بعد التفاؤل الذي شهدناه في الأسواق المالية أمس، نستقبل اليوم نهاية الأسبوع بأيدي مفتوحة و صدرٌ رحب على الرغم من فقر الأجندة الاقتصادية من البيانات الاقتصادية الهامة و التي قد يكن لها أثر على الأسواق، و لكننا لسنا بحاجة للبانات الاقتصادية بعد اليوم الحافل الذي اختبرناه أمس، و لن نكون اليوم إلا بانتظار مزاد بيع السندات الحكومية التي ستعقده ايطاليا اليوم.
شهدنا أمس كيف ترددت البنوك المركزية في أوروبا، البنك المركزي الأوروبي و البنك المركزي البريطاني، بتغيير أو تعديل سياساتها النقدية، فقد أبى كل منهم على سياسته النقدية في ظل هذه الظروف الاقتصادية المواتية، و في بداية العام الجديد، ليتركوا بذلك الفرصة للاجتماعات المقبلة التي قد يعاصرها المزيد من التطورات التي قد تكون ايجابية أو سلبية و التي ستشجع البنك على اتخاذ قرر بالنسبة لسياساتها النقدية.
صرح محافظ البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي بأن هنالك بعض الإشارات المؤقتة لتحقق الاستقرار في النشاط الاقتصادي في المنطقة، و جاء هذا في المؤتمر الصحفي الذي عقده دراغي بعد قرار المجلس الحكومي للبنك بإبقاء سعر الفائدة ثابتاً عند 1.0% متراجعاً عن خطواته التي اتخذها العام الماضي برفع أسعار الفائدة.
أكد دارغي بأن التوقعات المستقبلية للنمو في المنطقة لا تزال تحيطها حالة من عدم اليقين، و مخاطر مؤكدة للدخول في ركود اقتصادي، و أكد بأن التوتر المسيطر على الأسواق المالية سوف يواصل ضغوطه السلبية على النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو، في حين أنه أشاد بدور حكومات بعض الدول المتعثرة و أنها تحرز تقدماً على جميع الأصعدة.
تطرق دراغي إلى السياسات المالية مؤكدا بأن الحكومات في منطقة اليورو بحاجة إلى بذل قصارى جهدها لدعم الاستقرار المالي و العجز الكبير في الميزانيات العامة، إذ لا بد للحكومات بتنفيذ الإصلاحات الضريبية و تطبيق واضح لما يتعلق بالاتفاق الجديد مع الاتحاد الأوروبي، في حين أضاف بأن برنامج منح القروض للبنوك الأوروبية قج كان ناجحاً و أنه قد حقق السيولة بين البنوك الأوروبية.
أما عن البنك المركزي البريطاني، فقد بقي أيضاً ثابتاً على سعر الفائدة عند أدنى مستوياتها منذ تأسيس البنك و ذلك في سبيل دعم مسيرة النمو الهشة التي يحذوها الاقتصاد الملكي متأثراً بأزمة الديون الأوروبية و تباطؤ الاقتصاد العالمي الذي يحد من الصادرات البريطانية، إلى جانب سياسات التقشف التي تتبعها الحكومة البريطانية.
كما أبقى البنك المركزي البريطاني على برنماج شراء الأصول ثابتاً عند 275 مليار جنيه استرليني تحسباً من مستويات التضخم المرتفعة، و أن هنالك بصيص من الأمل من تحسن الاقتصاد الملكي حسب الاشارات الأخيرة التي صدرت، و الذي فضّل البنك اتخاذ سياسة الانتظار و الترقب من وضوح الصورة الحالية و المستقبلية بشكل أكبر لكي يتخذ اجراء مناسب للوضع الاقتصادي.
نحن على موعد اليوم مع مزاد علني لبيع السندات للحكومة الايطالية التي انتعشت أمس عند عقدها لمزاد بيع سندات كان في الواقع مجزياً، و التي شهدت تراجعاً كبيراً في تكاليف الاقتراض عليها، حيث تمكنت الدولة من بيع سندات بقيمة إجمالية تصل إلى 12 مليار يورو، حيث باعت الحكومة سندات ذات أمد استحقاق عام واحد بقيمة تصل إلى 8.5 مليار يورو بمعدل عائد وصل إلى 2.735% بأدنى من المزاد السابق الذي بلغ العائد خلاله 5.952%، في حين وصل معدل الطلب إلى العرض 1.47 مرّة، وسندات أخرى ذات أمد استحقاق 136 يوم بقيمة تصل إلى 3.5 مليار يورو بمعدل عائد يصل إلى 1.644%.
و قبل أن نتحدث عن مزاد ايطاليا اليوم، سنشير إلى المزاد الاسباني أيضاً الذي شهد انخفاضاً كبيراً في تكاليف الاقتراض، إذ تمكنت الحكومة من بيع سندات بما يصل إلى 10 مليار يورو ضمن ثلاث مزادات لسندات مختلفة، مسجلة أفضلية على هدفها الأصلي والذي بلغ 5.0 مليار يورو، واضعين بعين الاعتبار انخفاض تكاليف الاقتراض بمعدل 1.0% تقريباً وارتفاع مستويات الطلب على السندات بشكل كبير.
من المُفترض أن تعقد ايطاليا اليوم مزاد بيع لسنداتها الحكومية التي ستُستحق عام 2014 و منها ما يُستحق عام 2018، فمن المرقرر أن تبيع الدولة 6 مليارات يورو من قيمة السندات التي تُستحق عام 2014، و تأمل الأسواق أن تشهد تراجع في تكاليف الاقتراض كتلك التي شهدناها أمس، فعلى الرغم من صعوبة الوضع الاقتصادي التي تُعاني منه ايطاليا، إلا أنها تحقق تقدماً جيداً في تقليص نسبة العجز في ميزانيتها كما أنها تتخذ اجراءات تقشفية شديدة، و هذا بحسب آراء العديدين.
بشكل عام، من المتوقع أن تستمر حالة التفاؤل بتأثيرها على الأسواق في بداية تعاملات اليوم، و لكن تأثيرها قد يزول في نمتصف اليوم إذا أعلن أحد المسؤولين عن قرارات جديدة خاصة و أنه نهاية الأسبوع الذي تكثر فيه التذبذبات و يصعب توقع اتجاه الأسواق في مثل هذا اليوم.
و اليوم هو آخر يوم في الأسبوع، و الذي ستكثر فيه التذبذبات نظراً لحالة عدم اليقين التي تُخيف المستثمرين، فيفضل المستثمرين تجنب أي خسائر غير متوقعة في ظل هذه الظروف التي يصعب التنبؤ بصورتها المستقبلية، خاصة و أن أي قرار جذري يُفصح عنه أحدد القادة الأوروبيين، يكون له أثر فوري على الأسواق المالية، و هذا ما يتجنبه المستثمرين خوفاً من أن يلحق بهم خسائر فادحة.