اخبار فوركس
ويواجه اليورو أسوأ أزمة في تاريخه الذي يمتد لـ11 عاماً، فاليونان، وهي واحدة من 16 دولة في الاتحاد الأوروبي تتعامل باليورو، يتعين عليها جمع 76 مليار دولار خلال العام الجاري، على أن تتمكن من توفير 50 مليار دولار منها قبل نهاية يونيو 2010 ، وإلا ستصاب بحالة من العجز لسداد ديونها السيادية، وفي حال عجزت الدولة عن سداد تلك الديون، فإن وضعها سيشكل تهديداً للمصداقية العالمية لمنطقة اليورو، وسيبث الذعر في قلوب المستثمرين، وسيبعدهم حتى عن الاقتصادات الأوروبية الأخرى التي تعاني من الأزمة، وقد يؤثر على التعافي الذي تشهده أوروبا وإن كان بوتيرة ضعيفة.
نلاحظ أن أبرز المؤشرات الكلية للأزمة الاقتصادية اليونانية, تتمثل في الاختلالات الهيكلية الآتية:
• عدم توازن القطاعات الاقتصادية, فالقطاع الخدمي يشكل وحده 75,7% من حجم الناتج المحلي الإجمالي, (أي أكثر من ثلاثة أرباع), ويستوعب 68% من قوة العمل (أي أكثر من الثلثين) مقارنة بالقطاعين الصناعي والزراعي, وهذا معناه أن قطاع الخدمات أكثر حجما واتساعا من قطاع الإنتاج الحقيقي.
• إن نسبة البطالة تبلغ 7%, وهي نسبة عالية جدا مقارنة بمعدلات البطالة في الاقتصاديات الأوروبية, وبالتالي فهي مؤشر على عدم قدرة الاقتصاد اليوناني على خلق فرص العمل الجديدة, وهو مؤشر لضعف الاستثمارات, وتحديدا عدم قدرة الاقتصاد اليوناني على جذب تدفقات رأس المال الاستثماري المباشرة وغير المباشرة.
• على أساس اعتبارات مستوى التنمية يعتبر اقتصاد اليونان اقتصادا ناميا مثله مثل تركيا والبرازيل والأرجنتين, ولكن على أساس اعتبارات مستوى الدخل, فإنه يعتبر اقتصادا مرتفع الدخل, مثله مثل اقتصاد كندا وأميركا والسويد وألمانيا, وهنا تبدو المفارقة: كيف يمكن لاقتصاد نامي أن يتحمل دفع معدلات دخل تعادل تلك التي تدفعها اقتصاديات البلدان الأكثر تطورا؟
شكلت الاختلالات الاقتصادية الهيكلية, إضافة إلى مكونات الفساد, بؤرة الأزمة الاقتصادية اليونانية, وتشير المعطيات إلى أن هذه البؤرة ظلت تتطور بشكل خفي تحت السطح لفترة أكثر من عشرة سنوات, وكانت الحكومات اليونانية المتواترة قادرة على إخفاء تفاعلات وتداعيات بؤرة الأزمة الاقتصادية, وذلك وفقا لاستخدام الأساليب الآتية:
• اللجوء المتزايد للاستدانة بما أدى إلى ارتفاع معدلات الدين ضمن مستوى يعادل 113% من مستوى الادخار.
• اللجوء المتزايد لاستلام المعونات والمساعدات من الاتحاد الأوروبي, وكما هو معروف, فقد ظلت المفوضية الاقتصادية الأوروبية, تعتمد برنامجا وقائيا يقوم على تقديم الدعم والمساعدات لدول الاتحاد الأوروبي التي تعاني من مشاكل اقتصادية, وذلك بما يمنع تفاقم هذه المشاكل وتحولها إلى أزمات يمكن أن تلحق الأضرار الفادحة باستقرار اقتصاديات الاتحاد الأوروبي.
تزايدت ضغوط اللجوء للاستدانة, وترافقت في مطلع عام 2010م الحالي مع تزايد ضغوط الأزمة المالية العالمية, وبدأت المفوضية الاقتصادية الأوروبية أكثر تدقيقا وفحصا لاقتصاديات الاتحاد الأوروبي, ومن سوء الحظ, أن معدل النمو الاقتصادي اليوناني, قد هبط فجأة من 4% إلى 1,3% الأمر الذي اعتبره الأوروبيون مؤشرا سالبا جديدا ينذر بالخطر.
انفجرت ضغوط الأزمة الاقتصادية اليونانية, وتحولت من وضعيتها كضغوط هيكلية كامنة تحت السطح إلى ضغوط وظيفية تعمل في العلن وفوق السطح: فقد تزايد الغضب الشعبي والمظاهرات, إضافة إلى تزايد معاناة المنشآت في الحصول على القروض, والتي ترافقت بعدم قدرة البنوك لا في الحصول على المزيد من المدخرات, ولا حتى في الحصول على عائدات القروض التي سبقت أن منحتها للأفراد والمنشآت والشركات, والذين أصبحوا جميعهم في حالة التعثر وعدم القدرة على الإيفاء بالالتزامات والسداد للديون, وإضافة لذلك, أصبحت الحكومة اليونانية غير قادرة على تمويل القطاع العام, فلا توجد ودائع أو مدخرات معرفية يمكن الاستدانة منها, ولا توجد إمكانية لفرض المزيد من الضرائب الجديدة على الشعب الذي أصبح على وشك الثورة والعصيان!.
سيناريو احتواء الأزمة اليونانية:
انشغلت الأوساط الاقتصادية والسياسية اليونانية في العمل في الآونة الاخيرة من أجل إيجاد المخرج المناسب الذي يتيح لليونان الإفلات من محرقة الأزمة, أما الأوساط الاقتصادية والسياسية الأوروبية, فتنشغل في العمل من أجل محاصرة ضغوط الأزمة الاقتصادية اليونانية, وعدم السماح بانتقال عدواها إلى اقتصاديات الاتحاد الأوروبي الأخرى, وعلى وجه الخصوص الاقتصاد الإيطالي والألماني والفرنسي.
تقول المعلومات, بان الحكومة اليونانية قد حصرت خيارات علاج الأزمة الاقتصادية في ضرورة الحصول على التمويل اللازم من أجل توفير الغطاء المالي لعجز الميزانية الذي بلغ رقما من غير الممكن تغطيته بالموارد المحلية, واقترحت الحكومة اليونانية, عددا من الحلول أبرزها:
• طرح سندات خزانة يونانية في الأسواق المالية والبورصات, وا ل فوركس وذلك ضمن أسعار فائدة معقولة, ولفترة عشرة سنوات, ولكن الأسئلة الحرجة في الآتي:
- من هو الذي سوف يقوم بشراء سندات الخزانة من دولة تعاني من الأزمة, ويدفع ثمن هذه السندات نقدا, وينتظر لفترة عشرة سنوات لكي يقبض أصل المبلغ والفوائد؟
- من الممكن أن تتم عملية شراء السندات, ولكن, وبحسب أنظمة الأسواق والبورصات المالية, فمن الممكن أن يتم عرض هذه السندات لعمليات البيع والشراء, فهل يوجد ما يضمن إمكانية ضمان تداول هذه السندات؟
• طرح سندات خزانة يونانية في الأسواق المالية والبورصات وذلك ضمن أسعار فائدة معقولة, ولفترة عشرة سنوات, وبوجود ضمانات من البنك المركزي الأوروبي لتغطية هذه السندات ودفع قيمتها فورا عند تقديمها للسداد, ولكن الأسئلة الحرجة تتمثل في الآتي:
- أن قيمة سندات الخزانة اليونانية تتضمن مبالغ طائلة تفوق قدرة البنك المركزي الأوروبي على السداد الفوري؟
- أن قيام البنك المركزي الأوروبي بتقديم الضمانات اللازمة لتغطية سندات الخزانة اليونانية, سوف يعرض أداء البنك المركزي الأوروبي النقدي والمالي للكثير من الاختلالات والمشاكل؟
تقول المعلومات والتسريبات, بأن دول الاتحاد الأوروبي, أصبحت أكثر ميلا لخيار تقديم الدعم والمساعدة لليونان, عن طريق قيام بعض الدول الأوروبية القوية اقتصاديا بشراء سندات الخزانة اليونانية, وتقول التسريبات بأن ألمانيا سوف تكون في مقدمة المشترين لهذه السندات بالإضافة إلى إيطاليا وفرنسا وهولندا وربما السويد, ولكن, كما تقول التسريبات, فإن قيام هذه الأطراف بعملية الشراء سوف يتم ربطه حصرا ببرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي سوف تقوم المفوضية الاقتصادية الأوروبية بوضع خطوطه الرئيسية, وذلك بحيث تقدم المفوضية الأوروبية برنامجا للحكومة اليونانية يتضمن التزامها بحزمة من الإصلاحات, وإذا لم تلتزم الحكومة اليونانية بتطبيق هذه الإصلاحات, فإنها ستكون مواجهة بفرض العقوبات الاقتصادية الأوروبية, والتي سوف يكون أقلها: حرمان اليونان من مساعدات الاتحاد الأوروبي, وربما فرض المزيد من الرسوم والضرائب على السلع والخدمات اليونانية في البلدان الأوروبية.
الفوركس
تداعيات ازمة اليونان الاقتصاديه: وبالاخص في سوق الفوركس
وتعتبر ازمة اليونان الماليه هي من اكبر تحديات النظام العالمي الجديد وايضا اكبر تحد للاتحاد الاوروبي اليورو منذ تاسيسه. منذ بداية الازمه الماليه في 2006 عالميا وذلك بسسب انهيار سوق العقارات في الولايات المتحده نتيجه الاقراض غير محسوب المخاطر لذوي الدخل المحدود وما تبع ذلك من افلاس للبنوك وتداعيات عالميه اخرى، الا ان ازمه اليونان تعتبر الاخطر في تاثيرها وتداعياتها , فهي تمس منطقة الاتحاد الاوروبي اقتصاديا وسياسيا.
ان الناتج المحلي لليونان لا يشكل اكثر من 3% من اجمالي الناتج القومي لمنطقة اليورو, لكن العجز في اليونان يشكل 13% من الناتج المحلي وهذا يمثل خمسة اضعاف ما هو مسموح فيه في منطقة اليورو, متجاوزا حجم العجز الى حوالي 400 مليار دولار, وهنا التحدي في تغطية ذلك العجز دون ان يؤثر على منطقة اليورو ويعتبر هذا التحدي الاكبر, الا ان اليونان تتحمل مسؤوليه في ذلك منذ اندلاع الأزمه الماليه العالميه فهي لم تتعامل بشفافيه مع الموضوع , بل تلاعبت في السجلات الماليه لاخفاء العجز في ميزانيتها.
على الرغم من الاجراءات التقشفيه التي قامت بها اليونان , فان المشكله تحتاج الى تشدد اكثر من قبل الاتحاد الاوروبي من اجل ايجاد حل لمشكلة الديون اليونانيه والتحكم في تاثيرات هذا العجز للسنين المقبلة من اجل الوصول بذلك العجز الى الحد المسموح فيه في منطقة اليورو وهو 3%من الناتج المحلي لليونان. وقد يكون الامر ان ازمة اليونان قد تكون بداية شراره لدول اخرى تعاني في عجز في ميزانياتها وهي كثيره وعلى راسها اسبانيا والبرتغال, اذن لا بد ان تعامل مسالة اليونان بحسم وخاصه ان الدائنين هم من الاتحاد الاوروبي.
ولكن ما هي الحلول المتاحه امام الاتحاد من اجل حل الازمه؟ أعتقد ان احلاها مرا , فالتدخل لمساعدة اليونان يفتح الطريق لدول اخرى ليست باحسن حال من اليونان, والنتيجة اغراق الاتحاد في مشاكل اقتصاديه اخرى, خصوصا ان من يتحمل ذلك الاقتصادين الالماني والفرنسي ولكن الي أي حد ؟
وفي المقابل فان تاخر الاتحاد عن حل مشكلة اليونان سيؤثر على اقتصاد الاتحاد وقد يفتح المجال لتدخل صندوق النقد الدولي وهذا ما يشكل بعدا تاريخيا وحرجا لكل من المانيا وفرنسا.
فقط هناك جانب ايجابي وحيد للازمه في منطقة الاتحاد وهو انخفاض قيمة اليورو بشكل غير مسبوق , هذا الامر يساعد المصدرين الاوروبيين ويساعد الاتحاد على تحقيق نمو اسرع .
اخبار الفوركس
أيا كانت النتائج، فإن منطقة الاتحاد أمام تحد كبير، ولذلك فإن المستقبل يجب أن يكون أكثر جرأة في ربط اقتصاديات الاتحاد الأوروبي بشكل أكثر تناغما فيما يخص ميزانيات الدول وأنظمة الضريبة، إضافة إلى إيجاد متابعة ورقابة مستمرة على الاقتصادات على مستوى عال من الشفافية للدول الأعضاء بما يضمن الانتباه المبكر لأي أزمة قادمة وعلاجها في وقتها قبل تكون كرة الثلج التي يصعب إيقافها أو إيقافها بتكاليف باهظة على جميع المستويات.
وإذا كان العنصر الحيوي في المعادلة الأوروبية، يكمن في مخاطر تفشّي الأزمة إلى دول أخرى، وخاصة البرتغال وإسبانيا وبدرجة أقل إيرلندا وإيطاليا، ما سيجعل منطقة اليورو أمام وضعية غير مسبوقة، من جرائها قد تتعرض لبداية تفكك فعلي؛ الأمر الذي ساهم في جعل الدول الأوروبية توجه اتهامات مباشرة للمضاربين وبعض المصارف ووكالات الاقتراض، وخاصة الأميركية، بأنها هي من يغذي الأزمة، بحثا عن مكاسب ضيقة، لإلحاق أكبر قدر من الإضرار بمنطقة اليورو والعملة الأوروبية. وما يزيد الطين بلة تصاعد تلك الدعوات داخل وخارج أوروبا، كي يتمكن صندوق النقد الدولي من إدارة الأزمة اليونانية، وهو ما رفضه المسؤولون الأوروبيون حتى الآن، لكونه لو تم يمكن أن يمثل أول انتهاك دولي لحرمة منطقة اليورو، ويؤكد عمليا انعدام نفوذ المصرف المركزي الأوروبي، وهو الذي جعله المسؤولون الأوروبيون، ومن خلال اتفاقية ماستريخت عام 1992، حارس المكتسبات النقدية والاقتصادية المشتركة.
وسط هذه الأجواء الضاغطة، وفعالية "قوى الأزمة"، ودخول اليونان في نفق "المسار الأرجنتيني" والاقتراب من كونها أولى الضحايا الأوروبيين لسياسات المضاربة والرهونات العقارية التي أصابت قلب النظام الرأسمالي، وبالتأكيد لن تكون الأخيرة؛هل يستطيع قادة الاتحاد الأوروبي مقاومة ضغوط صندوق النقد الدولي، وهو يدخل أو يتدخل كـ "شريك مضارب" في محاولة للإسهام بإيجاد حل ناجع للأزمة اليونانية، بالإضافة إلى مواجهة ضغوط المضاربين في أسواق المال في نفس الوقت، وذلك حتى يمكن الإبقاء على قدرة الدول الأعضاء الاحتفاظ بقدرتهم الدفاع عن عملتهم الموحدة، ضمن مهام مواجهة مهددات تماسك الاتحاد ذاته؟. أخيرا هل تفلح "سياسة الإنقاذ السريع" في تجنيب اليونان مآل أن تكون أولى ضحايا أزمة النظام الرأسمالي، أم أن الأزمة أعقد وأطول مما يُتصور؟. وما اليونان اليوم سوى حقل تجارب، ومحاولة أخرى من محاولات تكييف وإعادة هيكلة وموضعة النظام الرأسمالي، للتعايش مع أزمته البنيوية والهيكلية الضاغطة.