دبي – العربية.نت
أبدى اقتصاديون تخوفهم من تأثير تداعيات تقديم دول الخليج أي دعم مالي لمنطقة اليورو وفق الخطة التي أقرها الاتحاد الأوروبي أخيرا لمعالجة ديون دوله الأعضاء المتعثرين عن السداد، واصفين الخطوة بالمخاطرة العالية التي قد تنعكس سلبا على اقتصادات دول الخليج وزيادة معدلات التضخم، في ظل المؤشرات التي تحيط بصندوق الاستقرار الأوروبي المشكوك في نجاحها.
وتتحرك الاقتصاديات الكبرى للخروج من تداعيات الأزمة العالمية التي ولدت ركودا اقتصاديا كبيرا خلال قمة مجموعة العشرين التي انطلقت في مدينة كان جنوب فرنسا أمس بالبحث عن منافذ لتحقيق انتعاش حقيقي للاقتصاديات، خاصة أنها لم تحرز أي تحسنات واضحة منذ اندلاع الأزمة العالمية 2008، فالخطط والاستراتيجيات التي عملت بها الاقتصاديات لم تكن بالشكل الكافي للخروج من الأزمة.
وفي الوقت الذي تتحفظ بعض الدول الداعمة لخطة إنقاذ اليورو من الرد مثل الصين التي أبدت دعمها لمنطقة اليورو بـ100 مليون يورو فقط واعتذار الولايات المتحدة عن الدعم بسبب انشغالها بإنعاش اقتصادها، تتوجه الأنظار إلى دول الخليج باعتبارها تتمتع بفوائض مالية مرتفعة وقادرة على دعم منطقة اليورو.
وأكد رئيس مركز استشارات الجدوى الاقتصادية الدكتور محمد شمس، في تصريحات لصحيفة "الاقتصادية" السعودية، خطورة دعم دول الخليج للاتحاد الأوروبي ضمن الخطة التي يعمم لها الاتحاد الأوروبي. وقال "من المحتمل أن تمتنع اليونان عن السداد وبذلك خروجها من منطقة اليورو، فالتصريح الأخير لليونان بإجراء استفتاء للشعب حول قبول الدعم لسداد الديون أدخل الاتحاد الأوروبي في تذبذبات وتصارع بالقرارات.
وأشار شمس إلى أن هناك مخاطر متوقعة تواجه الاتحاد الأوروبي خلال الفترة المقبلة يتصدرها إعلان رسمي من الحكومة اليونانية بعدم سداد الديون وخروج البلاد من منطقة اليورو، وقد يتبعها دول أخرى؛ مما يعني انهيارا لليورو ووضع الاقتصاد العالمي في أزمة كبيرة مثل أزمة الثلاثينيات.
غياب الضمانات
من جانبه، أشار الخبير الاقتصادي عبد الرحمن الصنيع إلى أن غياب الضمانات التي تحمي دول الخليج باعتبارها من الدول الداعمة؛ نظرا إلى ارتفاع الفوائض المالية لديها سيدخلها في أزمات أخرى. وقال: "على الرغم من المصلحة التي ستستفيد منها دول الخليج في حال دعم منطقة اليورو من رفع الطلب على النفط والكيماويات والطاقة ورفع الإيرادات بشكل عام، إلا هناك خطر قد يواجهه الاقتصاد السعودي في حالة استجابة الاتحاد الأوروبي إلى خطة الإنعاش وسداد الديون؛ مما يرفع قيمة اليورو أمام الدولار، وبالتالي سيؤثر بشكل سلبي على الريال باعتبار الريال مرتبطا بالدولار، وأيضا يعمل على رفع أسعار صادرات أوروبا إلى مستويات قياسية قد ترفع معدلات التضخم في دول الخليج؛ لذلك لا بد من التريث والدراسة قبل دعم الاتحاد الأوروبي".
ولفت الصنيع إلى أن ما يمر به الاتحاد الأوروبي كان نتيجة طبيعية ونهاية متوقعة؛ نظرا إلى دخول دول غير متكافئة اقتصاديا مع دول أخرى؛ مما أدى إلى الانهيارات والاهتزازات في اقتصاديات بعض دول الأعضاء وهدد مستقبل اليورو.
مشاريع مشتركة
وحول الفائدة المرجوة من دعم دول الخليج للاتحاد الأوروبي، قال: إنها تعد خطوة أولى لإعادة الاقتصاد العالمي إلى مساره الطبيعي، حيث يعتبر الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ودعم دول الخليج له يرفع الطلب على النفط والكيماويات والطاقة، إضافة إلى تحسين التبادل التجاري في الاستثمارات المباشرة، واستعادة المشاريع الأوروبية المتعثرة في المملكة وطرح فرص استثمارية كبيرة وخلق فرص وظيفية جديدة؛ لذلك لا بد من الاستفادة من دعم الاتحاد الأوروبي بإيجاد مشاريع مشتركة وتقديم الجانب الأوروبي تسهيلات وامتيازات للدول الداعمة.
وشدد الصنيع على ضرورة أن تكون هناك اتفاقيات بينية وعقود مسبقة حسب الدعم المقدم تحفظ حقوق دول الخليج وتكفل استقرار وضع اقتصادات الخليج. وقال "تحسن الأوضاع الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي يعمل على تقوية اليورو كعملة؛ مما قد ينعكس سلبا على العملة المحلية الريال بسبب ارتباطها مع الدولار، فاليورو عملة منافسة وتؤثر على سعر الصرف الريال، كما أنه سيرفع أسعار السلع المستوردة من أوروبا والتضخم المستورد بالخليج".
ودعا إلى ضرورة أن تؤخذ مصلحة الاقتصاد الخليجي في الحسبان من خلال خطوات استراتيجية تكفل حمايته. وأضاف أن دول الخليج من أكبر الدول المستوردة من الاتحاد الأوروبي، ووارداتها أحد أهم المؤثرات في معدلات التضخم المستورد؛ لذلك لا بد من عقود واتفاقيات تحدد بفترات زمنية طويلة لا تؤثر عليها العملة.