شبح الإفلاس يهدد مستقبل منطقة اليورو واليونان
بينما تعاني منطقة اليورو من المشاكل الاقتصادية الناتجة من تداعيات الأزمة المالية العالمية في 2008، إلا أن أزمة ديون اليونان ما زالت تشكل أكبر تهديد لكلا من منطقة اليورو واليونان.
من خلال مؤتمر تليفوني يناقش اليوم مسئولين من الاتحاد الأوروبي ومن صندوق النقد الدولي مع وزير المالية اليوناني مدى قدرة الحكومة اليونانية على الوفاء بالتزاماتها لتصبح مستعدة لتسلم الدفعة المالية القادمة في شهر أكتوبر القادم، وذلك من إجمالي قيمة المساعدات التي تم اعتمادها في العام الماضي والتي كانت بقيمة 110 مليار يورو
وفي حالة فشل اليونان في إقناع المفتشين بقدرتها على تخفيض العجز الضخم في الميزانية والذي بلغ 140% من الناتج الإجمالي للاقتصاد في 2010، فإن اليونان سوف تواجه الإفلاس.
الآن دعونا نرى ما مدى التأثير في حالة إعلان إفلاس اليونان على كلا من اليونان نفسها والاتحاد الأوروبي
التأثير على منطقة اليورو
إن أهم الأشياء المؤثرة على الاتحاد الأوروبي هو إمكانية انتشار عدوى الإفلاس إلى السبعة عشر دولة أعضاء الاتحاد المستخدمين للعملة الموحدة، وذلك لأن معظم هذه الدول تعاني من عجز كبير في الميزانية، وبالتالي فإن الديون اليونانية سوف تدفع عوائد السندات للارتفاع في الدول المثقلة بالديون لتزيد من معاناتهم في سداد الديون، وعليه فإنه في حالة فشل أيا من دول الاتحاد عن سداد ديونها سوف تواجه بالطبع نفس مصير اليونان، ومن الناحية الواقعية فإن هذا السيناريو من المرجح أن يحدث في دول الاتحاد الصغيرة التي تلقت بالفعل مساعدات من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مثل إيرلندا والبرتغال، وفي حالة حدوث هذه المشكلة في الدول الكبيرة التي تعاني أيضا من أزمة الديون مثل إيطاليا وأسبانيا فإن ذلك سوف يؤدي إلى انهيار الاتحاد الأوروبي.
اضطراب سوق المال العالمي خاصة في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي الحالي على الصعيدين الأوروبي والعالمي، وذلك بسبب نظام حماية المستثمرين والذي يستوجب على صناديق الاستثمار أو الشركات التي هي في الأصل البنوك التجاري أن تقوم بدفع بوليصة تأمين للبائعين الذين هم في الأصل المضاربين، وهو ما سوف يصل إلى أعلى مستويات الخسائر في البنوك العالقة بالفعل في الخسائر بسبب تعرضها للدول المتأزمة بالديون.
سوف يواجه اليورو وكذلك الأسهم الأوروبية ضغوط كبيرة ربما تعرضها لتسجل أدنى مستويات لها مقابل العملات ذات العائد المنخفض، بسبب تراجع الثقة في منطقة اليورو والتي تسببت في قيام المستثمرين بتحويل استثماراتهم من منطقة اليورو باحثين عن أجواء استثمارية أكثر أمنا، لينتج عنها تباطؤ معدلات النمو بشكل أكبر والتي من الممكن أن تقود الاتحاد الأوروبي للدخول في ركود اقتصادي آخر.
سوف تواجه البنوك الأوروبية المتعرضة للديون اليونانية خصوصا البنوك الفرنسية والألمانية تخفيض تصنيفها الائتماني من قبل وكالات التصنيف الائتماني، وهو ما سوف يزيد من معاناتها في الحصول على الأموال التي أقرضتها لليونان.
ارتفاع حدة المخاوف في حالة قيام الاتحاد الأوروبي بطرد اليونان من عضوية الاتحاد، وهو ما سوف يؤدي إلى حدوث كارثة بعيدة المدى، بالإضافة إلى عدم تشجيع دخول أي أعضاء جدد لمنطقة اليورو.
التأثير على اليونان
تخفيض التصنيف الائتماني بشكل أكبر، المخفض بالفعل من قبل وكالات التصنيف الائتماني، يعني عدم قدرة اليونان على الاقتراض من أي من الحكومات أو البنوك، بالإضافة إلى عدم قدرة اليونان المثقلة بالديون على تسديد التزاماتها المالية خصوصا مع الارتفاع الكبير في عائدات السندات.
السياسة النقدية والتدخلات المالية الغير محدودة من قبل الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لتأمين سداد ديون اليونان، تعني أن اليونان سوف تخسر سيادتها، وهو من المتوقع أن ينتج عنه مزيد من أعمال الشغب على الصعيد الداخلي، خصوصا مع زيادة تدابير التقشف الصارمة لتخفيض العجز في الميزانية والتمكن من سداد الديون.
خفض الإنفاق المتوقع وزيادة الضرائب بواسطة الحكومة اليونانية ربما يدفع البلاد للدخول في ركود أو كساد لفترة طويلة، خصوصا في ظل ضعف النمو الذي يجتاح الاقتصاد العالمي.
حدوث اضطراب كبير في الأسواق المالية نتيجة الاتجاه الهبوطي الشديد المتوقع للأسهم اليونانية، ومعاناة البنوك وانخفاض الثقة.
في حالة طرد اليونان من الاتحاد الأوروبي فإن ذلك سوف يقود البنوك للعودة للعمل بعملة الدولة القديمة وهي الدراخما، والتي سوف تكون على الأرجح ضعيفة وغير مطلوبة، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة المشاكل في اليونان مثل التضخم بالإضافة إلى جعل سداد الديون أكثر صعوبة نظرا لانعدام قيمتها.
على الرغم من ذلك إلا أن عملية طرد اليونان من الاتحاد الأوروبي غير ممكنة، خصوصا بعد تصريحات ميركل وساركوزي في الأسبوع بأن مستقبل اليونان سيكون في منطقة اليورو
ومن ناحية أخرى، فقد أشارت ميركيل أن نظام منطقة اليورو لا يسمح بالتعثر المنظم لأي عضو من أعضاء الاتحاد، والذي سوف يكون متاح بعد إعلان آلية الاستقرار في الاتحاد الأوروبي في 2013، هو ما يعد إشارة غير مباشرة إلى أن الاتحاد الأوروبي لن يسمح بإفلاس اليونان قبل عام 2013
حتى الآن، الفشل في إقناع المفتشين بأن التدابير التقشفية الجديدة التي سوف تكون الحكومة قادرة على تلبيتها لتخفيض العجز في الميزانية خلال الفترة الحالية وفي العام القادم، سوف يحرم اليونان من الدفعة المالية المحددة في الشهر القادم، وهو ما يعتبر إفلاس وذلك لأنها ستفشل في الوفاء بالتزاماتها المالية.