أسبوع هادئ مر على الاقتصاد الأمريكي .. قد يكون الأهدئ في هذا العام
انقضى أسبوع هادئ شحيح بالبيانات والأنباء الاقتصادية الصادرة عن الاقتصاد الأكبر في العالم وصف على أنه فترة راحة، وذلك وسط افتقار الساحة الاقتصادية للبيانات الرئيسية الهامة الصادرة، ناهيك عن قرب انتهاء الموسم الثالث من الإفصاح عن نتائج الشركات الأمريكية.
حيث أن البداية كانت مع مؤشر مخزونات الجملة الأمريكية والخاص بشهر أيلول، حيث شهدنا ارتفاع المخزونات بنسبة 1.5% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.8% كارتفاع، وبأعلى من التوقعات التي بلغت 0.7 بالمئة، في حين كان من المنتظر صدور تقرير الميزان التجاري وأسعار الواردات عقب ذلك.
إذ صدر عن الولايات المتحدة الأمريكية مؤشر الميزان التجاري و الذي صدر لشهر أيلول، حيث تقلص عجز الميزان التجاري إلى 44.0 مليار دولار أمريكي مقارنة بالعجز السابق المعدل بقيمة 46.5 مليار دولار أمريكي و مقارنة بتوقعات الأسواق بأن يظهر عجز بقيمة 45.0 مليار دولار أمريكي، حيث ارتفعت الصادرات بمعدل 0.3% لتصل ما اجماله 154.1 مليار دولار، أما الواردات فقد انخفضت بمعدل 1.0% لتصل ما اجماله 198.1 مليار دولار أمريكي.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن انخفاض الدولار الأمريكي مؤخراً أسهم في تقليص العجز التجاري نظرا لدور هذا الانخفاض في دعم الصادرات الأمريكية و التي ستكون أرخص ثمنا في نظر المستهلكين على مستوى العالم مقارنة بالبضائع الأخرى، حيث انخفض الدولار الأمريكي مقابل العملات الرئيسية بشكل كبير خلال شهر أيلول خصوصا بعد أن قرر البنك الفدرالي الأمريكي اجراء حزمة تخفيف كمي جديدة بقيمة 600 مليار دولار، الأمر الذي أثار موجة من الانتقادات الحادة على مستوى العالم اتجاه سياسة الولايات المتحدة الأمريكية نحو تفضيلها لدولار ضعيف.
يذكر بأن العالم بأسره يشهد حالة من التوتر إثر إقرار الولايات المتحدة لخطة التخفيف الكمي 2 بواقع 600 مليار دولار أمريكي، الأمر الذي تراه الدول بمثابة كارثة للاقتصاد العالمي، وبأن المستفيد الوحيد من ذلك سيكون الاقتصاد الأمريكي، فيما تؤكد وجهة نظر أخرى على أن الكارثة ستعم الاقتصاد الأمريكي أيضاً، نظراً لعدم نجاعة البرنامج، فمتبنوا وجهة النظر هذه يقولون بأن الأموال التي ستضح للبنوك جراء شراء السندات الحكومية منها لن تسهم في تحسين إقراض المستثمرين، وسط تخوف البنوك من ذلك، جراء ضعف الأوضاع الاقتصادية بالمجمل في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي فلن يأت البرنامج أكله كما هو منتظر منه، ومن جهته فقد أكد وزير الخزينة الأمريكية تيموثي غايثنر على أن بلاده لا تستهدف إطلاقاً إضعاف الدولار الأمريكي في مسعى منها لدعم عجلة النمو في البلاد أو لدعم صادرات الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن ذلك لم ولن يطرح على أجندة الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة باراك أوباما.
أما بالنسبة لأسعار الواردات الأمريكية فقد شهدنا ارتفاعها خلال شهر تشرين الأول بنسبة 0.9% مقارنة بالانخفاض السابق الذي بلغ 0.1%، بينما شهدنا ارتفاع أسعار الواردات على الصعيد السنوي بنسبة 3.6 بالمئة، مقارنة بالارتفاع السابق بمعدل 3.5%، و توقعات المحللين بقيمة 3.9 بالمئة.
ويشكل ارتفاع أسعار الواردات أحد التهديدات التصخمية، حيث أن أحد التبعات السلبية لانخفاض الدولار الأمريكي بشكل كبير تتمثل في ارتفاع أسعار السلع بشكل عام، بالاضافة إلى ارتفاع أسعار النفط، و ذلك من شأنه أن يرفع من الكلفة التشغيلية في عمليات الانتاج و الذي سينعكس دون أدنى شك على مستويات الأسعار، و لكن في ظل استمرار الضعف الاقتصادي فمن المستبعد حصول ذلك على الأقل في المدى القصير، و لكن مع عودة الزخم لعملية التعافي فمن المحتمل أن نشهد ارتفاعا في مستوى الأسعار على المدى المتوسط.
يذكر بأن البنك الفدرالي أعرب عن قلقه إزاء ارتفاع مخاطر الانكماش التضخمي في الولايات المتحدة وسط تردي الأوضاع الاقتصادية في خضم ارتفاع معدلات البطالة لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ حوالي ربع قرن، إضافة إلى ارتفاع قيم حبس الرهن العقاري، وأوضاع التشديد الائتماني.
وفي النهاية فقد صدر عن الإقتصاد الأمريكي في الأسبوع الماضي القراءة الأولية لمؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلك عن تشرين الثاني، حيث ارتفع المؤشر ليصل إلى 69.3 مقابل 67.7 خلال شهر تشرين الأول وبأعلى من التوقعات التي بلغت 69.0.
وتعد مستويات الثقة لاعباً أساسياً في الاقتصاد الأمريكي عزيزي القارئ، حيث تدعم مستويات الثقة الأنشطة الاقتصادية في الولايات المتحدة، ومن المفترض أن تواصل ذلك خلال الأشهر المقبلة، حيث تشير النظرة المستقبلية إلى أن المستثمرين سيبحثون عن استثمارات ذات مخاطرة، مما يضغط على الاقتصاد ليسجل المزيد من النمو، حيث تشير التوقعات إلى استمرار عجلة التعافي والانتعاش في الاقتصاد الأمريكي من تبعات أسوأ أزمة مالية في سبعة عقود من الزمن خلال العام الحالي، قبيل أن يتمكن الاقتصاد الأمريكي من الوصول إلى مرحلة النمو على المدى البعيد بحلول العام 2011.