اشارت صحيفة "نيويورك تايمز":
إلى أن الزعماء السياسيين سيحاولون اقناع الناخبين في بلادهم بأنهم قادرين على فرض المزيد من الانضباط والتدخل في وضع الميزانيات الوطنية، ما يمكن البنك المركزي الأوروبي من حيازة القوة السياسية للتحرك في دعم مبيعات سندات إسبانيا وإيطاليا.
الهدف من هذه الاستراتيجية هو أن البنك يمكن أن يغرق السوق بالأموال، ويدفع لخفض أسعار الفائدة إلى مستويات مقبولة، وشراء الوقت لأوروبا لحل مشاكل ديونها وإصلاح اقتصاداتها المتباطئة.
لكن مع اتجاه أوروبا نحو الركود، وتزايد الشكوك بأن الانضباط سوف يحل الاختلالات الهيكلية العميقة في منطقة اليورو، انتقلت مخاوف الأسواق من الشكوك حول الملاءة المالية للدول بشكل فردي، لتشمل منطقة اليورو ككل.
وتشمل هذه الشكوك الآن ألمانيا، التي لا يمكنها ضمان مصداقية الديون الايطالية والاسبانية، والتي يبلغ مجموعها أكثر من 3.3 تريليون دولار.
ونقلت الصحيفة عن كينيث روغوف، بروفيسور في الاقتصاد بجامعة هارفارد:
قوله إن "المشكلة الأكبر لليورو ليست في المال، بل بسبب عدم وجود هيكلية ناجحة"، مشيراً إلى أن "الأزمة هي مشكلة دستورية ومؤسسية عميقة في أوروبا، وليست مشكلة في التمويل".
وقال سايمون جونسون:
كبير الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي والأستاذ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إنه "مع ارتفاع معدلات الفائدة الألمانية، الأسواق الأوروبية الآن قلقة بشأن استدامة منطقة اليورو ككل، فالسوق أعطت مؤشراً إلى أن الخطر النسبي هو في العملة، وليس في المخاطر السيادية".
وتوقع جونسون انهيار منطقة اليورو، في حين يعتقد محللون آخرون أن أوروبا لديها المزيد من الوقت، خاصة إذا تدخل البنك المركزي الأوروبي لدعم ايطاليا بقوة أكبر.
من جهته، قال روغوف:
"الاوروبيون يملكون ما يكفي من المال لشراء الوقت قبل انهيار الاتحاد، لكنهم بحاجة الى اتخاذ خطوة كبيرة نحو الوحدة الاقتصادية والسياسية، مع من يريد أن يكون جزءا من ذلك".
وأضاف: "ألمانيا على حق في أن تطلب تغييرات منهجية في هذا الإطار، فرعماء أوروبا كانوا يأملون في أن يكون لديهم 30 أو 40 عاماً لجعل الدمج أكثر اكتمالاً، لكنهم اليوم لا يملكون سوى 30 إلى 40 أسبوعاً، وربما أقل".واضاف: "اننا ندخل الآن في فترة حرجة من 10 أيام لاستكمال واختتام الاستجابة للأزمات في الاتحاد الأوروبي"، قال أولي رين مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الاقتصادية والنقدية.
وأشارت الصحيفة إلى أن فرنسا والمانيا في سعي إلى فرض تحولات جوهرية في الصلاحيات بين الدول الـ 17 في الاتحاد الأوروبي، وذلك من أجل تعديل المعاهدات للسماح برقابة وطنية أكثر مركزية للسياسات المالية والميزانية.
وسيجري تقييم عقوبات على البلدان التي تنتهك قواعد الانضباط الاقتصادي، والتي سيتم تشديد اجراءاتها وتوضيحها.
وفي حال تمت الموافقة على هذه الاقتراحاتمن حيث المبدأ في اجتماع القمة المقرر عقده في 8 – 9 ديسمبر، سيؤدي ذلك إلى إحداث عملية إعادة هيكلة رئيسية للاتحاد الأوروبي، وإضفاء الطابع المؤسسي على أوروبا، مع مزيد من التكامل الاقتصادي والحكومي بين دول منطقة اليورو.
الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يعتزم التحدث الى بلاده يوم الخميس لشرح أفكار لتغيير المعاهدة، ومن المتوقع أن تفعل انجيلا ميركل الأمر ذاته في المانيا يوم الجمعة.
مثل هذه التغييرات، التي تنطوي على مزيد من التنازل عن بعض السيادة الوطنية والسلطات، تحتاج إلى تصديق من قبل الدول المعنية، وربما من قبل جميع الاعضاء الـ 27 في الاتحاد الأوروبي، ما يعني إجراء الاستفتاءات في عدد قليل من البلدان.
وعلى الرغم من أن تغيير المعاهدة عملية طويلة تستغرق الكثير من الوقت، إلا أن الأمل هو أن هذا الجهد سوف يخلق زخماً كافياً للتقارب الاقتصادي والانضباط الذي من شأنه أن يوفر الغطاء السياسي لقادة ألمانيا للسماح للبنك المركزي الاوروبي بالتدخل للدفاع عن ايطاليا واسبانيا ومحاولة تحقيق الاستقرار في السوق.
لكن الخبراء يقولون انه قد يكون فات الأوان لمثل هذه الخطة، فالقواعد الجديدة قد تساعد في منع حدوث أزمات في المستقبل، لكنها لن تعالج الأزمات الحالية. كما أن القواعد التأديبية الجديدة لن تفعل شيئاً يذكر لمعالجة الخلل الهيكلي في منطقة اليورو، حيث البلدان على مستويات اقتصادية مختلفة جدا، ما يؤدي إلى الاختلالات المستمرة في الائتمان.
وأشارت "نيويورك تايمز" :
إلى أن الإصلاحات الهيكلية داخل الدول، مهما كانت قيمة على المدى الطويل، تستغرق وقتاً طويلاً لتحقيق نتائج ملموسة، والتقشف وحده لا ينتج نمواً اقتصادياً، الذي يمثل العلاج الرئيسي للديون الكثيرة.
وقال روغوف: "المرحلة الأخيرة هي التغيير الدستوري، لكن ما قبل هذه المرحلة، لا بد أن يكون هناك ما يكفي من الزخم من أجل التغيير الدستوري في توفير الغطاء السياسي للبنك المركزيللتدخل". وأضاف: "هذا فقط شراء للمزيد من الوقت، فإنهم لا يستطيعون تمويل كل شيء، وألمانيا لا يمكن أن تعلن أنها ستدفع الديوم الأوروبية كلها"