فقلت له ... و ما علاقة تعذيبه لخلقه و عدم تدخله لانقاذهم من العذابات و الآلام _ كما تقول _ و إنكار وجوده ؟ هذه مشكلة في التفكير و سطحية ساذجة ... لكن دعنا نتجاوز هذا الأمر الآن ...
أخبرني لقد رأيتك تضرب طفلك ، فرحمته و أشفقت عليه ، فلماذا قسوت عليه ؟؟؟ .... قال نعم ، أنا أفعل لأني أحب له الخير و لكي تكون شخصيته متوازنة ، و تذكر أنه ولدي و أنا أرحم به منك و أعرف بمصلحته ....
فقلتُ له : اذن يا صديقي الحائر : تأمل معي : أنا رحمته ، و أنت أيضا ترحمه لكنك تضربه ... هذا يعني أن الرحمة بيننا و إن اتفقت في أصلها ، إلا أنّها اختلفت في مظهرها ..... فأنت رحمته من موقعك كأب يحب لولده الخير و ينظر إلى كيف ينبغي أن تكون شخصيته مستقبلا ، و لهذا تضربه أحياناً ..... أما أنا فقد رحمته من موقعي كإنسان عادي فقط ....
هكذا _ و لله المثل الأعلى _ علاقة الله بخلقه ..... يتعامل معهم من موقع أنّه إله مطلق الكمال في صفاته كالرحمة ، العلم ، الحكمة ... و من منطلق شمولية علمه لمسار حياة الإنسان في الدنيا و الآخرة .... أما أنتم فتنظرون للأمور من موقعكم كبشر محدودين ، أقصى ما يمكنكم التفكير فيه هو اللحظة الراهنة التي أنتم فيها ....
إذن يا صديقي الحائر لا تتعامل مع الأمور كإنسان محدود ، بل حاول أن تفهمها في إطار الحكمة الربانيّة الكليّة ...... أحيانا يكفي أن نمسح زجاج النظارة لكي نفاجئ بأن الصورة أجمل مما كنا نتوقع ..... و أخيرا تذكر قولك : أنه ولدي و أنا أرحم به منك ، فكذلك .. هم خلق الله و هو أرحم بهم منك