تداولات متقلّبة للدولار
بعد الانخفاض الواضح الذي شهده سعر صرف الدولار الأمريكي يوم أمس، نراه اليوم و إذ به يتداول بميل للارتفاع محاولاً تقليص الخسائر التي تكبدها يوم أمس. بالنظر إلى أداء الدولار الأمريكي خلال الفترة الماضية، سوف نجد بأن مؤشر الدولار الأمريكي متجّه لإنهاء تداولات هذا الأسبوع بانخفاض و هذا الانخفاض هو للأسبوع الثالث على التوالي. إن فرق الفائدة بين الدولار الأمريكي و العديد من العملات الأخرى هو الذي يحدد حالياً اتجاه الدولار الأمريكي الذي يميل للسلبية مقابل العديد من العملات الأجنبية.
لكن، هذا اليوم نحن في انتظار بيانات مرتبطة في النمو و أخرى مرتبطة في التضخم من الولايات المتحدة الأمريكية، و هذه البيانات قد تكون سبباً لتغيير أو تأكيد في توقعات أن يقوم الفيدرالي بتأجيل رفع الفائدة أو اتخاذ أي خطوة لتصعيب شروط الائتمان. تشير توقعات البيانات الاقتصادية إلى احتمال أن يكون مؤشر سعر المستهلك قد ارتفع من مستوى 2.1% إلى 2.6% خلال السنة التي تنتهي في آذار الماضي و كذلك تشير توقعات بيانات مؤشر نيويورك الصناعي إلى احتمال أن يكون النمو في القطاع انخفض قليلاً و ظهر على شكل انخفاض في المؤشر من مستوى 17.00 إلى 17.50 نقطة لكن في المقابل من المحتمل أن يشير مؤشر الإنتاج الصناعي إلى نمو مقداره 0.6%.
هذه البيانات يجب أن يتم متابعتها بشكل دقيق، فاستقرار الضغوط التضخمية و ضعف النمو قد يكون إشارة تؤكد تأخّر الفيدرالي الأمريكي عن القيام بأي رفع في الفائدة أو تغيير في السياسات المالية خلال الفترة المقبلة متوسطة الأمد، لكن ارتفاع مستوى التضخم مصحوباً بتحسّن في البيانات المرتبطة في النمو قد يتم تفسيره على أنه عبارة عن إشارة إلى أن الفيدرالي الأمريكي قد يقوم برفع الفائدة أو تغيير السياسات المالية في وقت أقرب مما يعتقد الكثيرون. لكن، المزج بين هذه البيانات قد يكون له تأثير متقلّب على الأسواق المالية عامة.
من أوروبا، ما زلنا نرى آثار أزمة الديون السيادية و ما تسببه من قلق في الأسواق المالية و تخفيض للتقييم الائتماني للعديد من الدول. أظهرت بيانات التضخم الأوروبي هذا اليوم ارتفاع مستوى التضخم بأكثر من المتوقع إلى 2.7%، و هذا بالتأكيد يبرر قرار البنك المركزي الأوروبي في رفع سعر الفائدة في الاجتماع الأخير. إن المزيج الحالي بين مخاوف أزمة الديون الأوروبية و ارتفاع مستوى التضخم في الاتحاد الأوروبي يجعل سعر صرف اليورو هذا اليوم يتداول بتذبذب كبير مقابل الدولار الأمريكي.
تداول سعر صرف اليورو مقابل الدولار الأمريكي هذا اليوم بين الأعلى عند سعر 1.4503 و الأدنى 1.4439، فتضارب القلق تجاه النمو بسبب ضغوط أزمة الديون السيادية مع ارتفاع مستوى التضخم جعل المتداولين هذا اليوم يفضّلون انتظار بيانات الولايات المتحدة الأمريكية لتقرير السعر العادل لصرف اليورو مقابل الدولار الأمريكي. بشكل إجمالي، مالت تداولات سعر اليورو اليوم للهبوط مقابل الدولار الأمريكي لكنها ما زالت ضمن نطاق مألوف لم يخرج عنه اليورو معظم تداولاته هذا الأسبوع بين الأعلى 1.4519 و الأدنى 1.4363 دولار لليورو الواحد. بحسب التحليل الفني، الاتجاه الصاعد من الممكن أن يستمر بما أن اليورو يتداول فوق مستوى 1.4345، لكن يفضل هذا اليوم استقرار سعر صرف اليورو فوق مستوى 1.4455 من أجل تأكيد الاتجاه الصاعد الذي قد يسبب اختباراً لمستوى المقاومة 1.4500 مرّة أخرى و التي في حال استطاع الزوج الثبات فوقها فقد نرى اختباراً لمستوى المقاومة الأبعد 1.4580.
بالنسبة للجنيه الإسترليني، فتبدو الأمور أكثر تعقيداً بالنظر إلى ما هو المحتمل أن يقوم به البنك البريطاني و ما سوف يقوم به الفيدرالي الأمريكي خلال الفترة المقبلة. فكل من البنكين يتجه للحافظ على سعر الفائدة على ما هو عليه مع الاحتفاظ في السياسات المالية ما أمكن لدعم الاقتصاد. لكن، استطاع الجنيه الإسترليني هذا اليوم أن يترفع مقابل الدولار الأمريكي بعد جلسة أوروبية متذبذبة جداً تداول فيها زوج الجنيه مقابل الدولار بين الأدنى 1.6315 و الأعلى 1.6372 دولار للجنيه الإسترليني الواحد. بالرغم من أننا نرى الجنيه الإسترليني قد ارتفع اليوم لليوم الثالث على التوالي مقابل الدولار الأمريكي، إلا أن كل هذا الارتفاع ما زال يعتبر تعويضاً للخسائر التي تكبدّها الزوج خلال يوم الإثنين و الثلاثاء الماضيين.
يتداول سعر صرف الجنيه الإسترليني حالياً بين مستوى الدعم - المقاومة التي تم اختراقها – 1.6350 و بين مستوى المقاومة 1.6400. المقاومة الأخيرة يجب أن يتم اختراقها و الثبات فوقها بشموع الأربع ساعات من أجل تأكيد قدرة الجنيه على الاستمرار في اتجاهه الصاعد مقابل الدولار و إلا كان اختبار مستوى الدعم 1.6300 وارداً.
يستمر سعر صرف الدولار الأمريكي في الانخفاض مقابل الين الياباني بعد أن اجتاحت الأسواق المالية هذا الأسبوع حالة من القلق و التوتّر. و مع بيانات الصين هذا اليوم التي أشارت إلى ارتفاع كبير في التضخم ليصل إلى مستوى 5.4% مع استمرار النمو القوي في الاقتصاد و الذي قدّر بحوالي 9.7% خلال الربع الأول من هذه السنة، أصبحت الأسواق المالية حساسة جداً لأي سلبية قد تظهر. من المحتمل أن تقوم الصين برفع سعر الفائدة أو رفع نسبة الاحتياطي الإجباري للبنوك من أجل سحب السيولة من الأسواق المالية و قد تتخذ الصين هذا اليوم قراراً بهذا الشأن، و بذلك تتأثر أسواق الأسهم و أسواق السلع سلباً في هذا و بالتالي نرى الين الياباني يكتسب قوّة مقابل الدولار بسبب الاتجاه للين الياباني في ظل عمليات جني الأرباح التي استخدمت الين سابقاً من أجل بداية استثمارات في الأسواق المالية.
بعد أن لامس الدولار الأمريكي هذا اليوم مستوى 83.77 ين للدولار الواحد، عاد لينخفض و يلامس الأدنى عند 82.94 ين للدولار. لكن حالياً، نرى بأن سعر صرف الدولار مستقر في مستويات وسطية مع بعض الميل لصالح الين الياباني بسبب الضعف الذي ما زال الدولار يشكو منه بشكل عام رغم إيجابية التداولات هذا اليوم.
توخي الحذر مطلوب، و نحن في آخر يوم تداول في هذا الأسبوع و اجتماع الدول العظمى السبع و ما سوف يسفر عنه قد يكون سبباً لتغيّر كبير في اتجاه المتداولين و منه قد نرى انعكاساً على أسواق العملات الأجنبية. بذلك، يجب علينا متابعة البيانات الأمريكية بحذر كبير، مع مراعاة توقعات ما سوف يسفر عنه اجتماع مجموعة الدول السبع و ما هي التطورات التي سوف نشتقها من أي قرار أو تصريح من قبل المتحدثين بلسان تلك الدول.