نرى الأسواق المالية هذا اليوم مستقرة بعض الشيء، لكن هذا الاستقرار جاء بعد انخفاض حاد حصل يوم أمس بفعل المخاوف التي تحيط في توقعات أزمة الديون السيادية، فمؤسسات التصنيف الائتماني من المحتمل أن تقوم بخفض التصنيف الائتماني لعديد من الدول الأوروبية هذا الأسبوع وسط إشارات من بعضها إلى أن ما قام به قادة الاتحاد الأوروبي غير كاف لإيقاف أزمة الديون السيادية التي ما زالت تتعمّق في الاقتصاد الدولي.
هذا اليوم، استطاعت مؤشرات الأسهم الأوروبية الارتفاع قليلاً كذلك ارتفعت الأصول التي تعرف بأنها أصول مرتفعة العائد، و يعزى سبب ذلك إلى عمليات جني أرباح لمراكز بيع على المكشوف، حيث اتجه المتداولون لتغطية تلك المراكز المالية قبيل اجتماع الفيدرالي الأمريكي اليوم. بذلك، كان ارتفاع اليوم و ما زال محدوداً جداً مقارنة في الانخفاض الذي حصل في الأصول مرتفعة العائد يوم أمس.
بالنسبة للدولار الأمريكي، فقد انخفض اليوم مصححاً بعض من مكاسبه يوم أمس، لكن بشكل عام نرى بأنه يتداول قريباً من أعلى مستوياته منذ 25/تشرين الثاني الماضي و يميل للارتفاع بين الحين و الآخر ليفرض لنا سيطرته على الأسواق المالية.
اليورو مقابل الدولار الأمريكي
أظهرت بيانات ألمانيا هذا اليوم قليلاً من التحسّن في مؤشر ZEW للشعور العام و كذلك تحسّن المؤشر نفسه تجاه الاقتصاد الأوروبي. لكن لو نظرنا إلى قيم تلك المؤشرات، فسوف نرى بأنها ما زالت ضمن السلبية، فقد سجّل مؤشر ZEW الألماني للشعور العام تجاه الاقتصاد 53.8- نقطة، فيما حقق مؤشر الشعور العام الأوروبي 54.1- نقطة، و بذلك نرى بأن الميل السلبي ما زال واضحاً في الثقة، و هذا شيء بديهي في ظل أزمة الديون التي تسبب تباطؤ حاد في الاقتصاد الأوروبي و يشمل أيضاً الاتحاد الأوروبي.
بعد انخفاض سعر صرف اليورو مقابل الدولار الأمريكي هذا اليوم إلى مستوى 1.3158 ، عاد و ارتفع بشكل طفيف مقارنة بانخفاض أمس، و لامس الأعلى عند سعر 1.3236 دولار لليورو لواحد، و حالياً نرى الزوج و قد عاد للاستقرار ما دون مستوى المقاومة 1.3220 مما يؤكد ضعف اليورو العام في الأسواق المالية.
إن استقرار الزوج ما دون مستوى المقاومة 1.3220 و 1.3270 يبقي على الميل السلبي العام، فيما قد يكون لكسر مستوى القاع الأخير 1.3144 تأثير كبير على الزوج لدفعه في مزيد من الاتجاه الهابط. إن مجمل البيانات الاقتصادية التي تصدر من الاتحاد الأوروبي و الدول فيه تشير إلى تأثر شديد في أزمة الديون السيادية، فيما أزمة الديون نفسها لم يثبت حلّها حتى الآن مما قد يبقي على الضغط السلبي على اليورو خلال الفترة المقبلة.
الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي
تداولات متذبذبة جداً للزوج، حيث بعد أن حقق الجنيه الإسترليني الأدنى له هذا اليوم عند 1.5564 دولار للجنيه الإسترليني الواحد، عاد ليرتفع مجدداً و يحقق الأعلى عند سعر 1.5628، لكن بعد هذا عاد الزوج للانخفاض ليتداول في مستويات شبه حياديه مع قليل من الميل لصالح الدولار الأمريكي.
إن ثبات الزوج تحت 1.5780 يبقي على الميل الهابط وارداً، فيما ثباته تحت سعر 1.5590 قد يكون تأكيداً إضافية على غَلَبة الدولار الأمريكي، و التحليل الفني يشير إلى أن احتمال حصول ذلك وارد جداً. بالنسبة للتحليل الأساسي، فبيانات اليوم التي تضمّنت بعض الإيجابية من ناحية مؤشر أسعار المستهلكين التي أظهرت ارتفاعاً مقداره 0.2% خلال شهر تشرين الثاني، إلا أن مستويات التضخم لا تكف عن الانخفاض و هذا ما توقّعه البنك البريطاني سابقاً، حيث انخفض التضخم السنوي بحسب مؤشر سعر المستهلك من 5.0% إلى مستوى 4.8%، كذلك نرى بأن مؤشر أسعار مبيعات التجزئة قد ارتفع حقاً على مستوى شهر تشرين الثاني، لكنه أيضاً انخفض على القيمة السنوية من 5.4% إلى 5.2%، و كل هذا يبقي على احتمال أن يستمر البنك البريطاني في سياساته المالية و النقدية الحالية، بل أن يدعم برنامج شراء الأصول في حال احتاج الاقتصاد لذلك في ظل انخفاض الضغوط التضخمية.
الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني
الانخفاض القليل الذي شهده الدولار الأمريكي هذا اليوم أثر عليه مقابل الين الياباني، حيث أن سعر صرف الدولار انخفض من مستوى 77.96 ين إلى 77.67 ين للدولار الأمريكي الواحد، لكن عاد الدولار الأمريكي لاكتساب بعض القوّة حالياً ليتداول مثبتاً استقراره فوق الدعم 77.60 مما قد يشير إلى أن الزوج متجه لتحقيق مزيد من الارتفاع بحسب التحليل الفني، خصوصاً و أن الزوج مستقر فوق الدعم الهام 76.55 منذ فترة.
اعتدنا أن نرى الأسواق المالية الضعيفة المغمورة في التشاؤم تجذب المتداولين نحو الين الياباني، لكن هذه المرّة نرى بأن الدولار الأمريكي هو المستفيد الأكبر، و ذلك منذ أن أثبت لنا بنك اليابان شدّته و حزمه لمنع الين الياباني من الارتفاع خشية إضعاف الاقتصاد أكثر. بذلك، قد يبقى الدولار الأمريكي هو المرجّح أن يرتفع مما قد يعيد الإيجابية للزوج مكملاً موجته الصاعدة التي حصلت سابقاً.