الدولار يرتفع متسلحاً في بيانات الوظائف
رغم أن توقعات بيانات الوظائف الأمريكية تبدو إيجابية، و قد تسبب ارتفاعاً في مستويات الثقة، إلا أن الدولار الأمريكي يرتفع مقابل سلّة العملات الأجنبية متسلّحاً في بيانات هذا اليوم التي أجبرت العديد من المضاربين الاستغناء عن بعض استثماراتهم في الأسواق المالية في وقت نرى فيه قابلية المخاطرة منخفضة نسبياً حتى مع التحسّن قليلاً في الثقة. فتحسّن الثقة لم يسبب ارتفاعاً كبيراً في قابلية المخاطرة، بل نرى المتداولين يتّسمون بالحذر و لا يتقبّلون إلا جزءاً يسيراً من المخاطرة. بيانات اليوم قد تكون سبباً لرفع المخاطرة في الأسواق المالية المختلفة، منها أسواق العملات، و هذا ما يرفع المخاطرة بها، و بذلك نرى اتجاهاً أكبر للدولار كعملة تصفية مراكز مالية، بل نراه يستخدم كعملة ملاذ آمن أيضاً.
بيانات الميزان التجاري الألماني جاءت إيجابية، و أشارت إلى ارتفاع أكبر من المتوقّع في الفائض، حيث أن نمو الصادرات كان أكبر بكثير مما أشارت له التوقعات السابقة. لكن، حتى مع هذه البيانات من الاقتصاد الأوروبي الأكبر، إلا أن المتداولون ينتظرون بيانات الوظائف الأمريكية و هذا ما يسبب موجات من جني الأرباح تكسب الدولار الأمريكي قوّة مقابل سلّة العملات الأجنبية. لو نظرنا إلى مؤشرات الأسهم الأوروبية اليوم، سوف نجد بأنها تتداول بميل إيجابي عموماً، لكن في الحقيقة، يسيطر عليها التذبذب الكبير و ميل نحو الانخفاض بين الحين و الآخر وسط بعض عمليات جني الأرباح لتؤكد قلق المتداولين في الاقتصاد الدولي من بيانات الوظائف الأمريكية و ما تخفيه.
ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي هذا اليوم سبب انخفاضاً واضحاً في سعر صرف اليورو، حتى مع رفع سعر الفائدة في البنك المركزي الأوروبي، و العديد من الإشارات التي قدّمها السيد تريشيت تجاه أزمة الديون و العمل على حلها، إلا أن الارتفاع الذي يشهده الدولار الأمريكي سبب انخفاضاً واضحاً في سعر صرف اليورو.
انخفض سعر صرف اليورو مقابل الدولار الأمريكي هذا اليوم بعد ملامسة الأعلى عند مستوى 1.4368 دولار لليورو الواحد، ليحقق الأدنى عند مستوى 1.4227. الضغوط السلبية ما زالت ملحوظة على الزوج، و اليورو يتداول قريباً من أدنى مستوياته لهذا اليوم، و السعر يتداول حالياً ما دون مستوى 1.4285 و الذي باستمرار التداول ما دونه، قد نرى ملامسة لمستوى الدعم الأقرب 1.4215 و الذي لو تم كسره، قد يتجّه الزوج نحو مستوى 1.4150.
الجنيه الإسترليني ضعيف بطبيعته، حيث أن ترك سعر الفائدة عند نفس مستوى 0.50% و ترك سياسة شراء الأصول عند مبلغ 200 مليار جنيه إسترليني، أسباب تضعف الجنيه الإسترليني بحد ذاتها. لو نظرنا إلى بيانات هذا اليوم، فسوف نجد بأن أسعار المنجين تبدي ميلاً للصعود مبيّنةً أن التضخم في بريطانيا ما زال يشهد ضغوطاً تصاعدية، لكن مع اتجاه البنك البريطاني لدعم الاقتصاد الذي يترّنح تحت وطأة تباطؤ حاد في القطاعات، قد يبقي البنك البريطاني على سياساته المالية و النقدية لفترة أطول مما يبقي على الضغوط السلبية على الجنيه الإسترليني.
انخفض سعر صرف الجنيه الإسترليني هذا اليوم للجلسة الرابعة على التوالي، و نراه اليوم و قد اكتفى في الأعلى عند مستوى 1.5984 دولار للجنيه الإسترليني الواحد، ثم بدأت رحلة الهبوط التي أودت في سعر الجنيه الإسترليني ليلامس الأدنى عند 1.5929 دولار للجنيه الإسترليني الواحد. موجة الجنية الهابطة قد تبقى مستمرة في حال استقرت التداولات ما دون مستوى 1.6045، فيما قد يكون كسر سعر 1.5910 سبباً لتأكيد هذا الاتجاه الهابط المقترح بحسب التحليل الفني.
يحاول الدولار الأمريكي تأكيد خروجه من النطاق الجانبي الذي تداول فيه مقابل الين الياباني لفترة زادت عن شهر، حيث نرى الزوج و قد ارتفع بعد ملامسة الأدنى عند مستوى 81.19 ليلامس الأعلى عند مستوى 81.41 ين للدولار الأمريكي الواحد. إن ثبات الزوج فوق مستوى 80.75 أكسبه عزماً صاعداً قد يكون من خلاله قادراً على محاولة اختبار مستوى المقاومة 81.55 ين للدولار الأمريكي الواحد، لكن العجز عن اختراق هذا المستوى، قد يسبب عودة الضغوط السلبية على الدولار الأمريكي مجدداً.
الآن، سوف نقف يقظين في انتظار بيانات الوظائف الأمريكية التي تشير توقعاتنا إلى احتمال إيجابية كبيرة في القطاع، و هذه البيانات قد تكون قادرة على رفع الثقة في الأسواق المالية في حال أثبتت إيجابية أكبر من المتوقع، لكن بالنسبة لسعر صرف الدولار الأمريكي، فالتكهّن في اتجاهه قد يكون صعباً مع صدور تلك البيانات، فالثقة و ارتفاعها قد يكون لها انعكاسات سلبية على الدولار الأمريكي، لكن في نفس الوقت، ارتفاع الثقة قد يتركّز على أسواق السلع و الأصول و رأس المال. و على النقيض تماماً، قد تكون البيانات الميّالة للسلبية قادرة على دفع الدولار للاستمرار في اتجاهه الصاعد بسبب طلبه كملاذ آمن و تصفية مراكز مالية، لكن حتى هذا غير مؤكّد، حيث أن انخفاض الثقة قد يوجّه المتداولين لعملات غير الدولار. لذلك، الحذر و التيقّظ مطلوبان !