مخاوف كويتية من تداعيات خفض التصنيف الائتماني الامريكي على الاقتصاد
أعرب خبراء كويتيون عن تخوفهم من التداعيات السلبية التي يمكن أن تتركها أزمة خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة على اقتصاد بلادهم لاسيما اذا تراجعت أسعار النفط.
ويعتبر النفط عصب الحياة الرئيس في الكويت ويشكل أكثر من 90 في المئة من قيمة الايرادات العامة الكلية للدولة طبقا لارقام شبه رسمية.
وقال هؤلاء الخبراء لرويترز ان أهم مجالات القلق تكمن في التراجع المحتمل لاسعار النفط بالاضافة للتأثير على سعر صرف الدولار وتأثر الاستثمارات الحكومية الكويتية في الولايات المتحدة.
وقال عامر التميمي المحلل الاقتصادي ان تأثير أزمة الولايات المتحدة على الكويت لن يكون مباشرا وانما من خلال تراجع الطلب على النفط مما سيؤدي لهبوط الاسعار وهو ما يؤثر على ايرادات الكويت.
وأضاف التميمي أن التأثير سيأتي أيضا من خلال هبوط الاسواق العالمية التي تمتلك فيها الحكومة الكويتية والقطاع الخاص أصولا بالاضافة الى تأثر الاستثمارات الكويتية الاخرى في الخارج سواء الحكومية أو الخاصة مثل العقارات وغيرها وكل ذلك سينعكس بشكل سلبي على المديين المتوسط والبعيد.
وفقدت الولايات المتحدة الجمعة الماضي تصنيفها الائتماني الممتاز *****AAA من قبل مؤسسة التصنيف الائتماني ستاندرد اند بورز في تعديل غير مسبوق لوضع أكبر اقتصاد في العالم بسبب مخاوف بشأن العجز في الميزانية الحكومية وارتفاع أعباء الديون.
وقال سليمان السهلي رئيس مجلس الادارة العضو المنتدب في شركة الساحل للتنمية والاستثمار ان الكويت ليست بمنأى عما يحدث في العالم مشيرا الى أن الولايات المتحدة تمتلك أكبر اقتصاد في العالم كما أن كثيرا من الاستثمارات والاصول مقومة بالدولار.
ويرى جاسم السعدون مدير مركز الشال للاستشارات الاقتصادية أن الخوف والرعب الحالي ناتج عن القلق من حدوث "سيناريو الكارثة" على غرار أزمة الكساد العالمي عام 1929 مشيرا الى أن هذا السيناريو مستبعد لاعتبارات عدة.
وقال السعدون ان "سيناريو الكارثة" يتصور انهيارا في أسعار النفط على غرار الانهيار الذي أصابها عام 2008 عندما تراجعت الاسعار من مستوى 147 دولارا للبرميل في يوليو تموز 2008 الى أكثر قليلا من 30 دولارا في ديسمبر كانون الاول من نفس العام بالاضافة الى انهيار سعر صرف الدولار.
واضاف "هذا السيناريو اذا حدث سيؤثر علينا كما سيؤثر على الصينيين والهنود وغيرهم لكن هذا لن يتحقق.. ما سيحدث الان ببساطة أننا سنفقد بضعة دولار من أسعار النفط وسنفقد (قليلا) من قيمة الاصول (الكويتية في الخارج)."
وبرر السعدون تفاؤله بعدم حدوث سيناريو الكارثة "لسبب بسيط أنه لا أحد يستطيع احتماله.. والخوف من التجربة لن يسمح بتكرار ذلك."
وذكر السهلي ان الكويت مستثمرة في السندات الامريكية وهو ما يجعل تأثرها مؤكدا بتخفيض تصنيف هذه السندات.
وتصنف الآن سندات الخزانة الامريكية التي كان ينظر اليها في الماضي على أنها الاكثر امانا في العالم عند مستوى أقل من السندات التي تصدرها دول مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا وكندا.
وقال عامر التميمي ان اجمالي حجم الصندوق السيادي في الكويت يصل الى 300 مليار دولار موزعة على بلدان عدة ومن الصعب حاليا تقدير حجم الضرر أو التراجع الذي قد يصيبها لاسيما أن الاسواق العالمية لم تستقر بعد.
وذكر السعدون أن الارقام المعلنة تشير الى أن حجم الاستثمارات الحكومية الكويتية في الخارج تتراوح بين 240 و250 مليار دولار "وبالتأكيد حصة الدولار فيها غالبة."
وأكد السهلي أن أزمة 2008 والازمة الحالية يؤكدان ضرورة تنويع الاستثمارات الكويتية لتوزيع المخاطر لكنه قال ان "عملية التحويل السريع ليست عملية بسيطة خصوصا في الاستثمارات الاستراتيجية.. ليس سهلا أن تنتقل بسهولة."
وكانت الكويت أعلنت في مايو أيار 2007 اعادة ربط الدينار بسلة من العملات العالمية على النحو الذي كان متبعا قبل يناير كانون الثاني 2003 وليس بالدولار فقط.
واكد الشيخ سالم العبد العزيز الصباح محافظ بنك الكويت المركزي في حينها أن الانخفاض الكبير في سعر صرف الدولار الامريكي كانت له انعكاسات سلبية على الاقتصاد الكويتي.
وأشار السعدون الى أن أن تأثير ربط الدينار بسلة عملات يقتصر على منح مرونة أكبر لبنك الكويت المركزي في تحديد سعر صرف العملة في تعامله مع التضخم المستورد "لكن المخاطر الرئيسية تكمن في أسعار النفط.. والاستثمارات (الخارجية) ومعظمها بالدولار."
وقال السهلي ان اعتماد سلة العملات يخفف المخاطر "لكن نسبة الدولار لمكونات السلة نسبة كبيرة جدا.. كما أن ايرادات الدولة وعائدات البترول كلها بالدولار.. والودائع معظمها بالدولار" وهو ما يجعل هناك تأثير مؤكد على الكويت جراء أي هزات للعملة الامريكية.
وضربت موجة هبوط عاتية أسواق الاسهم في المنطقة منذ بداية الاسبوع عقب وهبط مؤشر بورصة الكويت حتى اغلاق يوم الخميس 3.55 بالمئة ليصل الى 5850.6 نقطة.
وعزا التميمي تأثر بورصة الكويت بالازمة الامريكة الى أن كثيرا من الشركات المدرجة تمتلك أصولا في الخارج.
وقال ان الحكومة الكويتية مطالبة بمعالجة الاختلالات البنيوية في البورصة ودعم الشفافية وحسم تطبيق قانون هيئة أسواق المال وتوفير صناع للسوق وتوفير الهياكل القانونية والمؤسسية التي تساعد على استقرار السوق.
وقال السعدون ان الحكومة كان يجب عليها منذ زمن أن تقوم "بضبط السياسة المالية المنفلتة والسيطرة على النفقات العامة."
وذكر أنه كان يجب على الحكومة أن تشكل فريق أزمة للتعامل مع الموقف على غرار الفرق التي تكونت في دول كثيرة ولو "من باب ذر الرماد في العيون."
وأضاف "من المفترض من الان أن نبدأ بسياسات تقشف كما هو حادث في بريطانيا والولايات المتحدة ودول أخرى.. (ونجري) محاولات ضبط الانفاق بقدر ما نستطيع