لا حديث يعلوا في الشارع المصري الان عن حديث الجنيه المصري و ازمة الدولار في البلاد ، فكيف حصلت هذه الازمة ..؟!
و هل يقود الجنيه المصري و تراجعه المستمر امام الدولار مصر الى الافلاس لا سمح الله ..؟!
اما ان ما يحصل مجرد فقاعة و ان كانت قاسية لكن ستنفجر قريباً و يعود الجنيه للارتفاع ..؟!
وماذا تعني السوق السوداء و مصطلح التعويم ..؟!
تعالوا نشوف الموضوع من جوانب عديدة لنتعرف على تفاصيل المشكلة بشكل مفصل
لان هذه الازمة مست المواطن المصري في لقمة عيشة و جعلت من الحياة اكثر صعوبة ..
مصادر الدولار بمصر و اسباب الازمة (تراجع الجنيه) .
مصر بالاساس تعاني من عجز شبه دائم يقدر بــ 30 مليار دولار امريكي سنوياً ، لان الدولة بحاجة الى 80 مليار دولار ..
بينما مواردها الدولاريه تقدر بــ 50 مليار دولار امريكي و مصادر هذا الـــ 50 مليار من التالي :-
1- السياحة : تعتبر السياحة احد اهم موارد الدولار في مصر كونها بلد سياحي من الطراز الرفيع ، تقدر موارد مصر من
السياحة حوالي 12 مليار دولار ، هذا قبل الثورة و لكن بعد ثورة 25 يناير و استمرار المشاكل بمصر من عدم استقرار انخفض
الى 6 مليار دولار ، اي ما يقارب 50% و هذا كارثة طبعا لقطاع حيوي ، و مؤخراً بعد تفجير الطائرة بالسياح الروس بالاجواء المصريه
تم توجيه ضربه قاتله لسياحة المصرية و التوقعات تشير لامكانية انخفاضها الى 3 مليار دولار ، طبعا هذا بكل تأكيد ادى الى نقص
الدولار في البلد و اضعف الجنيه المصري .
2- قناة السويس: موارد مصر من قناة السويس تترواح تقريبا 5 مليار و 200 مليون دولار امريكي ، لكن مؤخراً انخفض هذا
الرقم 5% اي اصبح قرابة 5 مليار ، هذا الانخفاض طبعاً لا دخل لمصر به و لكن الكساد و التراجع بالاتحاد الاوروبي قلل
الطلب على الصادرات من الصين و بتالي قلل عدد السفن التي تمر من قناة السويس ، اضافة لتراجع الصادرات المصرية في
الاسواق التي تستهدفها بسبب الفوضى و الحروب بالاقليم مثل ليبيا ووالخ..
3- تحويلات المصريين بالخارج : اكبر مصدر لدولار بمصر هي من تحويلات العاملين بالخارج و الذي يفوق عددهم
الــ 10 مليون عامل ، يرسلون حوالي 19 مليار دولار الى بلادهم (مصر) ، لكن مشكلة هذه الاموال انه تكالب عليها تجار العملة
في مصر من اصحاب محلات الصرافة او السوق السوداء او كل من يرغب بالربح من هذه المضاربات ، فهذه الاموال غالباً
لا تدخل لجهاز المصرفي في البنك لانه سعر منخفض عن السوق السوداء التي وصل بها سعر الدولار 16 جنيه لاول مره ربما
بتاريخ مصر ، فأنا لو معاي دولارات حصرفها من السوق السوداء ب 16 جنيه و ليس من البنك ب 8 ولا 9 جنيه ..
4- الاستثمار المباشر : موارد الدولار في مصر من الاستثمار متواضعه فمنذ قرابة 30 سنة لم تتجاوز ال 7 مليار دولار امريكي .
طبعا هؤولاء المستثمرين حينما يأتوا ليستثمروا بمصر يضعون اموالهم في البنوك المحلية و يعملون في مشاريع داخل البلد و يحركون
عجلة الاقتصاد ، لكن بعد الثورة و فشل الحكومات بمصر في جذب المستمثر يجعل من هذا القطاع غير فعال حتى الان .
فالمستثمر في كل دول العالم مدلل خصوصاً اننا في ظل ازمة منتشرة بانحاء كتير من العالم يعني المنافسة شديدة على اغرائه .
--------------
طبعا النقاط ادناه ليس مصادر لدولار و لكن اسهمت بقتل سعر الجنيه لذلك
سنكملها كنقاط ضمن الاسباب
5- فساد و فشل الحكومة و البنك المركزي : طبعا جزء كبير من هذه من الازمة سببه شئنا ام أبينا فشل الحكومة في احتوائها
او القدرة على معالجة الفساد هنا و هناك ، ايضاً البنك المركزي يتحمل جزء من المسؤولية و لا نريد ان نخوض كثيراً بهذه النقطة.
6- زيادة الواردات (سلع كمالية والخ..)
لما انت كبلد تعاني من مشكلة خطيرة تمس كل المواطنين مثل موضوع تراجع الجنيه في البلد و نقص العملة الصعبة فيها.
اذن اقل الايمان ان تقلل من خروج العملة الصعبة لسلعة الكمالية ، و ليس عيباً ان يتم التقشف ، أليس عيباً ان يكون لديك
ملايين المواطنين لا يجدون رغيف الخبز و انت تستورد بمبلغ 156 مليون طعام للقطط و الكلاااب ...؟!
أليس عيباً ان تستورد ب 600 مليون مفرقعااااات في بلد لا يجد فيه المواطن كيلو سكر..؟!
نحن نتحدث عن اكثر من نصف مليار تخرج بها العملة الصعبة خارج البلاد لسلعة يمكن الاستغناء عنها تماما
و مثل هذا الرقم يصرف على سيارات سباق و ملاعب و كأن هؤولاء الناس لا يعيشون مأساة عامة الشعب ..
اليكم الجدول ادناه قمت بترتيبه لبعض السلع الكمالية يصرف عليها قرابة 2 ملياااار ممكن توفيرها او على الاقل توفير 80% منها.
7- تلاعب المستوردين و المصدرين بالسندات : يتلاعب المصدرين و المستوردين بسندات الاستيراد بهدف رئيسي وهو
تهريب الدولارات خارج البلاد لعدة اسباب منها الخوف من مصادرة الحكومة لها لاسباب عديدة منها سياسي (انت اخواني)
او انت متسبب برفع سعر الدولار عبر المتاجرة به ، فمثلا يسجل بالسند رقم اكثر من الحقيقي لسعر السلعة المستوردة بالاتفاق
مع المصدر و بتالي يدفع ثمن سلعة بدلا من 100 دولار الى 200 دولار و حينما تخرج للخارج يأخذ المال الزائد له و يكون
بذلك نجح باخراج هذه الدولارات عبر هذا التلاعب بالمستندات ..
8- المخدرات : ينفق المصريين حوالي 8 مليار دولار سنوياً على المخدرات على اقل تقدير و هذا الرقم يرتفع باستمرار .
طبعاً بعض المخدرات محلي و الكثير منه من الخارج مستورد و يتم شرائه بالدولار ، فيحنما نتحدث عن 8 مليار تذهب
لسموم لا فائدة منها بل مدمرة للمجتمع و بالتأكيد ستدمر الجنيه لزيادة الطلب على الدولار .
اضرار الهبوط لجنيه المصري امام الدولار .
1- ارتفاع اسعار السلع المستوردة : طبعا بما ان مصر دولة مستوردة بالمقام الاول و ليست مصدرة ، لذلك من الطبيعي ان ترى
ارتفاع بالاسعار التي سوف يشعر بها المواطن بشكل واضح ، فمثلا مصر تستورد القمح او الموبايلات او اي سلعة يتم استيرادها
من الخارج سيزيد سعرها عند انخفاض الجنيه لان سعر يتم شرائه بالدولار ..
2- زيادة القيمة الحقيقية لديون : طبعا مصر دولة عليها ديون للخارج و هذه الديون يجب ان تدفع بالدولار الامريكي ..
حينها يرتفع الدولار بسبب انخفاض الجنيه فان قيمة هذا الدين تكبر بسبب هذا الانخفاض لجنيه الذي يزيد من اعباء الدولة .
3-اتجاه المدخرين لشراء الدولار : لما عملة بلد معين تستمر بالانخفاض تجد ان الكل يخشى من انهيارها بتالي
يذهب لتحويل امواله وشقى عمره الى عمله صعبه ، بتالي هذا يضعف الاقتصاد المصري الذي لا يحسد على وضعه .
4- تراجع الدعم الحكومي لبعض السلع : الحكومة ستكون غير قادرة على دعم السلع لانها تأخذ الضرائب من المواطن بالجنيه
بينما اسعار السلع المدعومة يتم شرائها بالدولار و بتالي يحدث خلل في الموازن العامة و بالنتيجة المواطن العادي سوف يعاني الغلااااء.
5- زيادة الضرائب و التضخم و قلة الاستثمارات : طبعا لما ينخفض الجنيه يرتفع سعر السلعة تلقائي و هذا يسمى تضخم ..
فراتب الموظف سيبقى كما هو و السلع سترتفع و هذا سوف يزيد المعاناة للمواطنين اضافة لهروب الاستثمارات و اضطرار
الحكومة لفرض ضرائب لحدوث خلل في الموازنة العام بسبب ارتفاع اسعار السلع التي يتم استيرادها ..
فوائد الهبوط لجنيه المصري امام الدولار .
1- زيادة الصاردات : طبعا اي حد يسمع كلمة فوائد لانخفاض الجنيه قد يبتسم ضاحكاً ، الا ان ذلك يفيد الصادرات فعلا
لانه يتم تصنيع بتكلفة منخفضة بسبب انخفاض قيمة الجنيه ، لكن طالما ان مصر مستوردة لا مصدرة فلن تستفيد من هذه الميزة بالمستوى المطلوب.
لو نظرنا لدول المصدرة بامتياز مثل اليابان او الصين فهي التي تستفيد بقوة من انخفاض عملتها امام الدولار ، لانها تقبض ثمن
منتجاتها المصدرة بالدولار و تصنع بعملة محلية منخفضة ، بينما بمصر الوضع عكسي .
2- الاتجاه للمنتج المحلي او الوطني : طبعا هذا بحالة كان هناك بديل محلي لسلع المستوردة ، بكل تأكيد سوف تستفيد
هذه السلعة المحلية بزيادة الطلب عليها لان المستوردة اصبحت غالية لارتفاع سعر الدولار امام الجنيه ، لكن بعض السلع
ليس لها بديل محلي مثلا الموبايلات الدواء الخ ..
3- تشجيع السياحة : السائج الاجنبي يأتي الى مصر و لديه دولارات ، و حينما يريد ان يصرفها امام الجنيه ستكون القيمة مرتفعه.
بتالي سوف يستمتع بثمن ارخص او اقل لان سعر العملة المحلية منخفض امام العملة الصعبة كالدولار الامريكي .
اجمالاً فوائد هبوط الجنيه محدودة لان مصر بلد مستورد بالدرجة الاولى و هذا الذي يجعل الحياة اشبه بالجحيم حالياً ..
التعويم ..!
هذه الايام نسمع كثيراً مصطلح التعويم فماذا يعني ذلك ؟
في مصر يوجد للعملة سوق قانوني (البنك) وسوق موازي (سوق السوداء) ، طبعا سعر الدولار في السوق العادي او القانوني
اقل من السوق السوداء ، مثلا بالسوق العادي اي اذا اردت ان تصرف دولارات من البنك ستصرفها بــ 8 الى 9 جنيه مصري حالياً .
بينما سعر الدولار اعلى منه بالسوق السوداء يصل في بعض الاحيان الى 16 جنيه لكل واحد دولار امريكي ، و هذه السوق هي
التي تسيطر على الاقتصاد عملياً في مصر ، فمثلا انت كمواطن لو جائتك تحويلة من الخارج بالدولار مثلا 500 دولار ، لن تذهب
لصرفها من البنك لانه يعطيك سعر اقل من سعرها بالسوق السوداء ، و بكل تأكيد ستذهب لصرفها من محل صرافة بـ 16 جنيه
مثلاً و لن تذهب لصرفها من البنك بـ 8 او 9 جنيه ، هذا الموضوع يفقد النظام المصرفي في مصر العملة الصعبة
لاستحواذ السوق السوداء.
-----------
من هنا اتى ما يعرف بالتعويم ، لان الفجوة كبيرة لسعر الدولار بين البنك و السوق السوداء .
و هذا سوف يفقد النظام المصرف بمصر غالبية العملة الصعبة او حتى لا يملك دولارات تغطي ما لدى الناس من اموال .
فالتعويم هو : ترك سعر العملة يحددها العرض و الطلب بشكل كامل ، طبعا لو حدث ذلك و قامت الحكومة بذلك سينخفض
الجنيه في البنك بشكل فوري لسعر مقارب لسوق السوداء ، طبعا السعر العادل قد يكون 13 او 14 حاااالياً ، سوف يرفع
واردات البنوك من العملة الصعبة بشكل تدريجي و لكن لها سلبيات طبعاً ..
بدائل لمواجهة الازمة ..!
- تقليل الواردات و الاتجاه للاكتفاء الذاتي : ليس بالضرورة ان نستورد كل شيئ ، فالابمكان تحسين الزراعة مثلا بزراعة منتجات
يتم استيرادها بكثافة و سدة حاجة السوق المحلي منها ، وبهذا لن تصبح الدولة مجبرة على اخراج العملة الصعبه مثلا لشراء
مثلا تفاح او بعض الاسماك او القطن الخ..
- تقليل خروج العملة الصعبة للكماليات : زي ما شفنا بالقائمة اعلاه ليس بالضرورة ان اشتري بأكثر من نصف مليار مفرقعات ..
او اشتري سيارات سباق و خلافه بنصف مليار الخ... لذلك على الحكومة ان تمنع شراء هذه السلع من الخارج او اقل الايمان
ان تقوم بتقليصها بمقدار 70 او 80% لاننا في وقت لا يسمح بهذا البذخ بل بحالة طوارئ اقتصادي تتطلب تكاتف الجميع .
- قروض بشروط جيدة : ممكن الاستعانة بالقروض سواء داخلية او خارجية التي تكون بشروط مريحة و جيدة لكن دون المبالغة
بهذا المجال ، وحينما نقول بشروط محسنة اي ان تكون سدادها على سنوات بعيده و بفائدة شبه معدومة الخ..
- تشجيع السياحة : من المعروف ان مصر بلد سياحي من الطراز الاول ، ممكن استغلال هذا الجانب بوضع برامج مغرية
لسائح الاجنبي و التسويق على نطاق عاملي احترافي بحيث تجذب السائح الاجنبي الذي يأتي بالعملة الصعبة للبلاد و يحرك
عجلة الاقتصاد من المطاعم الفنادق النقل الخ..
الافلاس، هل ممكن وقوعه ...!؟
الافلاس : يعني عدم قدرة الدولة على الوفاء بديونها أو الحصول على أموال من جهات خارجية لدفع ثمن ما تستورده
من البضائع والسلع، وتلجأ الدولة في هذه الحالة إلى جهات تستطيع إقراضها.
من الناحية النظرية امكانية افلاس مصر ممكن لا سمح الله ، و الافلاس هنا يعني انها مثلا تتخلف عن دفع ديون مثلاً
لنادي باريس او لأي جهة مقرضه للبلاد و هذا حصل في روسيا و عمق اوروبا و الاتحاد الاوروبي مع دولة مثل اليونان و اربكت
كل اوروبا لانقاذها ، لكن افلاس مصر من الناحية العملية يبدو الى حد ما غير وارد (حالياً) لان العالم لن يسمح
بانهيار دولة كبيرة مثل مصر ، فلو حصل ذلك العالم لن يستطيع احتمال اثار ذلك ، العالم لم يستطيع تحمل هجرة بضع
الاف من السوريين الى اوروبا فكيف به يسمح بذلك بمصر ام ال 90 مليون مواطن ..!
ايضاً مصر موقعها الجغرافي مهم ، من اقصى الشرق اسرائيل الدولة التي تحكم العالم فعلياً ولا تستطيع اسرائيل تحمل اي
انحلال للحكم في مصر ، اضافة لوجود قناة السويس منفذ العالم التجاري الهام ..
و لكن اذا تطورت الازمة و بقي الجنيه يتراجع امام الدولار ووصل الى ارقام كبيرة مثلا 20 او 30 جنيه لدولار حينها
ستكون الــ 2017 فاصلة لمستقبل البلاد و منطقة الشرق الاوسط بأكلمة سيهتز حينها ..
و الله المـــستــعاااان