منذ نوفمبر الماضي 2015 اي قبل شهرين يواصل النفط السقوط للاسفل بدون رحمة حتى وصل اليوم الى سعر
متدني للغاية و تاريخي ليقرع ابواب العشرينات ، منطقة الخليج العربي بدأت تصرخ مبكراً و قامت السعودية و الامارات
برفع قسم كبير من الدعم عن المحروقات ، كندا احد اهم الدول العالمية المصدرة لنفط تصرخ بصوت عالي و الدولار الكندي
ذهب الى اسفل السافلين ، امام هذه التغييرات الكبيرة في اسعار النفط
هل سيواصل النفط سقوطه للاسفل للاسعار متدنية جديدة ..؟!
وما هو مصير المنطقة العربية اقتصادياً خصوصاً الخليج العربي ..؟!
و من المستفيد الاكبر من ذلك ..؟!
انظر ادناه لاسعار النفط تقرع ابواب العشرينات فقد وصل هذا الاسبوع ادنى 28 $ للبرميل ..
اسباب سقوط اسعار النفط العالمية ...؟!
1- الصين : تعتبر الصين ضمن اكبر الدول المستوردة للنفط باعتبارها صاحبة اقتصاد عملاق و تستحوذ على القسم الاكبر
من الصادرات العالمية بتالي تحتاج الى الكثير من النفط ، وحينما تعاني الصين بالتأكيد سيقل الطلب على النفط وبتالي يزيد
المعروض بالسوق ويقل الطلب فيهبط السعر ، وهذا احد اهم الاسباب التي ضربت اسعار النفط بمقتل خصوصاً منذ بداية
السنة الحالية 2016 بعدها ظهرت مخاوف تراجع مستويات النمو في الصين ، لذلك الصين لاعب عالمي بسعر النفط .
2- السياسة (ايران+ روسيا) : لا شك ان لسياسية يد في هبوط اسعار النفط وهذا بات واضحاً رغم نفيه على المستوى الرسمي.
فكما نعلم ايران و روسيا دولتان مصدرتان لنفط و ايضاً حليفتان ، و بنفس الوقت متورطين بدعم نظام بشار الاسد السوري
و ابقاءه على قيد الحياة عن طريق الدعم المادي و حتى العسكري ، امريكا دائما سياستها تتعارض مع روسيا وتحاول توجيه
ضربة لروسيا و ايران من الزواية الاقتصادية وهي من خلال خفض اسعار النفط العالمية وحينما تنخفض اسعار النفط العالمية
تفقد روسيا و ايران الكثير من قدراتهم في مواجهة المصالح الامريكية في سوريا و جزيرة القرم في اوكرانيا .
و اخيراً رفع العقوبات الاقتصادية عن ايران سوف يزيد من المعروض بالسوق العالمية النفطية .
3- داعش : تنظيم داعش كما نعلم قام بالسيطرة على الكثير من ابار النفط في كل من سوريا و العراق خلال الفترة الماضي.
لدرجة ان داعش اصبحت تجني 3 مليون دولار يووومياً من عائدات النفط عليها و التي تبيعها في السوق السوداء باسعار متدنية .
فاصبحت داعش اكبر تنظيم غني يصنفه الغرب (ارهابي) ، ولذلك هبوط اسعار النفط سيكون ضربة لنظام داعش و الحد من قدرته
المالية في تمويل اعماله العسكرية في سوريا و العراق .
4-الولايات المتحدة : من المعلوم ان الولايات المتحدة تعتبر من اكبر المستوردين في العالم لنفط رغم انها تنتج النفط لكن
احتياجاتها او استهلاكها يفوق حجم انتاجها لذلك هي تعتبر دولة مستوردة ، لكن بالفترة تم اكتشاف كميات هائلة من ما يسمى
بالنفط الصخري بالولايات المتحدة و الذي قد يعمل على اكتفاء الولايات المتحدة من النفط العالمي ، بل مؤخراً بدأ مناقشة
قانون بالسماح للولايات المتحدة لتصدير النفط ، وهنا ان تصبح امريكا اكبر دولة مستوردة لنفط ، من دولة مستوردة الى دولة
مصدرة فهذا يعني زيادة المعروض و قلة الطلب و بتالي ضربة جديدة للاسعار النفط العالمية .
5- اوبك : منظمة اوبك بشكل بديهي يجب عليها الحفاظ على اسعار النفط بشكل معتدل وبتالي منطقياً حينما تنخفض اسعار
النفط العالمية ان تقوم بخفض الانتاج لتقلل العرض بالسوق و بتالي يزداد الطلب و تحافظ على سعر البترول وهذا اقل الايمان .
لكن في ظل انخفاض اسعار النفط و رغم ذلك اوبك تصر على عدم خفض الانتاج فهنا اترك لكم التساؤول حول ذلك
ان كان سياسي او اقتصادي او ماذا ؟؟!!
من المستفيد ومن المتضرر ..؟!
عربياً .. ببساطة الدول المتضررة هي الدول المنتجة لنفط وخصوصاً تلك التي يمثل النفط نسبة كبيرة من عائدتها المالية
ويشكل قسم كبير من ميزانيها ، فمثلاً السعودية تعتمد بدرجة كبيرة اقتصاديا على النفط ولا يوجد لديها عائدات اخرى
لذلك هذا يعني ان انخفاض اسعار النفط سيكون تأثيره سلبي بشكل كبير على السعودية و دول الخليج بل على المنطقة العربية
كلها الى حد كبيرة لان قسم كبير من الدول العربية تعتمد على دول الخليج مثل وجود العمالة المصرية هناك بكثافة
ويمدون بلادهم بالمال ، فالبطالة ستزيد والفقير سوف يزداد فقراً و المشاكل الاقتصادية ستتصاعد
كل ذلك اذا استمر النفط بالانهيار ..
عالميا.. روسيا التي انهيار الروبل الروسي لها في العام الماضي قد يعاني اكثر لان روسيا مصدرة لنفط و الغاز تحديداً .
وكذلك ايران ستعاني اضافة الى كندا باعتبارها مصدرة لنفط عالميا ، انظروا لشارت الدولار الكندي ادناه كيف يواصل
الهبوط بدون رحمة امام الدولار الامريكي بسبب تراجع اسعار النفط العالمية حيث انخفض الكندي الى ادنى
سعر له على الاطلاق منذ قراب ارررربعة عشر عام (14 سنة) و لا زال يواصل ..؟!
المستفيدين .. طبعاً الدول المستفيدة كثيرة خصوصاً تلك التي تستورد النفط بعكس الدول التي تصدرة ، فمثلاً الاتحاد الاوروبي
ومنطقة اليورو تحديداً استفادت بشدة من انخفاض النفط لانها اصبح تستورد بسعر رخيص و بتالي يتم تصنيع السيارات في المانيا
مثلا بسعر ادنى و تحقيق ارباح افضل لانخفاض التكلفة ، تركيا و الصين استفادت كثيراً بل و حتى كثير من الدول العربية
التي تستورد النفط ولا تتلقى اي مساعدات من دول الخليج ، استفادت كثيرا مثل لبنان الاردن فلسطين الخ..
هاوية الانتاج وفكرة الصعود ..؟!
ما لا يعرفه الكثير ان تكلفة انتاج برميل النفط يختلف من دولة الى اخرى ، وهناك دول هبط سعر برميل النفط في البورصة ادنى
من تكلفة انتاجه ، بمعنى اصبحت هذه الدول تخسر من بيع النفط لانه سعره بالسوق اقل من تكلفة انتاجة و استخراجه الذي
ادى لتراجع كبير جداً في عملات هذه البلاد ، على سبيل المثال كندا (41$) تكلفة انتاج البرميل و الان سعره ادنى 30 $
يعني ان كندا الان خرجت من قائمة الدول المصدرة لنفط و فقدت عائدات النفط التي كانت تجنيها خصوصاً اذا بقي سعره اقل
من 41 دولار ، وهذا السبب ادى لهبوط طاحن لدولار الكندي امام الامريكي ، هناك دول سبقت كندا بالوصول لهاوية الانتاج
و الخروج مبكراً من قائمة الدول المصدرة مثل بريطانيا (52 $) البرازيل (48.8 $) النرويج (36.10 $) انغولا (35.4 $)
طبعاً هناك دول تقترب من هاوية الانتاج وستبدأ بالصراخ قريباً مثلاً الصين (29.9 $) تقريباً بسعر التكلفة ، ونفس الحال
على تكلفة سعر التكلفة للبورصة حالياً المكسيك (29.10 $) اما ليبيا (23.5 $) و ليس ببعيد كثيرا الجزائر (20.40 $)
فيما روسيا على (17.20 $) و حليفتها ايران (12.30 $) اما دول الخليج فهي الافضل حال او اقل المتضررين فمثلاً
الامارات (12.3 $) و العراق (10.7 $) اما السعودية (9.9 $) و اخيراً الاقل تكلفة دولة الكويت (8.5 $) وكما يتضح لنا
من الارقام اعلاه ان هناك دول عظمى كالصين على حافة هاوية الانتاج تماماً فيما الدول العربية تحديداً دول الخليج بعيدة قليلاً
حتى الا و في دائرة الامان ، ولكن قد يتغيير الكثير من الحال اذا هابط البرميل ادنى من 20 $ مثلاً حينها ستخرج الكثير
من الدول من دائرة الدول المصدرة وتبقى بعض الدول العربية و بارباح زهيدة ..
امكانية او فكرة الصعود ... طبعاً يسأل الكثير من المضاربين بالسوق هل اسعار النفط ذاهبة للاسفل دون عودة ..؟!
و هل ان كانت ستعود هل ستطول المدة وووالخ .. ، طبعا دعونا اولا نتحدث عن الهبوط قبل الحديث عن الصعود ..
ان فكرة استمرار الهبوط حتى الان واردة في ظل استمرار المعطيات و الاسباب التي ذكرتها اعلاه وهناك مسؤولين عالميين
متشاؤمين لدرجة ان احدهم توقع ان يضرب سعر البرميل 15$ بل و حتى 10$ رغم انه يبقى توقع لكن سيناريو مزعج ومخيف.
نعود لفكرة الصعود طبعا اذا ما حدث متغييرات عالمية خصوصا بالاسباب المذكورة اعلاه حينها سنشهد طبعاً تعافي وعودة للاسعار
نحو الاعلى لكن هذا ليس سهل ، قد تستمر الاسعار الحالية اشهر طويلة ربما سنة مثلاً ، لكن لو غردنا خارج السرب قليلاً هناك
دول اقليمية تعتبر انخفاض اسعار النفط لها بمثابة امن اقتصادي قومي ومستعدة لخوض حروب من اجل رفع اسعار ، اتحدث عن
ايران التي يمر من مضيق هرمز التي تسيطر عليه 40% من تجارة النفط العالمية في البحر ، وهذا يعني ان حدوث اي خلل او
اغلاق للمضيق بسبب توتر سياسي حرب الخ.. سيؤدي لارتفاع جنوني لسعر برميل النفط بشكل جنوني حينها وهذا يصب بمصلحة
ايران و روسيا ايضاً ، لذلك لا يستبعد حدوث ذلك رغم انه سيناريو لكن كل شيئ وارد ..
ما البدائل لمواجهة الانخفاض ..!؟
طيب انا سأحصر الحديث حول هذه النقطة للمنطقة العربية فقط تحديداً منطقة الخليج والتي هي المتضرره بشكل مباشرة .
ان انخفاض او حتى انهيار اسعار النفط ليس نهاية العالم لنا كدول عربية مصدرة لنفط (السعودية الامارات الكويت قطر الخ..)
فهذه الدول غنية و لديها احتياطي نقدي بمئات المليارات و اصول ووالخ.. بتالي يمكن تخفيف اعتماد الدخل النقدي لدولة
بشكل تدريجي على مشاريع او استثمارات اخرى حتى نصل مثلا الى نسبة 90% دون الاعتماد على البترول لنحمي بلادنا من انهياره .
و هنا ارفع القبعه لدولة قطر و الامارات ، فمثلا دولة الامارات تعتمد 70% من دخلها على عوائد ليس له علاقة بالنفط .
استثمرت بمجال النقل والسياحة و العقارات بشكل ضخم ، كذلك دولة قطر تمتلك احياء كاملة في اوروبا و العالم اضافة
لاستثمارات زراعية بالسودان والكثير .. ، لكن وضع المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان ليس جيد فهي تعتمد بشكل كبيرة على عوائد
النفط ، وبتالي افضل وسيلة لمواجهة هذه المشكلة القومية هي بتقليل الاعتماد على النفط عن طريق الاستثمار بمجالات
بعيدة في العالم بمجال الصناعة و التجارة و الزراعة والخدمات و ابقاء نسبة لا تتجاوز 10% مثلاً من اعتماد الدولة على
العوائد النفطية ، طبعاً الامارات صرحت انها ستحتفل قريبا بتصدير اخر برميل نفط وهذا يدلل انهم يملكون خطة للاستغناء
بشكل شبه نهائي عن العوائد النفطية و بتالي لن يتأثرون وهذه هي طريق النجاة ..
-----------------
تم بحمد الله