروبي.
إنفاق رأسمالي
على الرغم من الهزة التي أحست بها اقتصادات الخليج بسبب تجدد عدم الاستقرار العالمي، فإن أسسها القوية المقترنة بالاحتياطيات الحكومية الهائلة أبرزت قدرتها على تحمل الصدمات. فقد خصصت حكومات دول مجلس التعاون نحو 35 مليار دولار إضافية كإنفاق رأسمالي في موازناتها لعام 2010/2011.
وعلاوة على ذلك فقد قدر أخيرا مراقب الأعمال التجارية أن دول مجلس التعاون الخليجي ستستثمر 119.6 مليار دولار على البنية التحتية خلال العقد المقبل، بما في ذلك مشاريع للسكك الحديدية تشكل نحو 90 في المائة من المبلغ المذكور. وربما يكون المزيد من الإنفاق مبرراً.
تحسن أسعار النفط
بعد التراجع في أيار (مايو)، انتعشت أسعار النفط بنسبة لا تقل عن 0.9 في المائة خلال حزيران ( يونيو)، بيد أن أزمة الديون الأوروبية ومخاوف التدهور في الصين أثرتا على توجهات السوق. وبلغ متوسط سعر سلة أوبك المرجعية 73 دولاراً للبرميل في حزيران (يونيو)، أقل مما كان عليه في أيار (مايو) بنسبة 2 في المائة وبنسبة 6.7 في المائة منذ بداية السنة.
ومع ذلك، فقد حظيت الأسعار بدعم تسبب فيه الانخفاض الحاد في مخزون الولايات المتحدة من النفط الخام ـــ بخمسة ملايين برميل في الأسبوع ـــ انتهت في الثاني من تموز (يوليو) عام 2010، وهو انخفاض أكبر بكثير من التقديرات التي وصلت إلى 3.5 مليون برميل.
على الرغم من أن المخاطر السلبية ما زالت قائمة، فإن التوقعات قصيرة الأجل لأسعار النفط تظل متفائلة. وتتوقع وكالة معلومات الطاقة الأمريكية أن ترتفع أسعار النفط ببطء، إذ إن تعافي الاقتصاد العالمي سيحفز على ارتفاع الطلب.
التضخم في السعودية
التضخم الذي تم قياسه بمؤشر الأسعار الاستهلاكية خرق حاجز 5 في المائة في أيار (مايو) وارتفع إلى 5.4 على أساس سنوي بسبب ارتفاع الإيجارات وأسعار المواد الغذائية، وهذا الاتجاه استمر مع ارتفاع هامشي إلى 5.5 في المائة في حزيران (يونيو)، بينما ارتفع المؤشر القياسي للإيجار والوقود والخدمات المرتبطة بالإسكان ـــ الذي يمثل 18 في المائة من السلة ـــ بنسبة 9.2 في المائة على أساس سنوي و0.9 في المائة على أساس المعدل الشهري.
وبالمثل فإن المؤشر القياسي للأغذية الذي يمثل 26 في المائة من السلة ارتفع بنسبة 6.2 في المائة عن العام الماضي و0.6 في المائة عن أيار (مايو). التضخم في السعودية حاليا هو الأعلى بين دول مجلس التعاون الخليجي الست، كما أن استمراره، الذي يعزى إلى حد كبير للضغوط في سوق العقار، يتسبب بقلق حول زيادة متواصلة في توقعات التضخم.
العقارات السعودية والاستثمارات الخاصة
التقديرات التي أعدت لمعرض "البناء السعودي ـــ المعرض الدولي للمعدات الثقيلة والرافعات 2010 " المقرر إقامته في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل ترجح أن تصل استثمارات القطاع الخاص في القطاع العقاري الوطني إلى 150 مليار دولار بحلول عام 2012.
من المرجح أن يكون سوق آلات البناء واحد من أهم المستفيدين من هذا الازدهار الاستثماري ويتوقع أن ينمو بمعدل سنوي نحو 20 في المائة في السنوات الخمس المقبلة، كما أن القطاع (العقاري) سيستفيد من نحو 400 مليار دولار تمثل استثمارات الحكومة السعودية في أعمال البنية التحتية على مدى السنوات الخمس المقبلة.
وعلى الرغم من تنامي مسيرة البناء والتشييد فإن من المرجح أن تدفع قوة الطلب في أهم الأسواق العقارية السعودية الأسعار إلى الارتفاع بشكل ملحوظ في السنوات المقبلة. ارتفاع احتياطيات الذهب السعودي
وفقا لمجلس الذهب العالمي فإن احتياطيات السعودية من الذهب الموجودة في عهدة مؤسسة النقد السعودي تضاعفت من نحو 143 طن في آذار (مارس) إلى أكثر من 322.9 طن بقيمة 14.33 مليار دولار أمريكي، وهذا يعادل 3.5 في المائة من إجمالي الأصول الأجنبية للبلد التي قيمتها 413 مليار دولار، ما ارتقى بالسعودية للمركز الـ 16 في القائمة العالمية لحيازة الذهب الرسمية، مع ملاحظة أن أسعار الذهب بلغت أخيرا 1.262.75 دولاراً للأونصة لأول مرة.
تحسن مستوى الائتمان
بدأت الاعتمادات البنكية في المملكة أخيرا تظهر علامات الانتعاش. فبعد أن تقلصت بنسبة 2 في المائة على أساس سنوي في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، سجلت مطالبات القطاع الخاص في المصارف التجارية زيادة بمقدار 3.9 في المائة في أيار (مايو) مقارنة بـ 3.2 في المائة في نيسان (أبريل).
إذ بلغت مطالبات القطاع الخاص 753.4 مليار ريال سعودي في أيار (مايو)، أعلى من 750.6 مليار ريال سعودي في نيسان (أبريل). وتشمل مطالبات القطاع الخاص في أيار (مايو) زيادة بمقدار 3 في المائة على أساس سنوي في الائتمان المصرفي ( قروض ـــ سلف ـــ سحب على المكشوف ـــ فواتير مخصومة) وارتفاع 3.5 في المائة على أساس سنوي في استثمارات الأوراق المالية الخاصة.
مساكن دبي تحت الضغط
من المتوقع أن تبقى أسعار المساكن في دبي تحت الضغط خلال عامي 2010 و2011 وسط مخاوف متنامية من إغراق السوق بالعرض. ووفقا لتقديرات اختصاصيين في المجال من المحتمل أن تنخفض أسعار العقارات السكنية بنسبة 15 إلى 20 في المائة عند دخول 47 ألف وحدة سكنية جديدة السوق في نهاية عام 2010. ومن الممكن أن يشهد قطاع الإسكان في دبي زيادة 51.655 وحدة سكنية في عام 2011 وهو أعلى من 17 ألفا هي الفائض في عام 2009. وعلى الرغم من علامات استقرار الاقتصاد، يظل الطلب ضعيفاً وسط توقعات لمزيد من تصحيح الأسعار. ففي الربع الأول من عام 2010م انخفض الطلب على المساكن بنسبة 3.7 في المائة و14 في المائة على الشقق والفيلات على التوالي.
التضخم في الإمارات
وفقا للمركز الوطني للإحصاء فعلى الرغم من هبوط أسعار المساكن فقد ارتفع التضخم في الإمارات إلى ذروته منذ عام في أيار (مايو) بنسبة 0.88 في المائة على أساس سنوي، بينما انخفضت تكاليف الإسكان التي تمثل 39 في المائة من سلة أسعار الاستهلاك الكلي للشهر الثاني على التوالي بنسبة 0.52 في المائة في أيار (مايو) مقارنة بانخفاض 0.68 في نيسان (أبريل). وعلى النقيض من ذلك ارتفعت أسعار المواد الغذائية وتكلفة النقل بنسبة 1.16 في المائة و0.46 في المائة على التوالي دافعاً الرقم الإجمالي للتضخم إلى الأعلى.