السلام عليكم
تُعدّ تكلفة الإنتخابات الأمريكية الأكثر ارتفاعاً في العالم، ليس فقط لأنّ الولايات المتحدة هي الدولة الأعظم، أو لأنّ اقتصادها هو الأول في العالم وحسب، بل لأنّ المال السياسي المنظم والمُبرمج والمُشرعن بموجب القوانين وأحكام المحاكم القضائية يلعب الدور الأساسي في تسيير الانتخابات، (رئاسية كانت أم تشريعية)، وربما توجيهها على حسب ما تشتهي أو لا تشتهي سفن المرشحين أو الناخبين على حدّ سواء!
نتوقف اليوم عند المال السياسي عبر الدور الذي يلعبه السوبر باكسSUPER- PACsبعد أن أسدلت الانتخابات الرئاسية الأمريكية ستائرها في الوقت المحدّد ووفقاً لما كان مرسوماً لها.
يُنظم القانون الأمريكي منذ عقود طويلة تمويل الانتخابات الأمريكية وكيفية مراقبة إنفاق أموال التبرعات الانتخابية، ولقد ظلّت لجان العمل السياسي الPACsكمنظمات تنشأ وتعمل لتجميع وتوجيه التبرعات المساندة للمرشحين، ظلّت تقوم بدورها الأساسي المتمثل بالحدّ من سطوة المال على الانتخابات وعلى السياسة الأمريكية عموماً، وذلك عن طريق توثيق التبرعات المالية للمرشحين وتحريم بعض أنواع التبرعات، كتبرعات الشركات الكبرى المالية المباشرة للمرشحين السياسيين وتشجيع هؤلاء على التقليل من تكاليف حملاتهم الانتخابية، ويوجب القانون على هذه اللجان أن تُسجّل لدى الهيئة الفيديرالية للانتخاباتFederal Election Commissionثمّ تعاظم خلال العقود الثلاثة الماضية دور هذه اللجان وتزايد عددها من 608 لجان عام 1976 إلى 4600 لجنة عمل سياسي عام 2006 . ثم جاء القضاء الأمريكي مؤخراً ليوسّع دور المال السياسي في الانتخابات، وليفتح آفاقاً جديدة للإنفاق من جانب الشركات الكبرى والاتحادات والمنظمات، وليُكرّس ما يُعرف في الأوساط الصحفية والإعلامية اليوم ب (سوبر باكس) المشتقة من عبارة Super Political Action Committee
فقد جاء في قرار المحكمة الأمريكية العليا الصادر في كانون الثاني عام 2010 أنّ للشركات الكبرى نفس الحقوق التي للأشخاص الطبيعيين، وأنّه لا يحقّ للحكومة تحديد المبالغ التي تستطيع هذه الشركات إنفاقها لدعم أو انتقاد المرشحين السياسيين. كما جاء في قرار آخر لمحكمة الاستئناف الفيديرالية أنّ بإمكان لجان العمل السياسي قبول الهبات غير المحدودة.