إنهيار الاقتصاد الامريكي بين الحقيقة والخيال
في كل بيت ومجلس بعد الفشل بتمرير مشروع الموازنة الامريكية قبل فترة الذي ادى الى توقف جزئي لعمل المؤسسات الحكومية لمدة قاربت الاسبوعين .
الكثير من المؤمنين بقرب انهيار الاقتصاد الامريكي هاجت بل وترسخت في اذهانهم بقرب اللحظة التي سيرون فيها امريكا ينهار اقتصادها خلال مدة قصيرة
طيب ما صحة هذه الافكار والاحاديث ، هل هي بعيدة عن الواقع ام انها هي الحقيقه ؟!!
دعوني قبل ذلك اضرب لكم مثال توضيحي طويل قليلاً
سامر الفقير و أمير الغني
سامر طالب في الثانوية العامة وابن عائلة فقيرة ، أمير ايضاً مثل سامر طالب في الثانوية العامة ولكنه ابن عائلة ميسورة الحال (غنية) .
وعد والد سامر ابنه ان يكمل له دراسته بالجامعه بحال حصل على معدل عالي في الثانوية العامة رغم ان تكاليف الدراسة الجامعية مرتفعة والمهمة صعبه لوالد سامر .
ايضاً وعد والد أمير ابنه بسيارة هدية في حال نجاحه وحصوله على معدل جيد في الثانوية العامة وهذه الهدية التي تعتبر في المستوى المطلوب بوجة نظر أمير كون والده غني .
بعد انتهاء السنة الدراسية نجح سامر في الثانوية العامة وحصل على معدل عالي 90% تقريباً ولكن والده لم يفي بوعده الذي تعهد به لسامر باكمال تعليمه الجامعي
وتحمل تكاليف ذلك وعلل ذلك انه فقير ولا يستطيع ان يصرف عليه ويتحمل اعباء ذلك ، بل وهاجمه كونه يطلب شيئ اكثر من استطاعته رغم ان ذلك حق لسامر .
بينما حصل صديقه أمير على معدل 70% وبالنسبة له التعليم الجامعي أمر مفروغ منه وهذا لا يعتبر مكافأة من وجهة نظرة كون والده غني .
توجه أمير لوالده وطالبه بالهدية (السيارة) لكن والد أمير لم يفي بوعدة لانه يمر بضائقه مالية بهذه الفترة (لاحظ معي ضائقة لتوفير شيئ كمالي او ترفيهي وليس اساسي) .
وهذا هو الحال لاقتصاد امريكا مقارنة مع اقتصاديات الدول العربية مثلاً (التعبانة والمهترئة)
فلو اعتبرنا ان سامر هو اقتصاد دولة عربية ، فحينما نتحدث عن ازمة تكون تتعلق بأساسيات الحياة كالقمح والماء وووالخ..
ولو اعتبر أمير هو اقتصاد امريكا ، فحينما عجز والده عن توفير الهدية المتمثلة بالسيارة بسبب مروره بضائقة مالية ، فهنا الحديث
ليس عن اساسيات الحياة كالأكل والدواء والشراب ، وانما على شيئ كمالي او ترفيهي ..
حينما يتحدث الامريكان عن ضائقة وازمات مالية فهم لا يتحدثون عن عجزهم توفير قوت يومهم وانما كماليات تعتبر في بلادنا ..
فالسيارة مثلاُ في كثير من البلاد العربية تعتبر شيئ كمالي ويعتبر اقتنائها حلم لكثير من العائلات حتى لو كانت بموديل قديم واقتنائها لمره واحدة وللأبد
بينما الامريكي كل 3 او 4 سنوات يغير سيارته الى احدث موديل وحينما يتحدث عن مروره بأزمة فهو ان يبقى على نفس سيارته 10 او 15 سنة وهذا
مقارنة مع بلادنا يعتبر ليس ازمة ..
الولايات المتحدة عدد سكانها 5% من سكان العالم وينتجون ما يقارب 20% من الانتاج العالمي اي ما يقارب الربع ، في حين انهم
يستهلكون 30% الى 35% اي الثلث وهذا يعني انهم يستهلكون اكثر مما ينتجون ، وهذا يسبب لهم عجز في الميزان التجاري (الواردات اكثر من الصادرات)
ومن هنا تبدأ الازمة وتراكم الديون والمشاكل الاقتصادية ، انهم ينفقون اكثر مما يستهلكون لطبيعة حياتهم ورفاهيتهم الزائدة عن كثير من دول العالم التي
يعيش بعض افرادها على بضع دولارات طيلة شهر كامل ..
خلاصة الموضوع
الولايات المتحدة اقتصادها عملاق ولديها موارد طبيعية ضخمة فهي تنتج كميات هائلة من النفط ولكن كونها تستهلك اكثر مما تنتج تضطر للاستيراد
ما ينقص من احتياجتها ، كذلك تمتلك كبرى الشركات العالمية مثل جنرال موترز وشركات التكنولوجيا ، وانهيار اقتصادها بسهولة هذا بعيد المنال .
وانما الازمات المالية للولايات المتحدة هي صراع على البقاء في المقدمة مع الدول الصناعية الكبرى كالصين وصراع على توفير لمواطنيها خدمات صحية تعليمية تليق
بالدولة الاولى على العالم اقتصادياً ، وليس صراع على تأمين قوت اليوم لشعبها كما هو الحال في كثير من بلادنا العربية .
فقد تتراجع الولايات المتحدة الى الدولة الثانية او الثالثة كقوة اقتصادية نتيجة ازماتها ولكن ليس انهيار .
اذن فالـ يكف البعض عن الحديث عن هذه الخرافات ونحن جالسين في بيوتنا نحتسي الشاي والقهوة ننتظر انهيار امريكا لكي ننتصر عليها بالاقتصاد او غيره ..
وحتى اذا انهار الاقتصاد الامريكي فأن اول من سيأخذه معه للهاوية هو نحن ، لان اغلب عملات بلداننا مرتبطة بالدولار الامريكي ..
ولا حل الا بالعلم والانتاج والعمل والابتكار فقط وليس بانتظار انهيار هذه الدولة وتلك ، فهذا الوهم يعتبر حقيقه في اذهان كثير من الحالمين .
تم بحمد الله