ألمانيا متهمة بالتباطؤ باتخاذ قرارات حاسمة لإنقاذ دول جنوب أوروبا المأزومة
واصلت الصحافة الألمانية متابعتها لأزمة الديون السيادية المستفحلة بمنطقة اليورو، وسط اتهامات إعلامية بهروب رؤوس أموال ضخمة من هذه المنطقة المأزومة إلى البنوك الألمانية.
فقد كتبت صحيفة فرانكفورتر روندشاو تقول إن "أحدث الإحصائيات الصادرة عن البنك المركزي الأوروبي، أظهرت أن ما روجه الإعلام الأنغلو سكسوني بشأن هروب رؤوس أموال ضخمة من منطقة اليورو باتجاه البنوك الألمانية لا يعدو سوى كونه خرافة".
وأضافت أنه بالرغم من أن نظرية المؤامرة قليلا ما مثلت جزءا من الاقتصاد فإن التدقيق ببيانات المصرف المركزي الألماني يجعل المرء على قناعة بأن الأسواق المالية هي السبب وراء صناعة الأزمة المالية الحالية لأهداف خاصة بها.
وأوضحت الصحيفة أن وسائل الإعلام البريطانية والأميركية أشاعت خلال الأسابيع الأخيرة أن أصحاب رؤوس الأموال الهائلة والمجموعات المالية العملاقة يعتزمون تدمير منطقة العملة النقدية الأوروبية الموحدة، وذلك عن طريق نقل ثرواتهم إلى المصارف الألمانية.
عملات قديمة
ولفتت فرانكفورتر روندشاو إلى أن المنطق بهذه القصة يقول إن عودة الدول الأوروبية إلى عملاتها القديمة في حال انهيار اليورو من شأنه أن يقود بعد أيام إلى أنهيار في قيمة عملات الدول الأوروبية المأزومة وأسعار العقارات فيها.
وترى الصحيفة أن المخرج الوحيد المفترض من هذا الوضع سيكون عبر استبدال الأموال اليونانية والإيطالية والإسبانية في الوقت المناسب بعملات أوروبية قوية أو نقلها لأرصدة ببنوك دول ذات عملات مستقرة، منبهة إلى أن هذا هو نفس ما حدث في 2001 عندما جرى نقل أموال ضخمة من الأرجنتين إلى البنوك الأميركية بعد أن كانت بوينس أيرس موشكة على الإفلاس.
واعتبرت فرانكفورتر روندشاو أن كشف البنك المركزي الألماني عن تحويل 7.8 مليارات يورو من منطقة اليورو إلى البنوك الألمانية في سبتمبر/أيلول الماضي عزز من مصداقية نظرية المؤامرة السابقة التي وجدت لها أذانا صاغية كثيرة.
وقالت الصحيفة :
"إن تمحيص الفرضيات السابقة يجعلها متهافتة لأن بيانات البنك المركزي الألماني كشفت عن هروب 10.8 مليارات يورو من البنوك الألمانية للخارج في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، و12 مليار يورو بين شهري أغسطس/آب وأكتوبر/تشرين الأول الماضيين.
وخلصت الصحيفة إلى أن الترويج لقصص هروب الأموال من إيطاليا واليونان يجعل الأسواق الأوروبية غير مثيرة للاهتمام، ويلحق بأوروبا أضرارا فادحة تفوق ما سيحل ببريطانيا والولايات المتحدة رغم أن الأخيرتين مثقلتان بديون أكثر من الدول الأوروبية.
رعب أميركي
وتحت عنوان "رعب أميركي من تباطؤ المستشارة الحديدية"، ذكرت صحيفة دي فيلت أن الدوائر الحكومية والإعلامية الأميركية التي امتدحت إدارة المستشارة أنجيلا ميركل لأزمة اليورو، يأخذون عليها في المقابل تباطؤها في اتخاذ قرارات حاسمة وسريعة لإنقاذ دول جنوب أوروبا المتأزمة.
وأشارت دي فيلت إلى أن الأميركيين يعتبرون أن ميركل ستنتصر إذا نجحت أوروبا في تجاوز أزمتها الحالية، وستحمل كل الأوزار إذا أنهار اليورو وفشلت خطة إنقاذه.
وقالت الصحيفة إن كبار السياسيين والمحللين بواشنطن يتساءلون عن عدم استخدام ألمانيا لفوائضها المالية الهائلة من عائدات التصدير في إنقاذ إيطاليا وإسبانيا بقروض طويلة الأجل، وعن سبب رفض برلين إصدار سندات أوروبية يمكن أن تسهم في ترحيل الديون.
ونقلت الصحيفة عن أحد كبار المخططين الإستراتيجيين الاقتصاديين بواشنطن فريد بيركشتاين قوله "إن ألمانيا ستدفع في النهاية أي نفقات تحتاجها عملية إنقاذ العملة الأوروبية، وإنها ستوافق على شراء المركزي الأوروبي للديون السيادية، لأنها تعرف أن انهيار اليورو يعني تراجعا كبيرا في صادراتها التي يتجه 40% منها لمنطقة اليورو".