هذا الأسبوع تصدرت فيه البيانات الاقتصادية المشهد في المنطقة الأوروبية ككل و ذلك ما بين إعلان منطقة اليورو عن المؤشرات الأولية للنمو و إعلان بريطانيا على العديد من البيانات الهامة مثل البطالة ومبيعات التجزئة و التأكيد على ارتفاع درجة المخاطر التصاعدية للتضخم في البلاد.
بريطانيا
في بريطانيا كان أهم ما صدر في هذا الأسبوع هو تقرير التضخم الربع سنوي الخاص بالبنك المركزي و الذي أظهر فيه رؤية غير مستقرة للأوضاع الاقتصادية داخل البلاد. فمن ناحية التضخم ووفقا لمكتب الإحصاءات القومي فقد ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين السنوي في يناير/كانون الثاني إلى 4% من 3.7% للقراءة السابقة وهو بذلك لا يزال فوق الحد الأعلى للمستوى الآمن لإستقرار الأسعار وفقا للبنك المركزي عند مستوى 2% منذ 14 شهر، و على المستوى الشهري تراجع المؤشر إلى 0.1% من 1.0% للقراءة السابقة و جاء متوافقا مع التوقعات. الأمر الذي دفع برئيس البنك إلى إرسال خطاب للسيد وزير الخزانة ليشرح فيه أسباب هذا الارتفاع و الاجراءات الواجبة للسيطرة عليه.
وفي الخطاب الذي أرسله السيد ميرفن كينج رئيس البنك المركزي البريطاني إلى وزير الخزانة لشرح أسباب ارتفاع التضخم عن المستوى 3% فإنها ترجع إلى رفع سعر الضريبة على المبيعات و ارتفاع اسعار الطاقة عالميا بجانب تراجع قيمة الاستريليني أمام العملات الرئيسة. هذا وقد اضاف السيد كينج إلى أنه يحتمل أن يسجل التضخم مستوى لما بين 4% و 5% خلال الأشهر القليلة القادمة.
ووفقا لتقرير التضخم فإن البنك المركزي البريطاني كشف بل و أكد على المخاطر المحتملة التي قد تواجه الاقتصاد بشأن التضخم و الذي تأثر بسبب ارتفاع المستوى العام للأسعار عالميا و مدى إستجابة الشركات لهذا الارتفاع و من ثم انعكاسها على المستهلك على المدى المتوسط.
لذا فإن البنك يؤكد على حالة عدم التأكد التي تنطوي على التوقعات الخاصة بالتضخم خاصة بعد أن كان ينوه إلى إمكانية عودة التضخم إلى المستوى المتستهدف بنسبة 2% أو أدنى منه خلال العام القادم. لكن في الواقع يرى البنك أن المعدل لن يعاود الانخفاض إلا بداية من الربع الثالث من عام 2013 و قد يسجل 1.7%.أما بالنسبة للعام الحالي فإن التقرير يشير إلى أن يظل معدل التضخم في الارتفاع وقد يصل إلى ذروته مسجلا 4.4% بنهاية العام الحالي 2011.
وتطرق التقرير للتحدث عن توقعات النمو و الذي تنتطوي أيضا على حالة من عدم التأكد و كذا يواجه النمو مخاطر و ذلك بسبب الضغوط المتزايدة على البنك و لجنة السياسة النقدية حيث يتوقع أن يتم رفع سعر الفائدة لتصل إلى 1% بنهاية العام الحالي و قد تصل إلى 2% في عام 2012 و ما من ذلك من تأثير على النمو خاصة أن تلك التوقعات استندت إلى مستوى النمو الضعيف الذي شهدته البلاد في الربع الأخير من العام السابق و الذي عاد فيه الاقتصاد إلى الانكماش بنسبة -0.5% وهو أسوأ مستوى في عام خاصة أن الحكومة قد انتهجت سياسة خفض الانفاق العام و التي تعد الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية.
انتقالا إلى البيانات الأخرى ذات الأهمية وهي البيانات المتعلقة بسوق العمل، إذ سجل معدل ILO للبطالة للثلاثة أشهر المنتهية في ديسمبر/كانون الأول نسبة 7.9% و أظهر ارتفاع عدد العاطلين عن العمل بنحو 44 ألف عاطل ليصل إجمالي عدد العاطلين في البلاد حتى نهاية الربع الرابع من عام 2010 إلى 2.49 مليون شخص.و ارتفع عدد طلبات الإعانة في يناير/كانون الثاني بنحو 2.400 طلب ليصل إلى 1.46 مليون طلب بينما كانت التوقعات تشير إلى تراجع عدد طلبات الإعانة بمقدار 3 الآف طلب.
و ترى الحكومة أن القطاع الخاص من شأنه أن يوفر وظائف خلال الفترة المقبلة في الوقت الذي سوف يتم تسريح نحو 330 ألف شخص من القطاع العام حتى نهاية العام المالي 2015. و حتى الآن نتوقع أن يزداد معدل البطالة حتى نهاية العام المقبل.
أخيرا فإنه تم الإعلان عن مؤشر مؤشر مبيعات التجزئة المتضمن وقود المحركات و الذي جاء أفضل من التوقعات في يناير/كانون الثاني مستوى 1.9% من -0.7% للقراءة السابقة المعدلة بينما فاق التوقعات التي كانت تشير إلى 0.5% مسجلا بذلك أفضل مستوى منذ فبراير/شباط من العام السابق، أما على المستوى السنوي فقد سجل 5.3% من -0.7% للقراءة السابقة المعدلة بينما كانت التوقعات تشير إلى 0.4%.
وكان هذا الارتفاع مفاجئا خاصة أنها جاءت بثلاث أضعاف المتوقع بينما كانت في الشهر السابق قد سجلت انكماشا بينما كان يفترض أن يشهد فيه طفرات في عمليات البيع و الشراء خاصة مع بدء موسم العطلات و الاحتفال بالأعياد. إلا أن شدة برودة الطقس و التي كانت الأسوأ في بريطانيا منذ قرن كامل حالت دون تحقيق ذلك.
منطقة اليورو
في منطقة اليورو تم الإعلان عن البيانات الأولية للنمو عن الربع الأخير من العام السابق حيث بقيت وتيرة نمو اقتصادات منطقة اليورو عند نفس المستويات و دون تغير عن الربع الثالث بنسبة نمو 0.3%، بينما على المستوى السنوي سجلت نمو بنسبة 2.0% من 1.9% لنفس الفترة من العام السابق.
فيما جاء الدعم الرئيسي لنمو المنطقة من نمو الاقتصاد الألماني أكبر اقتصادات المنطقة بنسبة 0.4% في الربع الرابع من 0.7% للقراءة السابقة بينما حققت فرنسا نمو بنسبة 0.3% و إن كان دون تغير عن القراءة السابقة.
بينما كانت لتحسن أداء القطاعات الفضل في المساعدة على مواصلة النمو حيث حقق القطاع الصناعي نمو بقيمة 57.1 في ديسمبر/كانون الأول بينما تراجع نمو القطاع الخدمي إلى 54.2 من 55.4 في نوفمبر/تشرين ثان. لكن حالة الطقس السيء و البرودة الشديدة كانت عامل في التأثير السلبي على نمو المنطقة و أدت إلى تراجع الصادرات إلى 0.4%.
جدير بالذكر أن وتيرة التعافي قد شهدت تراجعا بداية من النصف الثاني من العام السابق وإن كان ذلك بالتوازي مع تراجع وتيرة نمو الاقتصاد العالمي و كذا ارتفاع قيمة اليورو أمام العملات الرئيسة الأخرى.
وكان البنك المركزي الأوروبي قد أشار في ديسمبر/كانون الأول إلى إمكانية أن تحقق المنطقة نمو بنسبة 1.7% في عام 2010 قبل أن تتراجع إلى 1.4% في عام 2011 ومن ثم سوف تعاود الصعود من جديد إلى 1.7% في عام 2012.
على الجانب الآخر فإن إجتماع وزراء المالية الأوروبيين فإن وزراء المالية الأوروبيين قد اتفق فيما بينهم على مضاعفة مبلغ شراء السندات في حزمة المساعدات إلى 500 مليار يورو إبتداءاً من عام 2013 و أتفقوا على أنه لا يوجد هنالك أي إجراء قد يتخذ بشأن دعم البرتغال في الوقت الحالي.