توحي لنا الحركة العامة لهذا الأسبوع في أسواق المعادن الثمينة إلى أن المعادن الثمينة بشكل عام تزحف نحو الأعلى بشكل تدريجي، الذهب يترفع لكن بخطى متثاقلة و كأنه يجر حملاً ثقيلاً خلال تسلّقه مما يجعل الاعتقاد الذي يشير إلى أن الاتجاه الهابط للمعادن الثمينة بشكل عام لم ينتهي حقاً، و أن ما نشهده الآن هو موجة صاعدة تصحيحية و صراح للاحتفاظ في العزم الصاعد.
خلال تداولات نيويورك يوم أمس، ارتفع سعر الذهب بمقدار 0.67%، لكن ارتفع سعر الذهب ليحقق الأعلى له حول مستوى 1344.30 بسعر الطلب ( Ask )، لكن في المقابل لم يستطع السعر الاحتفاظ في كل العزم الصاعد الذي حققه خلال الجلسة. لكن في تداولات لندن، انخفض سعر الذهب من مستوى الافتتاح الصباحي المثبّت عند 1337.50 نحو مستوى 1331.50 لسعر الإغلاق المثبّت ( Fixed )، ذلك يعتبر إشارة واضحة إلى أن الذهب يكتسب العزم خلال الجلسة الأمريكية.
خلال تداولات يوم أمس، ارتفع سعر الفضة بشكل كبير نسبياً مقارنة في الذهب، حيث استطاع سعر الفضة أن يحقق ارتفاعاً في كل من جلسة نيويورك و كذلك جلسة لندن، و أغلق جلسة لندن عند مستوى 28.60 دولار للأونصة بارتفاع مقداره 1.96%. البلاتين أيضاً، فقد استطاع اكتساب 1.90% ليضيفها على سعر افتتاح نيويورك و يغلق عند مستوى 1827.00 دولار للأونصة. ارتفع سعر البلاتين خلال جلسة لندن أيضاً حيث استطاع تحقيق ارتفاع من مستوى 1808.00 إلى مستوى 1812.00، لكن كما نرى فالاتجاه الصاعد تركّز خلال الجلسة الأمريكية.
البيانات الاقتصادية التي صدرت هذا الأسبوع أشارت إلى استمرار التعافي الاقتصادي في قطاع التصنيع في العديد من الدول العظمى في العالم أهمها الولايات المتحدة الأمريكية التي شهدت ارتفاعاً كبيراً في مؤشر معهد التزويد الصناعي الذي أشار إلى ارتفاع من مستوى 58.5 إلى مستوى 60.8 ليشير إلى تسارع كبير في نمو القطاع. هذا ما دفع سعر البلاتين و الفضة للارتفاع بشكل كبير يفوق ما شهده سعر الذهب، حيث تنخفض طلبات الملاذ الآمن مقارنة بالارتفاع الذي تشهده قوى الطلب الصناعي و المضاربة.
مع استمرار تحسّن الاقتصاد الدولي، نرى بأن البلاتين ما زال يتداول في مستويات إيجابية و استطاع اليوم أن يكتسب 0.16% إضافية من إغلاق نيويورك يوم أمس ليتداول سعر البلاتين في هذه اللحظات عند مستوى 1830.00 دولار للأونصة. انخفض اليوم كل من سعر الذهب و الفضة، فيتداول سعر الذهب اليوم عند سعر 1336.80 دولار للأونصة بانخفاض مقداره 0.38% فيما نرى سعر الفضة يتداول بانخفاض مقداره 0.59% عند سعر 28.43. هذه الأسعار كما هي في تمام الساعة 01:57 صباحاً بتوقيت نيويورك.
الاتجاه الهابط الذي اتخذه كل من سعر الذهب و الفضة هذا اليوم تابع لموجة من البيع و الاستغناء عن الملاذ الآمن لصالح الاستثمارات ذات العائد المرتفع، منها أسواق الأسهم التي شهدت أمس في نيويورك أداءً ممتازاً و هذا اليوم في جلسة آسيا شهدنا ارتفاعاً في مؤشر نيكاي الياباني مقداره 1.78% و شارك في هذا الارتفاع مؤشر هانج سينج الذي يتداول الآن بارتفاع مقداره 1.81% و كذلك مؤشر شنغهاي المركّب الذي يتداول بارتفاع مقداره 0.31% رغم بعض القلق الذي يسود الصين من أن تقوم الجهات المعنية في استخدام أساليب أكثر شدّة و قوّة للحد من الارتفاع في مستويات التضخم و منع حصول فقاعات اقتصادية.
مع الاتجاه نحو الأصول المرتفعة العائد، و مع التذبذب الكبير في الأسواق المالية و القلق تجاه بيانات الوظائف الأمريكية نهاية هذا الأسبوع يتضاربان في تحريك أسواق المعادن الثمينة، بل نرى تضارباً و اختلافاً في أداء كل معدن من المعادن الثمينة الرئيسية الثلاث. انخفاض سعر صرف الدولار الحاد يضفي طلباً على المعادن الثمينة مضاربياً و كذلك من قبل الذين يغطّون مخاطر انخفاض سعر صرف الدولار، فيما انخفاض سعر برميل النفط يقلل الطلب على المعادن الثمينة من الذين يطلبون المعادن الثمينة كغطاء لارتفاع محتمل في مستويات التضخم بقيادة ارتفاع أسعار الطاقة.
الصراع الذي يبدو واضحاً في أسواق المعادن الثمينة للاحتفاظ في الإيجابية صاعدة يبدو جلياً، لكن هل سوف تستطيع المعادن الثمينة أن تحقق مزيداً من المكاسب خلال الفترة المقبلة؟ تشير التفسيرات الاقتصادية للمستجدات الدولية أن التوتّر في مصر و تأثراته السلبية على الدول المحيطة في دول الشرق الأوسط و الخليج قد يكون له تأثير إيجابي على طلب المعادن الثمينة كملاذ آمن، و كذلك احتمالات ارتفاع التضخم مستقبلاً في العديد من الدول العظمى و الدول الناشئة يدعم المعادن الثمينة، لكن في نفس الوقت يعيش الآن المستثمرون حالة من التفاؤل و الاتجاه نحو أسواق الأسهم لما تقدّمه من أداء إيجابي مما يضعف طلب المعادن الثمينة.