نظرًا الى العافية المالية وتراجع الإتّجاهات الأساسية والضعف الظاهر في مواقف الساسة الأوروبيين خلال الأسبوع السابق؛ يتوقّع على نطاق واسع أن يختبر اليورو تصفيات حادّة.
مع ذلك، لا يضمن ذلك توجّه الأسواق نحو مواقع البيع المبنيّة على الخوف/ مواقع البيع المبنيّة على المضاربة بحسب ما يبيّنه التحليل الأساسي العملي. وكما يحدث منذ أسابيع عدّة، يتجسّد العامل المعقّد لتداول اليورو بالإستعمال المفرط للحوافز وتوقعات الأسواق ببروز المزيد من التدخّل. على الرغم من ذلك، عقب تسعة عشر شهرًا من الفشل في محاربة الأزمة، بات الصبر والتفاؤل شبه معدومين.
ومع بداية الأسبوع، يتمثّل قلقنا الأبرز بإنكشاف الحقائق وسط تقييم الحشود تداعيات قرارات السياسة التي اتّخذها البنك المركزي الأوروبي والإتّحاد الأوروبي. لقد توقّعت الأسواق بروز نوع من المشاعر في مساعي الإنقاذ وسط اقتراب المنطقة من انفجار كارثة وخيمة.
وما نقيسه اليوم هو مدى استدامة التفاؤل الخاطىء المحيط بخطّة إنقاذ واهنة. وفي حين فشلت البرامج السابقة في تقليص المخاوف، نتوقّع أن يستوعب المستثمرون هذه المرّة الحقيقة بشكل أسرع. مع ذلك، لا ينبغي علينا أبدًا التقليل من أهمّية التأثيرات المحفّزة للآمال.
لقد زعزعت التداعيات الكاملة للمساعي التي تمّ الإعلان عنها في نهاية الأسبوع السابق صفو التّجار. مع ذلك، وعقب استعراضهم طوال عطلة نهاية الأسبوع الشروط التي برزت، لن يكون من الصعب بالنسبة الى المشكّكين إقناع الغير بأنّ الآفاق لم تتحسّن. هذا ويتجسّد الإقتراح الأكثر وضوحًا الذي رشح عن قمّة الإتّحاد الأوروبي بزيادة 200 مليار يورو على حجم صندوق الإنقاذ، ما سيوجّه رؤوس أموال المصرف المركزي نحو صندوق النقد الدولي لكي تستعمل في عملية إعادة تدوير رؤوس الأموال بإتّجاه الإتّحاد الأوروبي.
بعيدًا عن ذلك، إنّ تعزيز سقف الميزانية وخطط (المفتقرة الى التفاصيل) الآليات التلقائية لكلّ عضو بغية تقليص الإنفاق وترسيخ العائدات الضريبية في حال تجاوز العجز 3%، يساهم في تفادي الإضطرابات المستقبلية (في حال تمّ توفير خطّة مفصّلة). مع ذلك، إنّ تلك المقترحات لا تحلّ المسائل الراهنة. ولا حتّى التطبيق السريع لآلية الإنقاذ الدائمة البالغة قيمتها 500 مليار يورو بحلول يوليو من العام 2012. مع ذلك، لا تعني وعود الإنقاذ الكثير إلاّ في حين تمّ إقراض رؤوس الأموال اللازمة عند الحاجة.
لا يجب توقّع صدور أي جديد عن الإتّحاد الأوروبي قبل انعقاد قمّة مارس . يؤدّي ذلك الى تبدّد الآمال المعلّقة على البنك المركزي الأوروبي.
عمد المصرف المركزي الى تقليص معيار معدّلات الفائدة وصولاً الى 1.00%، وأعلن خط سيولة ممتدّ على 36 شهر، وخفّض معدّل الإحتياطيات وشروط الضمان المفروضة على المصارف التي تطلب القروض؛ بيد أنّ ذلك لا يعزّز ثقة المؤسّسات المالية الأوروبية ببعضها البعض. في حال تدهورت الأسواق الأوروبية، سيعلّق المشاركون في الأسواق آمالهم على برنامج شراء سندات مكثّف شبيه بالجولة الثانية من برنامج التيسير الكمّي التابع لبنك الاحتياطي الفدرالي.
عافية الأسواق المالية الأوروبية هي من سيقود الثقة في اليورو وفي المبادرات الأخيرة. وعلى الرغم من الوعود كافة التي تمّ إطلاقها خلال الأسبوع السابق، لا تنفكّ الأوضاع تتدهور. على مستوى سيادي، اضطرّ البنك المركزي الأوروبي الى شراء السندات الإيطالية والأسبانية والبرتغالية يوم الجمعة على خلفية ارتفاع معدّلات الفوائد من جديد.
وخلال الأسبوع القادم، ستجري كلّ من إيطاليا وفرنسا وأسبانيا واليونان وبلجيكا وألمانيا مزادات لبيع ديونها. سيوفر ذلك نظرة معمّقة على درجة الثقة. كما تواصل المعدّلات التي تفرضها مصارف اليورو على بعضها البعض، والطلبات على الدولار الأميركي والودائع لدى البنك المركزي الأوروبي الإرتفاع.
إنّ أي أمل في استعادة ثقة الأسواق يتطلّب نشوء انعكاس في هذه المرحلة.