2016-09-26
لن تكون عملية إنقاذ كوكب الأرض من آثار التغير المناخي الذي يعد الأسوأ على الإطلاق رخيصة، فبحسب الأمم المتحدة سيحتاج العالم لتخصيص 90 تريليون دولار على مدى السنوات الـ15 المقبلة لمواجهة هذه التغيرات.
وكنقطة مقارنة، بلغ الناتج المحلي الإجمالي العالمي 73 تريليون دولار عام 2015، ولا شك يحتاج العالم لمزيد من التحول نحو الطاقة منخفضة الانبعاثات واقتصاد مرن وبيئة مستقرة، على أن يصل لذلك سريعا، بحسب تقرير "نيويورك تايمز".
والسؤال المهم هنا، كيف يمكن للعالم تمويل هذا التحول، في ظل محدودية التمويل الحكومي لا سيما في البلدان النامية؟
السر في التمويل الخاص
- الحل هو التمويل الخاص لا سيما في ظل وجود وفرة عالمية من رأس المال الخاص، ولاستغلال هذه الثروات على الحكومات تهيئة الظروف التي تشجع الاستثمار الخاص في مجال التكنولوجيات النظيفة والتنمية المستدامة.مع وجود سياسات ذكية ومنسقة ونماذج تمويل وآليات مثل السندات وبرامج التحفيز، ستتمكن البلدان من معالجة بعض تحديات الكوكب الأكثر إلحاحاً بينما يساهم ذلك في الحفاظ على النمو الاقتصادي.
- تفهم كيفية تحفيز الحكومات لهذا النوع من الاستثمار كان محط اهتمام قمة مجموعة العشرين في الصين، ولأول مرة توصلت الدول المجتمعة إلى اتفاق حول المبادئ الحاكمة لتمويل هذا الاستثمار واعترفت بقدرته على تحفيز النمو.
- كان هذا الاتفاق خطوة أولى أساسية لخلق نظام مالي دولي لدعم المشاريع الخضراء وتوفير مبادئ توجيهية للبلدان حول كيفية تشجيع أنظمتها المصرفية على الدخول لهذا النمط.
- نما سوق السندات العالمية في هذا المجال إلى 41.8 مليار دولار في عام 2015 من 11 مليار دولار في عام 2013، وهناك شركات وصناديق خاصة تمول المشاريع الخضراء في الهند والمكسيك وجنوب أفريقيا والمغرب.
تحديات ومتطلبات
- التحدي القائم الآن هو البناء على هذه النجاحات وضمان توسع آليات تمويل مشاريع الطاقة الخضراء، حيث يمكن توفير التمويل اللازم لخفض انبعاثات الكربون في الاقتصادات التي تملك القدرة على تحقيق النمو وتوفير فرص عمل.
كي يحدث هذا سوف تحتاج الدول إلى تبني سياسات لتخفيض تكاليف الاستثمار في الطاقة منخفضة الكربون لجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين، وتحفيز التنمية المستدامة والنظيفة وزيادة أسعار الطاقة ذات الانبعاثات المرتفعة.
- هناك حاجة أيضاً إلى إلغاء الإعانات التي تشجع على استخدام واستخراج الطاقة القائمة على الكربون مثل الفحم والنفط، وهذه المتغيرات تتطلب إرادة سياسية قوية خاصة مع تباطؤ النمو الاقتصادي.
- قطعت الصين شوطاً كبيراً في هذا الصدد، وأعلنت تمويل المشروعات الخضراء "ضرورة إستراتيجية" رغم أنها تحتاج إلى تريليون دولار خلال السنوات الخمس المقبلة للخوض في هذه الخطة لتقليل الانبعاثات والاعتماد على الطاقة النظيفة.
- يمكن للحكومة الصينية أن توفر تمويلا بنسبة 15% من إجمالي ما هو مطلوب لتنفيذ الإستراتيجية، وفقاً لعدد من المراكز والمعاهد البحثية.
الصين تقدم نموذجاً للريادة
- بدأت الصين مؤخراً مبادرة لزيادة رأس المال الخاص من خلال بيع سندات لمشاريع الطاقة الخضراء، وبعد 6 أشهر أصبحت هذه السندات تمثل 40% من حجم السوق العالمي.
أصدرت الحكومة الصينية مؤخراً دليلاً إرشادياً يوضح الطريق الطموح لتوفير التمويل لهذه المشاريع، واختبارات التحمل البيئية، ومقاييس لضمان مصداقية الاستثمارات الخضراء، ومتطلبات الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
- في الصين يمكن لبواعث التلوث بيع أرصدة الكربون التي تحققت عن طريق تخفيض الانبعاثات إلى شركات أخرى لم تتمكن من تصريف الانبعاثات الكربونية لديها، وبذلك سيتم تحقيق ثروة عن طريق تحمل المسؤولية البيئية.
- تمويل تحول العالم إلى اقتصاد منخفض الكربون سيكون مكلفاً لكن لا يمكن تجاهله، وهناك أفكار ونماذج ورؤوس أموال كافية لإنجاز هذا التحول، والمطلوب الآن هو تحديد أولويات تطوير النظام المالي العالمي الأخضر.