بيانات بريطانية تزيد من حده التشاؤم في الأسواق الأوروبية
أكدت البيانات البريطانية قبل قليل استمرار ارتفاع الضغوط التضخمية في المملكة المتحدة فوق المستويات المقبولة، و هذا ما يزيد من الضغوط على صانعي القرار الذي يواجهون ارتفاع في الديون العامة مع تباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي خلال الأشهر الماضية، يأتي هذه البيانات السلبية مع تجدد المخاوف في الأسواق المالية بشان أزمة الديون السيادية على الرغم محاولات تريشيت تهدئة الأسواق، المحادثات بين الصين و ايطاليا حول شراء سندات حكومية.
تحسنت مستويات الثقة في الأسواق المالية مساء الأمس بعد أعلنت صحيفة فايننشال تايمز بأن الصين ترغب بتنفيذ مشتريات "كبيرة" من الدين الايطالي، وذكرت الصحيفة ان مسئولين ايطاليين كانوا في بكين قبل أسبوعين لمقابلة رئيس مؤسسة الاستثمار الصينية ومسئولي الإدارة الحكومية للصرف الأجنبي في الصين التي تدير الجزء الأكبر من احتياطي البلاد من النقد الأجنبي، و يعتقد الكثيرين بأن الصين تريد شراء 7 مليار يورو من السندات الحكومية الايطالية.
تعززت مستويات الثقة خلال التعاملات الصباحية بعد أن أكد محافظ البنك المركزي الأوروبي جون كلود تريشيت أمس في بازل، سويسرا بأن منطقة اليورو مسلحة بما يكفي لمنع أزمة الديون السيادية من الانتشار، و أكد بأن محافظي البنوك المركزية العالمية على استعداد لدعم القطاع المصرفي في ضوء تباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي.
تراجعت مستويات الثقة في الأسواق المالية مع تجدد المخاوف في الأسواق مع التوقعات بان المزاد الذي سوف تطرحه ايطاليا اليوم لن يبلغ المستويات المستهدفة، مما يزيد التوقعات بأن البلاد سوف تواجه العديد من الصعاب على الرغم من الجهود المبذولة لتخفيض العجز في الميزانية العامة في البلاد.
بالعودة إلى البيانات البريطانية، توسع العجز في الميزان التجاري للشهر الثالث على التوالي مع التراجع الحاد الذي شهدته الصادرات البريطانية خلال الأشهر الماضية متأثرة بانخفاض مستويات الطلب العالمي على البضائع البريطانية، و ارتفاع قيمة الجنيه الإسترليني التي سلبت المنتجات البريطانية الميزة التنافسية مقابل غيرها من المنتجات.
توسع عجز الميزان التجاري في المملكة المتحدة لشهر تموز إلى 8922 مليون جنيه مقارنة مع عجز الشهر السابق 8873 مليون، و الذي كان من المتوقع أن يتقلص إلى 8500 مليون جنيه، في حين تقلص عجز الميزان للمملكة دون دول الاتحاد الأوروبي في نفس الشهر إلى 5505 مليون جنيه مقارنة مع العجز السابق 5718 مليون و الذي كان من المتوقع أن يتقلص بشكل أكبر ليصل إلى 5450 مليون جنيه، أما عن مجمل الميزان التجاري، فقد تقلص العجز بشكل طفيف إلى 4450 مليون مقارنة مع السابق 4496 مليون و الذي كان من المتوقع أن يتقلص بشكل أكبر ليصل إلى 4200 مليون جنيه.
ارتفعت معدلات التضخم في البلاد لمستويات 4.5% من 4.4%، و هذا ما ينطبق مع توقعات البنك المركزي البريطاني باستمرار ارتفاع أسعار المستهلكين على المستوى السنوي لبلوغ مستويات 5.0% بنهاية العام الجاري، و هذا بدوره يزيد الضغوط التضخمية على البلاد التي تواجه تباطؤ حادا في مستويات النمو بعد إقرار الحكومة أكبر تخفيضات في الإنفاق العام.
صدرت قراءة أسعار المستهلكين في بريطانيا لشهر آب، فقد أظهرت القراءة الشهرية ارتفاعاً في الأسعار بنسبة 0.6% كما كان متوقعاً مقارنة مع القراءة السابقة 0.0%، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المستهلكين السنوية كما كان متوقعاً بنسبة 4.5% مقارنة مع القراءة السابقة 4.4%، أما أسعار المستهلكين الجوهرية السنوية، فلم تتغير عن القراءة السابقة 3.1% على عكس التوقعات بأن تنخفض إلى 2.9%.
أما أسعار مبيعات التجزئة، فقد ارتفعت خلال شهر آب كما كان متوقعاً لتُظهر القراءة الشهرية ارتفاعاً بنسبة 0.6% مقارنة بالقراءة السابقة 0.0%، أما القراءة السنوية فقد ارتفعت كما كان متوقعاً إلى 5.2% مقارنة بالقراءة السابقة 5.0%، في حين أن القراءة السنوية الجوهرية للمؤشر قد أظهرت ارتفاعاً فاق التوقعات وصل إلى 5.3% مقارنة مع القراءة السابقة 5.0% و التي كانت من المتوقع أن ترتفع بنسبة 5.2% فقط.
أبقى البنك المركزي سعر الفائدة المرجعي هذا الشهر سعر الفائدة المرجعي عند مستويات 0.50% الأدنى منذ تأسيس البنك المركزي، وسياسة شراء السندات الحكومية عند 200 مليار جنيه، و هذا دعم مستويات النمو المتباطئة في البلاد خلال الربع الثاني من العام الجاري.
يقف صانعي لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي البريطاني بين المطرقة و السندان، فارتفاع معدلات التضخم في البلاد يمنع صانعي القرار من توسيع نطاق برنامج شراء الأصول، و في الوقت نفسه تباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي في المملكة يمنعهم رفع معدلات الفائدة في البلاد للسيطرة على الارتفاع في معدلات التضخم.
لكن بما أن نظرة البنك المركزي البريطاني تميل نحو دعم مستويات النمو أكثر من الاستقرار، فأن التوقعات تدور بشكل أكبر نحو قيام البنك المركزي بتوسيع نطاق برنامج شراء الأصول و هذا ما يدعمه تباطؤ وتيرة النمو في البلاد لمستويات 0.2% خلال الربع الثاني مقارنة بالربع السابق بنمو بنسبة 0.5%.
بالإضافة إلى محضر اجتماع البنك المركزي البريطاني الأخير، عندما صوت أعضاء لجنة السياسة بالإجماع لتثبيت سعر الفائدة المرجعي، بعد أن تراجع مارتن ويل ، و دالي عن موقفهم تجاه رفع سعر الفائدة، هذا و أبدى البنك استعداد لتقديم الدعم للاقتصاد إذا استعدت الحاجة لذلك و لكن البنك ينتظر مزيدا من التأكيدات.
عزيزي القارئ، جميع المعطيات المطروحة من الاقتصاد الملكي تؤكد حقيقة واحدة بأنها أمام سياسة تخفيف كمي جديدة، و هذا ما دعمه وزير الخزينة البريطانية جورج اوزبورن الذي ترك الباب مفتوحا امام توسيع نطاق برنامج شراء الأصول حسب ما أكده في اجتماع مجموعة الدول السبع الكبرى.