هل تُسخّر مزيد من التكنولوجيا لصالح النفط؟
أسهم التطور التكنولوجي في جعل الولايات المتحدة الأمريكية أكبر منتج عالمي للبترول والمكثفات والغازات المصاحبة فيما سمحت بإعادة التصدير بعد أربعة عقود من الحظر، بالتزامن مع نمو إنتاج الغاز وذلك بفضل الابتكارات في مجال التكسير الهيدروليكي وتكنولوجيا الحفر الأفقي، فيما نلقى نظرة على التطور الحاصل في استخدام تطور التكنولوجيا.
وبدأت شركات النفط في استخدام التقنيات الجديدة من أجل خفض تكاليف الإنتاج، فحين كان سعر برميل النفط يبلغ 100 دولار أو أكثر، كانت الشركات تُركز على حفر الآبار وضخ النفط الخام بأسرع ما يُمكن، لكن حين بدأ تراجع الأسعار صارت الشركات تركز على الكفاءة، وعلى استخراج أكبر قدر من النفط بأقل تكاليف ممكنة.
كيف يتم تسخير التكنولوجيا لصالح النفط؟
- من هذا المنطلق، تلجأ كثير من الشركات إلى استخدام التكنولوجيا المتقدمة لمساعدتها على خفض إنتاجها، وتقول كبرى الشركات في مجال خدمات حقول النفط مثل "هاليبرتون" و"شلمبرجيه" إن العملاء صاروا أكثر احتياجًا للتقنيات التي توفر عليهم الأموال.
- تستخدم بعض الشركات معدات ذات تقنية عالية وتحليلات البيانات قبل الحفر، للتأكد من أن الآبار الجديدة بها أكبر قدر من النفط الخام، بينما تبحث شركات أخرى عن تقنيات جديدة تسمح باستخراج المزيد من النفط الخام من الآبار الجديدة والقديمة.
- تبحث العديد من الشركات عن أحدث طرق التكسير الكيميائي للنفط لاستخراج أكبر كم من الآبار، ولا يزال هذا الأمر محل تجربة، ولا تعرض الشركات نتائجه على الجمهور، لكنها مستمرة في المحاولات.
- بدأ المهندسون يعتمدون على البرمجيات وأجهزة الاستشعار أكثر من أي وقت مضى، لتحديد الأماكن الصحيحة لاستخدام كميات مختلفة من الرمال والماء والمواد الكيميائية لإنتاج أكبر كم من النفط.
نماذج عربية
- لا تزال خدمات قطاع النفط والغاز تُدار بالطرق التقليدية، بعيدًا عن الرقمنة في العالم العربي، إلا أن هناك نموذجين على اتجاه الشركات العربية إلى التكنولوجيا المتقدمة في قطاع النفط، وهما:
- "آي ديجيتس": شركة مصرية ناشئة قررت رقمنة خدمات الفحص والتفتيش والتحقق، التي تُجريها الشركات على الرافعات والمعدات في قطاع النفط والغاز، وقامت الشركة بإطلاق تطبيق "بيكسل" Bexel الذي يعمل على الحوسبة السحابية في يناير 2014، كأول تطبيق يدعم قطاع المراقبة على شركات النفط والغاز.
- "كور إيكو": شركة سعودية ناشئة أطلقت جهازًا يمسح عينات من الصخور لتحديد خصائصها مثل المسامية والنفاذية، وكان ذلك في 2014، ثم احتضنتها جامعة الملك فهد للبترول والمعادن عام 2015، وجمعت نحو 20 ألف دولار كاستثمارٍ تأسيسي، وخصص هذا المبلغ لتطوير نموذج العمل الأوليّ الذي يستخدم اليوم لاختبار المنتج النهائي مكعب الشكل. كما وأغلق الفريق أول جولة تمويلٍ له مؤخرًا، بعد جمع مبلغ قدره 600 ألف ريال سعودي من شركة "وادي الظهران للتقنية".
كيف تفيد التكنولوجيا قطاع النفط والغاز؟
- وفقًا لتقرير صدر عن شركة "لوكس ريسيرش" قبل فترة من المتوقع أن تُزيد التقنيات الجديدة للتنقيب عن النفط إمدادات النفط في العالم 6 أضعاف خلال السنوات المقبلة، من ثم صار لزامًا على شركات النفط أن تتجه لاستخدام التقنيات المتطورة حتى تبقى قادرة على المنافسة، وهناك العديد من التقنيات التي يُمكن استخدامها والتي تشمل:
- البيانات الضخمة وتحليل البيانات التي تُمكن الشركات من التزود بالمعلومات بشكل أفضل وتحديد مدى أهمية الآبار.
- حقل النفط الرقمي، والذي يؤدي إلى تحسين القدرة على إدارة مجموعة المنشآت للمراقبة داخل البئر والسيطرة الآلية، وتوفير رقابة ذكية، من أجل تحسين الأداء.
- إنترنت الأشياء وجمع المعلومات التي تشمل التقارب بين التكنولوجيا التنفيذية وتكنولوجيا المعلومات، لتوسيع نطاق الرؤى مما يُمكن أن يؤثر بشكل مباشر على تكاليف التصنيع وجودة الإنتاج.
- الحوسبة السحابية الآمنة، والتي تتيح كمية كبيرة من المعلومات بطريقة سلسة داخل المنظمات، وتوفر إمكانية توسيع نطاق استخدام الحوسبة قليلة التكلفة عند الحاجة.
دور البيانات الضخمة في دعم القطاع
- ينتج عن قطاع النفط والغاز الكثير من البيانات التي يصعب التعامل معها بالطرق التقليدية، وقد وجدت ورقة بحثية أجريت عن إستراتيجيات البيانات الكبيرة المتبعة في قطاع النفط عام 2014، أن شركة "شيفرون" تنتج 1.5 تيرابايت من البيانات الداخلية في يوم واحد.
- يُمكن تفهم هذا الأمر بمعرفة أن عملية الحفر وحدها تتطلب ما بين 40 و80 ألف جهاز استشعار تحت الأرض وفوقها، وينتج عن هذه العملية 80% من البيانات غير المنظمة، والتي يصعب تحليلها باستخدام البرامج التقليدية.
- يشتمل قطاع النفط على عدد كبير من اللاعبين، وعلى مناطق جغرافية متباعدة الأطراف وفي جميع أنحاء الأرض، ورغم ذلك فوفقًا لدراسة أجراها معهد "ماساتشوستس للتكنولوجيا" العام الماضي لم يحصل القطاع سوى على 4.68 درجة من 10 درجات في مجال النضج الرقمي.
- وفقًا لشركة "تيرا داتا"، فإن الشركات التي تعمل في مجال النفط والغاز تفقد 8 مليارات دولار سنويًا على الوقت المهدر دون إنتاج، إذ إن المهندسين يقضون 70% من أوقاتهم في عملية البحث ومعالجة البيانات.
- تُكتشف أعداد من الآبار الجديدة في الشرق الأوسط مثل تلك الموجودة في شرق البحر المتوسط ومنطقة الخليج، حيث توجد في مياه عميقة وتتطلب معدات ضخمة يُمكن أن تعمل تحت ضغوط 20 ألف رطل لكل بوصة مربعة، وفي درجات حرارة مرتفعة للغاية تبلغ 200 درجة مئوية أو أكثر.
- وفقًا لتقرير صادر مؤخرًا عن شركة "بوز ألين" للاستشارات الإدارية، فإن 60% من الإنتاج العالمي للنفط يأتي من الحقول العملاقة التي تُشكل 1% فحسب من العدد الكلي للآبار في العالم، ومعظم هذه الآبار تقع في الشرق الأوسط، ومعظمها بدأ في التراجع.