القطاعات الأمريكية تتسابق في إصدار بياناتها مع بداية الأسبوع
نقف على أعتاب افتتاح أولى جلسات الأسبوع عزيزي القارئ، مع العلم أن اليوم ستشهد الساحة الأمريكية تسابق القطاعات الأمريكية في إصدار بيانات جديدة، مشيرين إلى أن اليوم يحمل في طياته الكثير من البيانات المهمة والتي تسيطر على أذهان المستثمرين مركّزة على مستويات التضخم والتي وصفها البنك الفدرالي مسبقا بأنها تحت السيطرة، ناهيك عن بيانات مستويات الدخل والإنفاق الشخصي ومؤشر شيكاغو لمدراء المشتريات، بالإضافة إلى البيانات الصادرة عن قطاع المنازل.
نستهل البيانات الصادرة عزيزي القاري بمستويات الدخل والإنفاق الشخصي الأمريكيان واللذان سيصدرا في وقت لاحق اليوم وذلك عن شهر كانون الثاني، حيث من المتوقع أن يرتفع الإنفاق الشخصي بنسبة 0.4% أي بأدنى من القراءة السابقة التي بلغت 0.7%، أما الدخل الشخصي فمن المتوقع أن يشهد ارتفاعا خلال الشهر نفسه بنسبة 0.4% بتطابق مع القراءة السابقة.
واضعين بعين الاعتبار أن الاقتصاد الأمريكي استعاد بعضا من عزمه الذي فقده خلال العام الماضي على إثر العقبات التي تشكلت من الأزمة الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، الأمر الذي أثر على النشاطات الاقتصادية في مختلف القطاعات، وبالتالي انعكس على مستويات الإنفاق والدخل لدى المستهلكين، وذلك مع العلم أن مستويات الإنفاق لا تزال أصلا ضعيفة، وذلك مع الضعف الجاري على النشاطات الاقتصادية ككل، وهذا ما لاحظناه في مختلف القطاعات الرئيسية خلال الأشهر الماضية.
في حين أشار تقرير الناتج المحلي الإجمالي الذي صدر مع نهاية الأسبوع الماضي أن الاقتصاد الأمريكي نما خلال الربع الرابع بنسبة 2.8%، ولكن من الجدير بالذكر أن التقرير أظهر بأنه باستبعاد المخزونات فإن الاقتصاد الأمريكي يكون قد نما بأسرع وتيرة منذ العام 1998، مسلطين الضوء على أن الاقتصاد الأمريكي قد يواصل مرحلة توسعه ولكن ضمن وتيرة معتدلة وتدريجية خلال الفترة المقبلة من هذا العام.
ومنتقلين إلى البيانات التي لا تقل أهمية عن مستويات الدخل والإنفاق، والتي تتمثل في عنوان "مستويات التضخم" وهنا يتحول تركيز المستثمرين نحو مستويات التضخم والتي ستظهر بالشكل الأدق في مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري، حيث يعد ذلك المؤشر المفضل لدى البنك الفدرالي لقياس مستويات التضخم، حيث من المتوقع أن يرتفع المؤشر على الصعيد الشهري بنسبة 0.1% مقابل القراءة الصفرية السابقة، بينما من المتوقع أن يرتفع المؤشر على الصعيد السنوي بنسبة 0.8% مقابل 0.7%، بينما من المتوقع أن ترتفع نفقات الاستهلاك الشخصي المثبط خلال الشهر نفسه بنسبة 1.3% مقابل 1.2%.
واضعين بعين الاعتبار أن البنك الفدرالي أشار بأن مسألة ارتفاع مخاطر الانكماش التضخمي باتت بعيدة نوعا ما عن دائرة الخطر، وهنا نشير أيضا إلى أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال يقاوم العوائق التي تقف أمامه محاولا التخلص منها أو تقليص حدة تأثيرها على الأقل، والتي تتمثل في معدلات البطالة المرتفعة، ناهيك عن أوضاع التشديد الائتماني التي تحد من قابلية المستهلكين للحصول على قروض جديدة، وهنا يأتي تأثيرها على الدخل الشخصي الذي ينعكس سلبا بالتالي على الإنفاق الشخصي، مهددا النمو الاقتصادي، مذكّرين أن إنفاق المستهلك يشكل ما يقارب ثلثي النمو في الولايات المتحدة الأمريكية.
كما وسيصدر أيضا عن الاقتصاد الأمريكي مؤشر شيكاغو لمدراء المشتريات عن شهر شباط - وهو المؤشر الذي يعبر عن مدى قوة الاقتصاد و انتعاشه من ناحية الخدمات والصناعة و يعتمد على خمس مؤشرات أساسية تشمل: الطلبيات الجديدة و كمية المخزون، و الإنتاجية و نقليات المزودين، و التوظيف حيث من المتوقع أن ينخفض المؤشر إلى 68.0 مقابل 68.8، واضعين بعين الاعتبار أن المؤشر لا يزال ضمن مرحلة التوسع ولكن ضمن وتيرة بطيئة وتدريجية.
أما قطاع المنازل فيأتي بآخر بيانات اليوم، حيث سيصدر عن القطاع تقرير مبيعات المنازل قيد الانتظار التي من المتوقع أن تنخفض خلال كانون الثاني بنسبة -2.0% مقارنة بالارتفاع السابق الذي بلغ 2.0%، وهذا وسط التباين الذي يمر به قطاع المنازل ككل، وذلك في خضم العقبات التي ذكرناها أعلاه بالإضافة إلى ارتفاع قيم حبس الرهن العقاري.
ومع هذا كله يبقى الاقتصاد الأمريكي بعيدا نوعا ما عن التعافي التام، حيث سيلزمه بالتأكيد المزيد من الوقت لتحقيق الاستقرار النسبي بداية ومن ثم الوصول إلى بر الأمان، وذلك لن يحدث قبل النصف الثاني من العام 2011، حيث يرى الكثير من المحليين أن فترة الركود التي مرت على الاقتصاد الأمريكي كانت أسوأ مما اعتقد الجميع...