ما قد تسارعت أوروبا للهروب من مشاكل الاقتصاد الصيني. ان الطلب المحلي الذي كان يشكل العامل الرئيسي في نمو الاقتصاد الألماني في الأشهر الأخيرة، يظهر علامات التحسن في البلدان الأوروبية الأخرى والتجارة داخل كتلة من 19 بلدا أخذت في الازدياد. وحدث ذلك في الوقت المناسب لأن الصين وهي أحد أكبر مستوردي البضائع من المنطقة لا تبدو شريكا موثوقا به على نحو متزايد.
قال محللون
«هناك العديد من العوامل التي تدعم الاقتصاد المحلي في منطقة اليورو. الاستثمارات تكتسب زخمها ببطء و يتحسن الطلب المحلي. نفترض أن هناك «هبوطا تدريجيا» في الصين و نعتقد أن منطقة اليورو سوف تستمر في النمو بوتيرة ثابتة».
وقد ضمن السياسيون استعادة الاقتصاد الأوروبي ببرنامج غير مسبوق من الحوافز، وساهم انخفاض أسعار النفط في ذلك لأن الانخفاض التدريجي في معدلات البطالة والطلب المكبوت للاستثمار يؤدي إلى زيادة استهلاك الوقود.
المصدرون، في الوقت نفسه، يكافحون الآثار المترتبة على التباطؤ في الأسواق الناشئة والتي كانت أساس التجارة العالمية في السنوات الأخيرة، اضطراب السوق مرتبط بالزيادة المحتملة في أسعار الفائدة في النظام الاحتياطي الفدرالي لأول مرة منذ عام 2006.
قال المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية بيير موسكوفيتشي في مقابلة مع Bloomberg Television أن «الانتعاش الاقتصادي في أوروبا أصبح أقوى» بدعم من الطلب المحلي والاستثمار ما كان مطلوبا في السنوات السابقة.
ولكن على الرغم من أن المتفائلين قد يضعون آمالا كبيرة على معدلات نمو أعلى مما ذكر سابقا، فإن توقعات البنك المركزي الأوروبي في الربعين الأولين حتى عام 2017 تميل إلى أن تكون متشائمة بالنسبة للعملات الأجنبية. في الأسبوع الماضي، حذر رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي من أن الانتعاش الاقتصادي قد يكون «أضعف إلى حد ما» مما كان متوقعا، مشيرا إلى تباطؤ التجارة العالمية.
وتدعم البيانات كلا الحجتين.
نما اقتصاد منطقة اليورو في الربعين الأولين بشكل أسرع مما ذكر في البداية، وذلك بفضل الإنفاق الاستهلاكي العالي. وكان نمو الاستثمار في الأشهر القليلة الأولى من هذا العام النمو الأكبر منذ عام 2011، و ارتفاع الإقراض المصرفي يشير إلى أن الركود الذي لاحظناه في الأشهر الثلاثة حتى يونيو سيكون مؤقتا.
طلبات التصنيع الألمانية في يوليو تبين إمكانيات تطور أكبر اقتصاد في أوروبا وبقية دول المنطقة. لقد ارتفع الطلب المحلي في البلاد ومنطقة اليورو ككل، في حين انخفضت الطلبيات من الخارج على محمل الجد بوتيرة أسرع منذ عام 2009.
كما قال خبراء اقتصاديون
« نشهد نموا جيدا في أوروبا نظرا للحاجة إلى استعادة الاقتصاد. جميع البلدان المتضررة من الأزمة، مثل إسبانيا وإيطاليا تستثمر بنشاط، شأنها شأن المملكة المتحدة».
وفي الوقت نفسه، تؤدي الصين إلى تباطؤ النمو في البلدان النامية، التي في المستقبل يمكن أن تعرقل الانتعاش في منطقة اليورو. كانت الشركات تعتمد اعتمادا كبيرا على هذه البلدان منذ بداية الأزمة المالية. و بين أعوام 2008 و 2014 نمت الصادرات من منطقة اليورو إلى البرازيل بنسبة 40٪، في حين تضاعفت الصادرات إلى الصين مما يجعلها ثالث أكبر سوق بعد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
الآن آخذ الاستيراد إلى الصين في الانخفاض. وقد شعرInfineon Technologies AG، أكبر مصنع للإلكترونيات في ألمانيا بالفعل بأثر هذا التغير وبدأ في البحث عن فرص جديدة. قال بيرند خميل المتحدث بإسم الشركة:«لقد شهدنا تباطؤا في الصين في الربع الأخير، ولكن تطور سوق السيارات في أوروبا والولايات المتحدة قد ساعدنا على تعويض تأثير التباطؤ».
يساعد الإنفاق الاستهلاكي على الحفاظ على النمو في الولايات المتحدة وعلى الأغلب لن يتغير في الوقت القريب. وكدليل على الثقة في التعافي يمكن للنظام الاحتياطي الفدرالي رفع أسعار الفائدة في وقت مبكر من هذا الأسبوع.
في أوروبا لا يزال المسؤولون يتحدثون عن سياسة التيسير الكمي التي يهدف إلى تحفيز الاقتصاد. في 3 سبتمبر بعد ستة أشهر من بداية البرنامج، قدم دراجي توقعات انخفاض النمو والتضخم وتعهد على تعزيز الحوافز إذا لزم الأمر.
قال عضو مجلس البنك المركزي الأوروبي بينوا كيوري في مقابلة نشرت على الموقع الإلكتروني للبنك يوم الجمعة الماضي أن «سياسة أسعار الفائدة المنخفضة جدا وشراء الأصول ستستمر طالما كان ذلك ضروريا. لكن النمو لا يزال غير مستقر بما يكفي لتوفير فرص عمل كافية».
لا تزال فرنسا مصدر القلق فقد تراجع النمو في الربع الأخير إلى الصفر، وتظهر بيانات الصناعة أنه في الربع الحالي ستجري الأمور أسوأ مما كان متوقعا. قال خبراء «الكثير من الأمور التي يجب العمل عليها».كما صرح أخرون :
«عوامل النمو الأوروبية الداخلية على الطريق وستصبح ركنا مهما. نرى نموا قويا ثابتا لمنطقة اليورو، الذي من غير المرجح أن يتأثر بالتباطؤ في النمو الاقتصادي في الصين».