تسود الأسواق المالية حالة من التوتّر و الاضطراب و التداولات استقرت ضمن نطاق ضيق. إن ذلك أمر طبيعي جداً في ظل انخفاض أحجام التداول مع اقترابنا لموسم الأعياد و العطلات آخر هذه السنة. فانخفاض أحجام التداول يزيد من التذبذب، لكنه يبقى ضمن نطاق ضيق. إلا أنه لو نظرنا إلى حركة العملات مقابل الدولار، فسوف نرى بأن العملات تبدو عاجزة من أن تحقق أي مكاسب جيدة مقابل الدولار، فالدولار يفرض سطوته و جبروته في الأسواق المالية بسبب الاتجاه له كعملة تصفية مراكز مالية إلى جانب الاتجاه للدولار كملاذ آمن و أصل من الأصول المنخفضة العائد في ظل الظروف الاقتصادية التي تسود الاقتصاد الدولي.
أزمة الديون السيادية ما زالت و قد تبقى خلال الفترة المقبلة هي الهم الأول للمتداولين و متابعي الأسواق المالية و الاقتصاد الدولي، فخطر خفض التصنيف الائتماني لعديد من الدول الأوروبي من قبل مؤسسات مثل موديز و فيتش، يزيد الأمور تعقيداً. فأزمة الديون السيادية تفرض على الأسواق المالية حالة التشاؤم العام، فهي تثبت لنا امتدادها و تعمّقها و تظهر لنا البيانات الاقتصادية التي تصدر في معظم الأحيان بأن أزمة الديون السيادية تسبب تباطؤاً واضحاً في الاقتصاديات العظمى في العالم أجمع و ليس فقط في أوروبا.
تداولت الأسواق الآسيوية هذا اليوم في سلبية إثر خبر وفاة قائد كوريا الشمالية، إذ أن مثل هذا الخبر يعطي احتمالاً للمتداولين للاعتقاد بأن حالة من الاضطراب السياسي قد تنشأ في البلاد لينعكس تأثيرها على الاقتصاديات الآسيوية المجاورة، ولا ينقص الأسواق المالية حالياً شيء إضافي من أجل القلق عليه تجاه الاقتصاد الدولي ! و جاء هذا الخبر أيضاً بمثابة صعقة دفعت مؤشرات الأسهم الآسيوية للانخفاض. و رغم أن مؤشرات الأسهم الأوروبية تتداول اليوم بإيجابية واضحة، إلا أن القلق ما زال واضحاً، و يبدو بأن الارتفاع الذي يحصل الآن يعكس عمليات جني أرباح تجارة على المكشوف، إلى جانب أن هذا الارتفاع تشارك فيه سيولة متواضعة في الأسواق المالية في ظل انخفاض كبير في أحجام التداول في العالم.
حذّرت مؤسسة فيتش لخدمات المستثمرين فرنسا و ست دول أوروبية أخرى من احتمال خفض التصنيف الائتماني لها، و مع التحذيرات التي بدأت تطال الدول الأوروبية العظمى، أصبح المتداولون أقل تمسّكاً في اليورو، و يتجّهون للعملات الأخرى و أهمها الدولار مما يكسب الدولار قوّة فيما يبقى اليورو ضمن مستويات الضعيفة.
البيانات الاقتصادية الأوروبية هذا اليوم عكست ضعفاً في قطاع البناء، إذ حصل انكماش آخر في مخرجات البناء لشهر تشرين الأول الماضي، حيث أظهرت البيانات انكماش المخرجات بواقع 1.4% و تبع ذلك انكماشاً مقداره 1.5% في شهر أيلول. كما و قد أظهرت بيانات الحساب الجاري المعدّل موسمياً لشهر تشرين الأول الماضي عجزاً وصل إلى 7.5 مليار يورو، و هذا ما يقلق الأسواق المالية من تأثير أزمة الديون السيادية العميق على أوروبا، و يقلل جاذبية اليورو للمتداولين.
اليورو مقابل الدولار الأمريكي
انخفض سعر صرف اليورو هذا اليوم مقابل الدولار ليلامس الأدنى له عند سعر 1.2981 دولار لليورو الواحد، و تميل التداولات الحالية لصالح الدولار الأمريكي بعد أن اكتفى اليورو في الأعلى له هذا اليوم عند سعر 1.3041. إن مستوى 1.3045 يمثّل أول مستويات المقاومة الهامة أمام الزوج، و الثبات ما دون هذا المستوى قد يدفع الزوج للتداول ما دون مستوى الحاجز النفسي 1.3000 دولار لليورو الواحد، و بمجرّد الثبات ما دون هذا المستوى، قد نرى الميل السلبي يتعاظم على اليورو.
إن أوضاع الاتحاد الأوروبي غير مستقرة بنظر المتداولين، و التشاؤم يزداد يوماً بعد يوم، خصوصاً بعد الفشل من قبل القادة الأوروبيين سابقاً في إقناع الأسواق المالية في خطّة قادرة على إنقاذ أوروبا من أزمة الديون السيادية. و مع انتظار مناقشة خطّة تقديم 200 مليار يورو لصندوق النقد الدولي، لا نرى إلا حذراً شديداً في الأسواق المالية عموماً مما يبقي على تداولات اليورو في نطاقه السلبي مقابل الدولار الأمريكي.
الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي
يتداول الجنيه الإسترليني في ميل سلبي مقابل الدولار الأمريكي، فقوّة الدولار الأمريكي سحقت حتى العملات التي تبدو و كأن لا ذنْب لها في ما يحصل من قوّة للدولار و المكتسبة من حالة التشاؤم في الأسواق المالية. بل أن الجنيه الإسترليني لا يعتبر فعلاً أصلاً ذو عائد مرتفع، لكن قوّة الدولار ما زالت تسيطر على تحرّكات الزوج عموماً. هنالك بعض الجهات تشير إلى أن وضع الاقتصاد الملكي غير مستقر، إذ أن أزمة الديون السيادية قد تنعكس بشكل غير مباشر بل بشكل مباشر على الاقتصاد الملكي، و لذلك نرى بأن الدولار مفضّل في الوقت الراهن على العديد من العملات الأخرى، مما يبقي الجنيه الإسترليني ضحيّة من ضحايا قوّة الدولار الأمريكي.
انخفض سعر صرف الجنيه الإسترليني هذا اليوم ليلامس الأدنى له عند سعر 1.5462 دولار للجنيه الإسترليني الواحد، و قد اكتفى الزوج في تحقيقه الأعلى هذا اليوم عند مستوى 1.5543 دولار للجنيه قبل ذلك الانخفاض. رغم أن الجنيه الإسترليني يحاول تقليص خسائره مقابل الدولار حالياً، لكن ما زالت التداولات تميل لصالح الدولار بشكل واضح على مستوى هذا اليوم.
يظهر لنا التحليل الفني بأن تداول الزوج ما دون مستوى 1.5555 يبقي على احتمال بقاء الضغوط السلبية على الزوج، بل أن الثبات ما دون مستوى 1.5780 يبقي على الاتجاه الهابط بشكل عام. التحليل الفني متشائم أيضاً تجاه الجنيه الإسترليني مقابل الدولار، و هذا التشاؤم قد يزيد في حال استقر الزوج ما دون سعر 1.5420 دولار للجنيه الإسترليني الواحد.
الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني
حتى الين الياباني لم يسلم من حالة التشاؤم هذا اليوم، رغم أننا اعتدنا فيما مضى بأن يتجّه المتداولون نحو الين الياباني كملاذ آمن و أصل من الأصول المنخفضة العائد، إلا أن خبر وفاة زعيم كوريا الشمالية أقلق المتداولين من احتمال تأثيرات سلبية سياسية تنعكس على الاقتصاد الياباني من كوريا الشمالية. لذلك، شهدنا اليوم ابتعاداً حتى عن الين الياباني مقابل الاتجاه نحو الدولار الأمريكي.
ارتفع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني من الأدنى له هذا اليوم عند سعر 77.70 و حقق الأعلى عند سعر 78.16 ين للدولار الأمريكي الواحد، و هذه التداولات ما زالت تميل لصالح الدولار الأمريكي.