استدعى الملك وزيره ذات يوم وقدم له خاتما أهداه اليه تاجر الجواهر ،
وقال : أريد أن تأخذ معك هذا الخاتم كي تعيده بعد أسبوع ، وقد كتبت عليه كلمتين لا تزيدان
يقرأهما الحزين فيفرح ويقرأهما الفرحان فيحزن ، واذا لم تأت بهاتين الكلمتين مكتوبتين فى موعدك
تكون قد حكمت على نفسك بالموت .
ذهل الوزير مما يسمع وطار عقله واسودت الدنيا فى عينيه وضاعت الكلمات من فوق شفتيه
لكنه تمالك وقال: تقتلنى يا مولاى؟
قال الملك : نعم .
قال الوزير : ماذا جنيت يا مولاى ، أنا عملى أساعدك فى تدبير المملكة وليس كاتبا على الخواتم ؟
هذا ليس فى مقدورى ..
قال الملك : ما دمت وزيرا فلا بد وأن تحسن كل شيء .
قال الوزير : بعد خدمتى فى الوزارة السنين الطوال تحكم علي بالموت ؟
قال الملك : يعنى المفروض أن تترك الوزارة بعد هذه السنين لغيرك .
قال الوزير : ولما لا أترك الوزارة حيا هل من يتركها لا بد أن يموت ؟
قال الملك : أنت لن تتركها بل تقتل وأنت وزير ، وسيعرف الناس السبب
وهو أنك لم تنفذ ما طلبت منك هذا خير من أن يقال عني أنني أطرد الوزراء بلا سبب.
قال الوزير: يا مولاى ، أترك لى حياتى ، وأترك لك وزارتك فليس هناك من داع
أن أموت وأترك ابنتى الشابة يتيمة وزوجتى بلا عائل .
قال الملك : كلام الملوك لا يرد .
أستأذن الوزير وخرج الى بيته مهموما وحاول خلال المدى الذى حدده له الملك
أن يستعين بأصدقائه من الكتاب والأدباء كى يجدوا له مخرجا لكن لم يستطع أحد منهم تحقيق ذلك
ولم يشأ الوزير أن تحزن أسرته خلال الأسبوع الباقى له فى الدنيا فكان يبدو عاديا
لكنه فى الليله الأخيرة جلس مع زوجته وابنته وروى لهما مصيبته ومصيبتهم ،
فقالت له ابنته : هات الخاتم سأستعين بالله كى أجد حلا
وفى الصباح قالت له : اليك الخاتم لقد أنقذك الله بفضله ..
وذهب الوزير بالخاتم الى الملك ، وقدمه له ، فأشرق وجهه وبدا عليه المرح ،
ثم قطب الجبين حزينا وتملكه الفزع والرعب وصار يتملكه الفرح حينا والترح وقتا
ثم قال للوزير : لقد أحسنت صنعا فهذا الخاتم الان يمكن أن يلبسه كل ذي سلطة وجاه ،
ويلبسه أيضا كل حزين يتملكه الغم وتحيط به دواعى اليأس .
ثم نظر ما كتب عليه وقال : حقا ’’كل يزول ’’