يبدو و كأن مصيبة حلّت في الأسواق المالية! فبعد البيانات الاقتصادية التي صدرت من الصين، و الزلزال المدمّر الذي ضرب في اليابان الذي اقترب من قوّة 9 درجات على مقياس رختر، نرى مؤشرات الأسهم الأوروبية تنزلق هبوطاً بعد التداولات السلبية في مؤشرات الأسهم الآسيوية. بيانات هذا اليوم قللت من فرص ارتفاع التضخم بشكل حاد في المملكة المتحدة، إذ أظهرت بيانات مؤشر أسعار مدراء المشتريات ارتفاعاً في الأسعار خلال شهر شباط الماضي، لكنه أقل من المتوقع. إلا أن حتى هذا الارتفاع يعد مهدداً في استمرار الضغوط التضخمية في المملكة المتحدة.
من أوروبا، أظهرت بيانات الناتج المحلي الإجمالي الإيطالي إيجابية، لكن للأسف هي بيانات خاصة في الربع الرابع من العام الماضي 2010 مما ترك المتداولين تحت وطأة القلق من أزمة الديون السيادية في أوروبا بعد أن تم تخفيض تقييم اليونان و إسبانيا. من أوروبا إلى الولايات المتحدة مرّة أخرى، فقد أشارت بيانات يوم أمس إلى أكبر اتساع في العجز الأمريكي بشكل قياسي على مستوى الشهر خلال شهر شباط الماضي.
كل هذا نضيف عليه مزيجاً مرّاً بالنسبة للأسواق المالية من التوتّر السياسي في الشرق الأوسط و شمال أفريقيا. و بذلك انتشر التشاؤم في الأسواق المالية عامة. و لمن تكون الصلاحية هنا؟ للدولار الأمريكي و رفيقه الين الياباني في صداقتهما التي يتشاركان بها حين تحل المصائب على الأسواق المالية الدولية. يتجّه المتداولون نحو الدولار الأمريكي و الين الياباني أما كملاذ آمن، أو كعملات تصفية مراكز مالية من الأسواق المالية.
شهدنا اليوم انخفاضاً آخر في سعر صرف اليورو مقابل الدولار الأمريكي، فقد اخفض سعر صرف اليورو لليوم الخامس على التوالي مقابل الدولار فاقداً بذلك معظم مكاسب الأسبوع الماضي. انخفض سعر صرف اليورو هذا اليوم مقابل الدولار الأمريكي من مستواه الأعلى عند 1.3840 ليلامس الأدنى له عند سعر 1.3750 محققاً بذلك كسراً لمستوى الدعم الرئيسي للاتجاه الصاعد عند مستوى 1.3800. إن التداول ما دون الدعم المشار له، يعني خروج زوج اليورو مقابل الدولار الأمريكي من القناة الصاعدة و هذا يبشّر في مزيد من الاتجاه الهابط لسعر صرف اليورو مقابل الدولار في حال استقرت التداولات ما دون مستوى 1.3800 فعلاً، قد يكون هذا التداول السلبي لسعر صرف اليورو مقابل الدولار سبباً لأن نرى اختباراً لمستوى الدعم التالي على الزوج عند مستوى 1.3715 دولار لليورو الواحد.
بالنسبة للجنيه الإسترليني، فقد انخفض هذا اليوم هو الآخر مقابل الدولار الأمريكي. يبدو بأن المنطق لم يعجب المتداولين ! فالبنك البريطاني قد لا يكون قادراً في الوقت الراهن الاتجاه نحو سياسيات تصعيب شروط الائتمان من خلال رفع الفائدة أو تقليص حجم السياسية المالية المتبعّة فيه، إذ أن الارتفاع في التضخم حالياً يرافقه ضعف كبير في الاقتصاد تابع للانكماش الذي شهدته بريطانيا خلال الربع الرابع من العام الماضي مما يهدد بريطانيا أن تعود للركود لتدخل ما يسمّى في الركود الاقتصادي المزدوج.
بسبب قوّة الدولار، و بسبب خيبة أمل المتداولين من البنك البريطاني، نرى سعر صرف الجنيه الإسترليني هذا اليوم و قد انخفض مقابل الدولار من مستوى 1.6076 و الذي حققه كالأعلى على الزوج لينخفض و يلامس مستوى 1.5975 دولار للجنيه الإسترليني الواحد. التحليل الفني يشير إلى أن الاتجاه الآن يحتاج للتأكيد، حيث نرى بأن التشبع في البيع على مؤشرات العزم و كسر مستوى 1.6040 إشارتان متعارضان للاتجاه، مما يجعلنا بحاجة لمراقبة تداولات هذا اليوم من ناحية المستوى المشار له، فثبات التداول ما دون ذلك المستوى قد يكون سبباً لمزيد من الاتجاه الهابط لاختبار مستويات قد تصل إلى 1.5905.
برغم القوّة الكبيرة التي يشهدها سعر صرف الدولار الأمريكي، إلا أننا نرى سعر صرف الين الياباني يرتفع بقوّة مقابل الدولار الأمريكي بعد عمليات واسعة من جني الأرباح. فالدولار الأمريكي يتم طلبه كملاذ آمن، و الين الياباني يتم طلبه كعملة تسييل و خروج من المراكز المالية المرتفعة المخاطرة في الأسواق المالية. و زاد الزلزال في اليابان الطين بلّة ، فزلزال بقوّة 8.9 درجة من المؤكّد بأنه سوف يترك بصمته على الاقتصاد الياباني مما سبب شراءاً مكثفاً للين الياباني في سبيل تصفية المراكز المالية.
ارتفع رفيق الدولار الأمريكي في المصائب – الين الياباني – هذت اليوم بشكل واضح مقابل الدولار، فنرى الدولار الأمريكي و قد انخفض من مستوى 83.29 ين للدولار الأمريكي الواحد و حقق الأدنى عند مستوى 81.99 ين للدولار الواحد. إن استمرار تداول الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني ما دون مستوى 83.05 قد يكون سبباً لاختبار مستويات الدعم 82.00 مرّة أخرى و التي لو تم كسرها قد نرى اختباراً لمستوى الدعم التالي على الزوج حول مستوى 81.65 دولار للين الياباني الواحد.
كما ترى عزيزي القارئ، موجة من التشاؤم سادت الأسواق المالية و العديد من المتغيرات ساعدت بها، و في المقابل نرى الدولار الأمريكي و الين الياباني يرتفعان مقابل العملات الأجنبية إثر ذلك. و مع انتظارنا لمزيد من البيانات الاقتصادية هذا اليوم من الولايات المتحدة، فقد تكون أي سلبية أخرى في تلك البيانات سبباً لمزيد من الارتفاع في طلب الدولار و الين الياباني كملاذ آمن و عملة تصفية مراكز مالية. بيانات اليوم تشمل بيانات الثقة و كذلك بيانات مبيعات التجزئة الأمريكية، و التوقعات إيجابية لكن أصبح المتداولون الآن يشكّون في ما سوف تكون عليه حقيقة هذه البيانات عندما تصدر !