منذ الإعلان عن مصادرة وإغلاق عمليات الليبرتي ريسيرف خلال الشهر الماضي أصبح كافة مزودي خيارات الدفع الالكتروني موضع التساؤل والريبة, خاصة تلك الشركات التي تستخدم حلول العملات الرقمية. آليات العمل مع هذه النوعية من الشركات يتضمن قيام العملاء بإنشاء حسابات لهم يليها إيداع مبالغ مالية يتم تحويلها إلى عملات افتراضية قابلة للتبادل حيث يمكن تحويلها بكل سهولة بين أصحاب الحسابات المختلفة. قيمة وحدات العملة الرقمية التي تعمل وفق هذا المفهوم يكون مرتبطا بنوعية الحساب ذاته. على سبيل المثال, إذا قام العميل بإيداع 100$ في حسابه المقوم بالعملة الأمريكية, فان حسابه سيصبح 100 وحدة من العملة الرقمية والتي تساوي بدورها أيضا 100$. برغم ذلك فان هذه الشركات توفر للعملاء حسابات مقومة بعملات أخرى متنوعة جنبا إلى جنب مع الذهب. في حالة الليبرتي ريسيرف, فان أصحاب الحسابات كانوا يحصلون على ما يسمى بدولار الليبرتي ريسيرف الذي كان بدوره يساوي 1$ أمريكي.
التداعيات المترتبة على قضية الليبرتي ريسيرف توالت فصولها بشكل مثير وكان أخرها إعلان مزود خيارات الدفع متعددة العملات تكنوكاش عن إيقاف عملياته. وفقا لبيان الشركة فان قرار الإغلاق يأتي على خلفية القيود التي فرضتها البنوك على حسابات الشركة المصرفية بعد الاتهامات التي وجهت إليها بتقديم خدمات إلى الليبرتي ريسيرف. أيضا فان شركة برفيكت موني,والتي تتشابه مع الليبرتي ريسيرف في ان مقرها الرئيس يقع في أمريكا اللاتينية وتوفر خدمات الدفع إلى بعض الأنشطة المشبوهة والغامضة والتي قد تستخدم مخططات أونزي, أقدمت مؤخرا على إجراء بعض التغييرات في بنية الشركة. هذه التغيرات شملت إغلاق حساباتها في الولايات المتحدة وتغيير علامتها التجارية .COM TLD إلى .IS, هو ما فسره البعض برغبة الشركة في تجنب الملاحقة من قبل السلطات القضائية الأمريكية.
ويب موني
الويب موني بدوره هو احد مزودي حلول خدمات الدفع بالعملات الالكترونية ويمارس عمله من روسيا. الشركة توفر حسابات الكترونية بعملات متعددة تطلق عليها "محافظ الأموال" أو ‘purses’. محفظة الأموال تكون متاحة بعملات مختلفة تتضمن الدولار الأمريكي واليورو والدونج الفيتنامي والروبل البيلاروسي وهريفنيا الأوكرانية والروبل الروسي فضلا عن الذهب والبتكوين. كل محفظة مالية يكون لديها ما يسمى بالضامن أو الكفيل وهو عبارة عن مؤسسة مالية تتولى استقبال الإيداعات وإصدار وحدات عملة الويب موني الالكترونية. الجدير بالذكر ان الويب موني حظى بشعبية كبيرة بين شركات وعملاء التجارة الالكترونية في روسيا, كما يعتبر خيارا مفضلا لتمويل الحسابات لدى العديد من وسطاء الفوركس الذين يستهدفون السوق الروسي ويوجد من بينهم عدد من الأسماء الكبرى مثل الباري و FXopen و EXNESS حيث يقبل هؤلاء جميعا الويب موني كأحد خيارات الإيداع المتاحة إليهم.
الشركة باتت حاليا هدفا للتحقيقات الحكومية. فوفقا لموقع فوركس ماجنتيس لابحاث السوق, داهمت سلطات الضرائب الأوكرانية مكتب الشركة في كييف يوم 11 يونيو حزيران الماضي وقامت بتجميد نحو 7.5 مليون دولار من أموالها في المصارف المحلية. وفقا لذات الموقع فان ويب موني أوكرانيا (UA) خضعت لتحقيقات موسعة بخصوص انتهاك القوانين وعدم تنسيق أعمالها مع البنك الوطني الأوكراني. الصحيفة ذكرت أيضا أن وزارة الرسوم والدخل الأوكرانية قامت بتجميد 60 مليون هريفنيا أوكرانية ( 7.5 مليون دولار) من الأموال التي وجدتها في حسابات الشركة التي اعتبرت أعمالها غير قانونية.
من جانبها أصدرت WebMoney UA بيانا شديد اللهجة في مواجهة الإدعاءات الأوكرانية قائلة" أن اتهام نظام ويب موني بالتهرب من الضرائب, هو أمر بالغ السخافة". الشركة أضافت بأنها تمنع التجار من استخدام الويب موني في الأعمال غير القانونية, بل وعلاوة على ذلك فان الويب موني هو احد الأنظمة القليلة التي عارضت حق إخفاء الهوية في التعاملات المالية على الويب, ولهذا كانت تمنع السحب من محافظ الأموال من قبل لمستخدمين غير المتحقق من هويتهم فضلا عن الأطراف المستقلة. ويب موني أوكرانيا أوضحت أيضا أنها مارست عملها طوال عشرة سنوات دون أية مشاكل وفى عام 2010 حاولت التوصل إلى اتفاق مع البنك الوطني الأوكراني (NBU) لتنسيق القواعد المالية بين بنوكها الضامنة والبنك المركزي.
تجميد حسابات الشركة في أوكرانيا دفع WebMoney UA إلى وقف أنشطتها, وان عاودت على ما يبدو العمل مجددا في بداية الأسبوع الحالي. ويب موني أوكرانيا أعلنت على صفحتها على الفيس بوك إنها عاودت تقديم خدماتها, كما قامت بنشر ما أسمته" خطاب مفتوح إلى الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش حول الإجراءات غير العادلة التي اتخذتها حكومة بلاده ضد الشركة.
التنظيم
التركيز طوال الفترة الماضية كان منصبا على مكتب ويب موني في أوكرانيا وعلاقته بالسلطات المالية هناك. بينما سنجد أقسام الشركة الأخرى, بما فيها الشركة الأم التي يقع مقرها في روسيا, لم يتم استهدافها من قبل السلطات هناك والتعرض لها حتى الان.
وبحسب موقع فوركس ماجنتيس , فان البنك الوطني الأوكراني سيقوم بتطبيق إجراءات جديدة فيما يخص عمليات ويب موني. وفقا للموقع الإخباري فان الإجراءات الجديدة تتضمن وضع حدود على مقدار والعدد الإجمالي للمعاملات المسموح بإجرائها من قبل حاملي حسابات الويب موني.
وبغض النظر عن التفاصيل المذكورة أعلاه. فان هذه القضية تلقي الضوء على التحديات التي بات يواجهها مزودي خيارات الدفع البديلة بشكل متزايد. فرغم نجاحهم في توفير طريقة سهلة وفعالة للتجار وأصحاب الحسابات في تحويل الأموال بعيدا عن الأنظمة المالية الرسمية, إلا أننا سنجد على الجانب الأخر شركة مثل ويب موني تعتمد على البنوك في تلقي معالجة ودائع عملائها. لهذا فانه على الرغم من أن مزودي حلول الدفع يوفرون لمستخدمهم شبكتهم الخاصة في التعامل إلا إنهم سيظلوا دوما بحاجة إلى الشبكات المالية التقليدية لإتمام معاملتهم. لهذا السبب يمكن القول أن الهيئات المالية والقوانين الحكومية ستظل احد التحديات التي يتعين على مزودي حلول الدفع الالكترونية التعامل معها.
هذا الوضع سيمثل معضلة حقيقية لمزودي حلول الدفع البديلة خصوصا وانه كما ذكر ستبقي الأنظمة المالية التقليدية بمثابة شريان الحياة لأعمالهم وهو الأمر الذي سيجبرهم على الامتثال إلى قواعدها المعقدة أو مواجهة خطر توقف أعمالهم. على الجانب الأخر, فان هذه الشركات ستواجه خطرا مقابلا بخسارة العديد من العملاء إذا أقدمت على التشدد في تطبيق قواعد مكافحة غسيل الأموال أو إجبار المستخدمين على كشف هوياتهم.
فيما يتعلق بالويب موني, فان النمو الكبير في حجم أعمال الشركة كان كافيا لجذب انتباه السلطات المحلية, خصوصا وان شعبيتهم المتزايدة بين مواقع التجارة الالكترونية وضعتهم تحت مجهر السلطات الضريبية. لهذا السبب يمكن القول أن مستقبل الويب موني سيتوقف على مدى قدرتها في بناء علاقات جيدة مع هيئات الرقابة المالية والبنوك. الفشل في تحقيق هذا الأمر قد يقود إلى ما هو أكثر من إغلاق فرعها في أوكرانيا وقد يصل إلى إيقاف أنشطتها تماما.