البيانات التي ستصدر عن الاقتصاد الأمريكي يجب أن تواصل إظهار المزيد من الدلائل على أن الاقتصاد يسير في الطريق الصحيح للتعافي الكامل
أسبوع جديد على وشك أن يطرق بابنا عزيزي القارئ، حيث واصل الاقصاد الأمريكي خلال الفترة الماضية تقديم إثباتاته على أن عجلة التعافي والانتعاش لا تزال جارية في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث شهدنا ارتفاع وتيرة الأنشطة الاقتصادية في كافة قطاعات الاقتصاد الأمريكي تقريباً، وسط تحسن الأوضاع الاقتصادية بالمجمل في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي فيجدر بينا توقع تواصل تلك الوتيرة في التحسن لتشمل كافة البيانات والتي ستصدر عن الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأسبوع المقبل، مع الإشارة إلى أن الاقتصاد الأمريكي يخرج بسلام من عنق زجاجة تبعات أسوأ أزمة مالية تعم العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
بداية الأسبوع عزيزي القارئ ستكون مع مخزونات الجملة يوم الثلاثاء، حيث تشير التوقعات إلى أن مخزونات الجملة سترتفع خلال شهر آذار، بينما تؤكد التوقعات على أن مؤشر مخزونات الأعمال والذي سيصدر في نهاية الأسبوع سيرتفع خلال الفترة ذاتها، فعلى ما يبدو بأن الشركات الأمريكية بدأت ببناء مخزوناتها من جديد في سبيل ملاقاة الارتفاع في مستويات الطلب على الصعيدين المحلي والإقليمي، بل والعالمي أيضاً، في ظل التحسن الذي طرأ على الظروف الاقتصادية مؤخراً، الأمر الذي أعطى للمنتجين نظرة أشمل حول مستقبل الاقتصاد الأمريكي.
يوم الأربعاء يحمل لنا في طياته تقرير الميزان التجاري الأمريكي خلال شهر آذار، حيث تشير التوقعات إلى توسع العجز في الميزان وبشكل طفيف، عقب نجاح الدولار الأمريكي في توسيع أرباحه والتربع على عرش العملات الرئيسية خلال الفترة الماضية، ومن جهة أخرى فإن ارتفاع مستويات الطلب المحلية في الولايات المتحدة الأمريكية أسهم في توسع ذلك العجز، وبالأخص وسط ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي، الأمر الذي يقود المستهلكين إلى التوجه نحو البضائع الأجنبية نظراً لكونها أرخص من مثيلتها الأمريكية، فقط بسبب ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي.
وبالحديث عن النشاط الاقتصادي، وكما أسلفنا، فإن النشاط الاقتصادي شهد ارتفاعاً ملحوظاً خلال الأشهر القليلة الماضية وسط تحسن الظروف الاقتصادية، لتظهر كافة قطاعات الاقتصاد الأمريكي تقريباً ارتفاعاً في أنشطتها، بما في ذلك قطاع العمالة الأمريكي والذي يعد مفتاح الحل في الاقتصاد الأمريكي، حيث شهدنا تأكيد البيانات الصادرة مؤخراً على أن قطاع العمالة الأمريكي لا يزال يواصل عجلة التعافي والانتعاش من الركود، نظراً لكون أرباب العمل بدأوا في توفير فرص عمل جديدة للأيدي العاملة العاطلة عن العمل، مع الإشارة إلى أن تحديات كبيرة لا تزال تقف في وجه الاقتصاد الأمريكي، بما في ذلك ارتفاع معدلات البطالة في البلاد، والتي تقف عند أعلى مستوياتها منذ ربع قرن من الزمان.
وبما أننا تطرقنا لمعدلات البطالة المرتفعة بصفتها عائقاً في طريق التعافي والانتعاش فلا بد لنا من القول بأن تشديد شروط الائتمان تشارك ارتفاع معدلات البطالة في إثقال كاهل مستويات الإنفاق ضمن الاقتصاد الأمريكي، فعلى الرغم من ارتفاع مستويات الإنفاق بوتيرة معتدلة مؤخراً، إلى أنها تبقى مقيدة في ظل التحديات التي تواجه الاقتصاد الأمريكي، وبالتالي فلا بد لنا من توقع حاجة الاقتصاد الأمريكي للمزيد من الوقت قبيل أن يمكن من التعافي بشكل كامل من تبعات أسوأ أزمة مالية تعم العالم منذ الكساد العظيم.
ومن جهة أخرى فسيصدر عن الاقتصاد الأمريكي خلال هذا الأسبوع وبالتحديد في آخر أيام الأسبوع الذي يوشك على البداية مؤشر مبيعات التجزئة عن شهر نيسان، حيث تشير التوفعات إلى أن مبيعات التجزئة واصلت الارتفاع على الأرجح كنتيجة مباشرة لتحسن الأنشطة الاقتصادية، ولكن وبما أن مستويات الإنفاق لا تزال ضعيفة بشكل أو بآخر، فلا ينبغي لنا توقع ارتفاعاً قوياً في مبيعات التجزئة، مما يعني بأن أداء الاقتصاد الأمريكي سوف يبقى مقيداً، مع الإشارة إلى أن مبيعات التجزئة تشكل أكثر من 50% من إنفاق المستهلكين، كما و أن الإنفاق يشكل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية.
أما قطاع الصناعة الأمريكي فقد أظهر دلائل وبراهين على التحسن مؤخراً، حاله حال بقية قطاعات الاقتصاد الأمريكي، حيث واصل الانتاج الصناعي الارتفاع خلال الأشهر القليلة الماضية، ومن المتوقع أن يستمر كذلك من خلال تقرير الانتاج الصناعي والذي سيصدر يوم الجمعة من خلال ارتفاعه عن شهر نيسان بنسبة 0.5% بالمقارنة مع ارتفاع شهر آذار والذي بلغ 0.1%.
وبالحديث عن الانتاج الصناعي، فلا بد لنا من الإشارة إلى أن مؤشر السعة الانتاجية -والذي يعرف على أنه نسبة الانتاج الفعلي إلى الانتاج المتوقع أو المحتمل والذي يعتبره المحللون والاقتصاديون مقياساً للتضخم- ارتفع على الأرجح خلال شهر نيسان ليصل إلى 73.6% بالمقارنة مع القراءة السابقة خلال آذار والتي بلغت 73.2% ، ليعكس المؤشر التحسن الذي شهدناه مؤخراً في الأنشطة الاقتصادية، وليؤكد مرة أخرى على أن الضغوطات التضخمية لا تزال تحت السيطرة.
وفي النهاية فسيصدر عن الاقتصاد الأمريكي وبالتحديد عن جامعة ميشيغان تقريرها الخاص بثقة المستهلكين في قراءته الأولية عن شهر أيار، حيث تشير التوقعات إلى أن ثقة المستهلكين ارتفعت على الأرجح لتصل إلى 73.9 بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 72.2 خلال شهر نيسان، حيث انعكس التحسن الذي طرأ على الأوضاع الاقتصادية مؤخراً على مستويات الثقة خلال الأشهر القليلة الماضية، مع الإشارة إلى أن مستويات الثقة لا تزال مقيدة بسبب ارتفاع معدلات البطالة في البلاد، هذا إلى جانب تشديد شروط الائتمان، ناهيك عزيزي القارئ عن التقلب الذي تشهده أسواق الأسهم.
وبصفتنا ذكرنا أسواق الأسهم، فلا بد لنا من الإشارة إلى أنها تقلبت وتأرجحت وبشدة خلال الأسبوع الماضي، فمن جهة واصلت الشركات الأمريكية الإعلان عن نتائج مالية بأفضل من التوقعات إلى جانب صدور بيانات اقتصادية قوية عن الاقتصاد الأمريكي الأمر الذي عزز مستويات الثقة في أوساط المستثمرين بخصوص مستقبل الاقتصاد الأكبر في العالم، ومن جهة أخرى جاءت مخاوف الأسواق المالية بسبب أزمة ديون اليونان وإمكانية انتشار عدوى اليونان إلى دول أوروبية أخرى كالبرتغال و أسبانيا لتبعد المستثمرين عن أسواق الأسهم، حيث يكمن قلق المستثمرين في الوقت الحالي من تفشي وباء أزمة الديون اليونانية لتصيب إيطاليا، البرتغال، إلى جانب أسبانيا من خلال ارتفاع مديونياتهم، مع الإشارة إلى أن تلك المخاوف توسعت عقب تخفيض التصنيف الائتماني من قبل وكالات التصنيف الكبرى الثلاث، الأمر الذي أسفر عن هبوط المؤشرات بشكل حاد خلال تداولات يوم الخميس كنتيجة للخطأ في التداولات وسط مخاوف المستثمرين، مما نتج عنه هبوط مؤشر داو جونز الصناعي بمقدار 1000 نقطة.
العملة الخضراء أو الدولار الأمريكي وسع من دائرة أرباحه خلال الأسبوع الماضي ليعتلي عرش العملات الرئيسية، وبالأخص مقابل اليورو، والذي يواصل سقوطه الحر بفعل أزمة الديون اليونانية والتخوف من تفشيها في أوروبا، وعلى ما يبدو فإن الدولار الأمريكي في طريقه لتوسيع دائرة أرباحة أكثر خلال الأسبوع المقبل، في ظل استمرار الاقتصاد الأمريكي لإصدار بيانات اقتصادية قوية هذا إلى جانب ارتفاع حدة المخاوف بخصوص مستقبل أوروبا الاقتصادي، الأمر الذي سيوفر للدولار الأمريكي المزيد من الزخم خلال الفترة المقبلة...