تعاني أسواق النفط العالمية من تنامي الإنتاج الامريكي من النفط بالرغم من المساعي التي تبذلها الدول المنتجة للنفط من داخل وخارج منظمة أوبك لتعديل الاسعار الحالية التي تراوح عند أقل أو أكثر من 50 دولارا للبرميل خلال الأشهر الفائتة. فبعد ثلاثة أيام من الصعود في أسعار النفط العالمية، تراجعت هذه الأسعار يوم الجمعة الماضي وسط قلق المستثمرين من أن يقوض تنامي الإمدادات الأمريكية تخفيضات الإنتاج التي تقودها أوبك.
بالرغم من المساعي التي تبذلها الدول المنتجة من أوبك وخارجها، إلا أن أسعار النفط ما زالت تعاني من تنامي الإنتاج النفطي من قارة أمريكا الشمالية وخصوصاً الولايات المتحدة التي باتت ساستها الأخيرة تدعم شركات تنقيب النفط الصخري مما يجعل الأسعار عالقة بالقرب من سعر 50 دولاراً للبرميل، وقال الخبير النفطي حيدر بن عبدالرضا اللواتي لصحيفة عمان أن الوكالة الدولية للطاقة تتوقع بأن تعاود أسعار النفط في الارتفاع بشكل حاد بحلول عام 2021، وأن العام الحالي 2017 يوحي ببداية تعافي الاسعار في السوق العالمي.
وقال بأنه حسب التقارير الأخيرة فإن التعافي سوف يتبعه صعود حاد نتيجة لتناقص المعروض من النفط بسبب تراجع استثمارات المنتجين في هذا القطاع الذين يعانون من هبوط الأسعار في الوقت الحالي. ويرى المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة فاتيه بيرول إنه من السهل على المستهلكين أن ينخدعوا في المخزون الكبير والأسعار المنخفضة حاليا، لكننا ينبغي أن نكتب على الحائط: التراجع التاريخي للاستثمارات الذي نراه الآن يثير الكثير من علامات التعجب حول المفاجآت التي قد نراها على صعيد الأمن النفطي وذلك في المستقبل غير البعيد.
وتوقع خبراء استشاريون لدى الوكالة الدولية للطاقة أن يبلغ المعروض من النفط في الأسواق العالمية 4.1 مليون برميل في اليوم الواحد في الفترة الممتدة من 2015 و2021، وهو ما يشير إلى تراجع مقارنة بالمعروض العالمي الذي ارتفع إلى 11 مليون برميل يوميا في الفترة من 2009 إلى 2015. وأشاروا أيضا إلى توقعات بتراجع في استثمارات وإنتاج النفط بواقع 17% في 2016 بعد انخفاضه بواقع 24% العام الماضي. وتؤكد الوكالة الدولية للطاقة في تقريرها إلى إن العام الحالي 2017 فقط هو الذي سيشهد في نهاية الأمر تساوي بين العرض والطلب في سوق النفط، لكن المخزونات الهائلة التي تتراكم في الوقت الراهن سوف تضعف وتيرة تعافي الأسعار في الأسواق عندما تبدأ السوق في استعادة التوازن، عندها تبدأ تلك المخزونات في التضاؤل.
لقد أُغرقت الأسواق بالنفط منذ ازدهار إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة. ويُرجح أن ذلك هو السبب الذي دفع دول أوبك، وعلى رأسها السعودية إلى الإبقاء على معدل إنتاج النفط الحفري عند مستوياته الحالية دون خفض، ما أدى إلى تراجع حاد في أسعار النفط ووضع المزيد من الضغوط على كاهل المنافس الأمريكي. كما أن تباطؤ اقتصاد الصين من العوامل التي أحدثت آثارا سلبية انعكست على الطلب العالمي على النفط.
ومن جانب آخر يشير البنك الدولي تجاه توقعاته لأسعار النفط الخام لعام 2017 إلى أن تصل إلى 55 دولارا للبرميل بدلا من 53 دولارا للبرميل مع استعداد أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول أوبك للحد من الإنتاج بعد فترة طويلة من الإنتاج غير المقيد. ويتوقع البنك وبوجه عام أن تقفز أسعار الطاقة التي تشمل النفط والغاز الطبيعي والفحم نحو 25% بشكل إجمالي العام القادم 2018، وهي زيادة أكبر مما كان متوقَّعا في شهر يوليو من العام الماضي، حيث اشار البنك في نشرته الى أنه من المتوقع أن تبلغ أسعار النفط في المتوسط 43 دولارا للبرميل لعام 2016 دونما تغيُّر عن تقرير يوليو من نفس الشهر.
ويتوقع الخبير الاقتصادي الأول والمؤلف الرئيسي للتقرير جون فابس حدوث زيادة قوية في أسعار الطاقة وفي مُقدِّمتها النفط العام المقبل 2018، بيد أن هناك قدرا كبيرا من الضبابية يحيط بآفاق المستقبل، مشيرا إلى أن الجميع ينتظر تفاصيل وتنفيذ اتفاق أوبك الذي إذا تمَّ تنفيذه فسوف يُؤثِّر قطعا على أسواق النفط خلال الاشهر الستة الأخرى من العام الحالي. وبالنسبة للعام الحالي 2017 فإنه من المتوقع حدوث انتعاش طفيف لمعظم السلع الأولية في ظل اشتداد الطلب وتلّص المعروض.
وعلى المستوى المحلي يرى سعادة المهندس سالم بن ناصر العوفي وكيل وزارة النفط والغاز فيما يتعلق بمستقبل أسعار النفط، أنه لا يمكن توقع الأسعار على المدى المتوسط أو الطويل، لكن المختصين في تسويق النفط والخام يضعون توقعات خلال العام الجاري 2017 بأن تتراوح الأسعار بين 55 إلى 65 دولارا للبرميل، مؤكدا في هذا المجال أن السلطنة اعتمدت أسلوبا يخفف من القلق بشأن تقلبات أسعار النفط عبر اعتماد متوسط تداولات نفط عمان خلال شهر ما كسعر التسليم بعد شهرين، بما يعني القدرة على معرفة إيرادات النفط قبل شهرين، والتعامل مع ذلك سواء في إعداد الموازنات المالية للشركات العاملة في النفط والغاز أو موازنات الجهات الحكومية والخاصة.
كما اشار في حديثه للصحافة المحلية مؤخرا بأن السلطنة كررت الدعوة أكثر من مرة إلى ضرورة العمل على خفض العرض حتى يمكن ضبط الكميات الفائضة بالسوق العالمي، واتخذت بالفعل الخطوات العملية نحو المشاركة في خفض الإنتاج بحسب النسب المقررة، مبديا اطمئنانا فيما يتعلق بالتزام الدول المتفقة على خفض الإنتاج بحصصها الإنتاجية، خاصة وأن الدول المنتجة ستستفيد بالفعل من ارتفاع السعر بعد انخفاض فائض المعروض.
إن تراجع أسعار النفط في الفترة السابقة واستمرارها أثر بقوة على قطاع النفط حول العالم، وأظهر تأثيرات شديدة على حجم الاستثمارات النفطية دوليا، كما كان له تأثير عنيف على العاملين في الشركات النفطية العالمية الكبرى، إلا بعض التحسن في الاسعار دفعت شركات الطاقة الأمريكية مرة أخرى بزيادة عدد منصات الحفر النفطية، الامر الذي يؤدي إلى تحرك أسعار النفط ببطء، وليس من السهل ارتفاع تلك الاسعار في الفترة القريبة في إطار هذا التنافس القائم بين الشركات الامريكية المنتجة للنفط الصخري والشركات العالمية الأخرى في دول الشرق الاوسط وخارجها.