قبيل انطلاق تداولات الأسبوع الأوروبي: الأنظار موحجهة نحو أزمة الديون ومخاوف الركود
من الواضح أن الشعور العام ومستوى الثقة في أوروبا لا يزال هشاً، بل يزداد سوءاً، حيث لا تزال احتمالية إفلاس اليونان تضيف مزيداً من المخاوف في الأسواق، لترفع من حدة التوتر، في حين تصاعدت نسبة المخاوف حالياً حول الاقتصاد العالمي المتراجع و الذي يتجه نحو الركود.
وقد تلاشت آمال المستثمرين خلال الأسبوع الماضي، بعد البيانات الاقتصادية المحبطة التي صدرت عن أكبر اقتصاديات العالم و التي أشارت إلى تباطؤ وتيرة النمو العالمية، فقد شهدنا انكماشاً في القطاع الصناعي في الصين ومنطقة اليورو، مما أشار بشكل واضح إلى ضعف الاقتصاد العالمي.
ومن جهة أخرى، لم يقم البنك الفيدرالي الأمريكي إلا بإحباط المستثمرين بعد أن أشار إلى المخاطر التي تواجه مسيرة التعافي العالمية و الضغوطات السلبية التي تنتج عن أزمة منطقة اليورو، والذي بدوره سلط الأضواء على أزمة الديون في أوروبا.
يستمر المستثمرين بالخوف من سقوط الاقتصاد في حالة ركود، ومن أزمة الديون الأوروبية، لتسيطر هذه المخاوف على الأسواق والشعور العام، ليبقى التركيز على اليونان من جهة، و على البيانات الاقتصادية من جهة أخرى، خاصة بيانات الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة.
سيكون الحدث المهم في الوقت الراهن هو الاستئناف المتوقع للمهمة المتخذة من البنك المركزي الأوروبي و صندوق النقد الدولي لدعم اليونان، حيث حققت الدولة تقدماً واضحاً في الآونة الأخيرة بوضع المزيد من الإجراءات التقشفية الأسبوع الماضي لتأكيد التزامهم بخفض العجز في الميزانية. لن يقوم بتهدئة الأسواق في الفترة الحالية سوى تقدماً تحرزه اليونان لضمان أخذ الدفعة السادسة في شهر تشرين الأول/أكتوبر من حزمة المساعدات الماضية، وقابليتها لضمان أخذ حزمة المساعدات الجديدة.
قام وزراء المالية لمنطقة اليورو الأسبوع الماضي بالتعهد لتوسيع نطاق صندوق التسهيلات المالية الأوروبي خلال اجتماعهم القادم في 14-15 من شهر تشرين الأول/أكتوبر، حيث سيتم أخذ القرار النهائي للدفعة السادسة، وأن التقدم بالإجراءات خلال هذا الأسبوع سيعمل على تخفيف حدة التوتر.
إن تجنب اليونان للإفلاس ليس هو العامل الوحيد الذي يؤثر على الأسواق، حيث أن مخاوف دخول الاقتصاد في حالة الركود ستبقى قائمة، إلا أنه سيزيل من المخاوف حول منطقة اليورو وأزمتها، وخطر انتشار العدوى للدول الأوروبية الأخرى و الذي قد يؤدي بالنهاية لأزمة عالمية مطابقة لأزمة 2008.
من البيانات التي سيتم التركيز عليها هذا الأسبوع هي مستوى الثقة في المنطقة خلال شهر أيلول/سبتمبر، خاصة بعد تراجع مؤشر ZEW للثقة وسط تراجع أداء الاقتصاد و تفاقم أزمة الديون.
بيانات قطاع العمالة لمنطقة اليورو و ألمانيا ستكون مهمة أيضاً، خاصة لألمانيا التي تُعتبر أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، حيث شهدنا بيانات محبطة لقطاع الصناعة و الخدمات خلال شهر أيلول/سبتمبر، و أن ضعفاً في قطاع العمالة سيكون أثره شديداً على الأسواق، و يضيف مزيداً من المخاوف حول مستقبل منطقة اليورو.
إن التوقعات الأولية لمؤشر أسعار المستهلكين خلال شهر أيلول/سبتمبر ستشير إلى ماهية السياسة النقدية القادمة، حيث أنه من المتوقع أن يبقى مستوى التضخم ثابتاً عند 2.5%، و أن تراجعه بشكل أكبر من المتوقع سيزيد من الضغوطات السلبية على اليورو بعد التكهنات بأن البنك المركزي الأوروبي سيخفض من سعر الفائدة، حيث أظهر البنك تراجعاً بشكل أو بآخر عن موقفه اتجاه التضخم، لينظر على مستويات النمو وسط المخاوف من الدخول في حالة الركود، مما يجعل المستثمرين يتوقعون قيام البنك المركزي الأوروبي بخفض سعر الفائدة 50 نقطة أساس.
لا توجد هنالك بيانات اقتصادية مهمة ستصدر عن الاقتصاد البريطاني هذا الأسبوع، ليبقي تركيز المستثمرين على الخطوة القادمة التي سيتخذها البنك المركزي البريطاني. بالمقابل، ستصدر بيانات هامة جداً عن الاقتصاد الأمريكي ألا و هي القراءة النهائية للناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني بالإضافة إلى بيانات قطاع الإسكان و قطاع الصناعة.
أسبوع حماسي يصحبه شعور عام هش، في حين تبقى المخاوف قائمة حول النظرة المستقبلية للأزمة الأوروبية و الاقتصاد. و لكن، تبقى إشارات ضعف الاقتصاد بشكل عام قائمة وسط تفاقم أزمة الديون السيادية، و خاصة اليونان التي تقف على حافة الهاوية حيث أية بيانات ايجابية عن اليونان قد تخفف من حدة التذبذبات في الأسواق، إلا أن التذبذبات ستبقى قائمة لتسيطر على الأسواق في الفترة القادمة.