اكتشفت تايوان هذا الشهر أسوأ حالة مزعومة للتجسس العسكري الصيني خلال 50 عاماً. اعتُقل الجنرال لو هسين - تشي بشبهة تمرير أسرار عسكرية إلى بكين خلال الأعوام الستة الماضية. الكشف يمثل إحراجاً للرئيس التايواني، ما ينج – جيو، الذي عمل جاهداً منذ انتخابه في 2008 على استعادة الروابط الوثيقة مع البر الصيني.
المعارضة اتهمت ما بتملق بكين وتعريض استقلال تايون الفعلي للخطر. والحقيقة هي أنه أبلى بلاءً حسناً لإزالة التوتر في العلاقات عبر المضيق، دون أن يساوم على وضع تايوان. وما تكشّف عن التجسس لا ينبغي أن يتاح له التقاطع مع التقدم الذي يتم إحرازه. فالعلاقات أصبحت متوترة بشكل بالغ في ظل سلف ما، تشن شوي – بيان، المنتمي إلى الحزب الديمقراطي التقدمي. فقد طرح تشن أجندة فسرتها بكين على أنها غزلاً بـ "النزعة الانفصالية". وتعهد الحزب الشيوعي الصيني بغزو تايوان متى ما تجاسرت على إعلان الاستقلال رسميّاً.
في عهد ما، وقعت الصين وتايوان اتفاقية للتجارة الحرة من شأنها أن تربط الاقتصادين معا بصورة أوثق. وارتفع عدد السياح الصينيين المتوجهين إلى تايوان بصورة حادة. وتم تسيير رحلات جوية مباشرة وكذلك رحلات بحرية. لكن المعارضة في تايوان تشتم رائحة فخ: ترغب بكين في جر تايوان نحو "قُبلة الدب" كي تصبح الروابط السياسية أمراً واقعاً.
وبالفعل يمكن أن يكون ذلك هو ما تخطط له بكين. لكن ما ميّز بحذر بين التنازلات الاقتصادية والسياسية. وكذلك في شأن تكرار التذكير بوضع تايوان باعتبارها "دولة ذات سيادة"، وأشاد بمنح جائزة نوبل للسلام للناشط الصيني المنشق، ليو تشياوباو، الذي حث الصين على تبني نمط التعددية السياسية المطبق في تايوان. وخاطر ما بإغضاب بكين بطلب شراء مزيد من الأسلحة الأمريكية لتمتين دفاعات بلاده ضد أي هجوم صيني. وهذه ليست تصرفات رئيس يراهن على تأمين إعادة التوحيد من الباب الخلفي.
إن تايوان تظل بؤرة التهاب محتملة. وإذا ما انزلقت الصين إلى أزمة اقتصادية، فإن بعض العسكر النزقين ربما يحاولون غزوها. فحتى مجرد مبيعات الأسلحة الأمريكية لتايوان تعد مهيّجة للعلاقات الصينية - الأمريكية. لكن على وجه العموم، العلاقات عبر المضيق تقف على سطح أكثر استواءً، مقارنة بما كانت عليه منذ أعوام.
وعندما تصطدم قوة إعادة التوحيد التي لا تقاوم بموضوع الاستقلال الراسخ، فإن التركيز على الاقتصاد ودفع السياسة إلى الأحراش يظل أكثر المسارات منطقيةً.