ارتفاع غير متوقع لمؤشر فيلادلفيا الصناعي خلال تشرين الأول/أكتوبر .. وأنشطة قطاع المنازل لا تزال ضعيفة
انطلقت الجولة الثانية من البيانات الصادرة عن الاقتصاد الأمريكي لتؤكد بأن مرحلة التعافي للاقتصاد مستمرة ولكن ضمن وتيرة "معتدلة"، هذا مع العلم أن الجولة الأولى من البيانات التي صدرت مبكراً المتمثلة في طلبات الإعانة الأمريكية أظهرت مواصلة نزيف سوق العمل الأمريكي.
حيث صدر منذ قليل مؤشر فيلادلفيا الصناعي ليظهر توسع أنشطة القطاع خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر إلى 8.7، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي أظهرت انكماش القطاع من خلال الانخفاض السابق والذي بلغ -17.5، وبأفضل من التوقعات التي بلغت -9.4، مع الإشارة إلى أن الأوضاع في قطاع الصناعة تواصل التباين والتقلب، الأمر الذي يلقي بظلال سلبية على الاقتصاد الأمريكي، نظراً لكون قطاع الصناعة يعد أحد ركائز عملية النمو في أمريكا.
وعلى الرغم من تلك القراءة الجيدة، إلا أن الأوضاع الإجمالية في الاقتصاد الأمريكي لا تزال ضعيفة، حيث شهدنا تباطؤ عجلة النمو في الآونة الأخيرة، مما أعاد إلى أذهان المستثمرين احتمالية إقرار البنك الفدرالي الأمريكي لجولة ثالثة من خطط التخفيف الكمي لدعم الاقتصاد، الأمر الذي إن دل على شيء إنما يدل على أن مرحلة التعافي ستأخذ وقتاً أطول مما كان متوقعاً، مع الأخذ بعين الاعتبار أن قطاع الصناعة الأمريكي واجه تباطؤً خلال الفترة الأخيرة متأثراً بالضغوطات الداخلية والخارجية.
وبالنظر إلى المؤشرات الفرعية داخل التقرير، نجد بأن الأسعار المدفوعة انخفضت إلى 20.0 مقابل 23.2، في حين انخفضت الأسعار المقبوضة لتصل إلى -2.5، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 0.9، أما بالنسبة للطلبات الجديدة فقد ارتفعت خلال تشرين الأول/أكتوبر إلى 7.8 مقابل -11.3، وقد انخفضت المخزونات إلى -7.7 مقابل 10.2، بينما انخفض معدل التوظيف إلى 1.4 مقابل 5.8.
وبالعودة إلى أجندة البيانات الرئيسية الصادرة، فقد انخفضت قراءة المؤشرات القائدة والخاصة بشهر أيلول/سبتمبر لتصل إلى 0.2%، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 0.3%، وبتطابق مع التوقعات التي بلغت 0.2%، مع العلم بأن المؤشرات القائدة تعنى بالتطلعات المستقبلية لأنشطة الاقتصاد ولفترة تمتد ما بين ثلاث إلى ستة أشهر قادمة.
وقد أكد البنك الفدرالي الأمريكي يوم أمس في تقرير كتاب بيج الأمريكي على أن الاقتصاد الأمريكي حافظ على نموه في الفترة السابقة، إلا أن الشكوك تحوم حول المستقبل، وذلك في خضم مواجهاته مع العقبات الداخلية التي تتمثل في ارتفاع معدلات البطالة وتشديد شروط الائتمان، بالإضافة إلى العقبات الخارجية التي تتمثل تدني مستويات الثقة والتي تنعكس على قابلية المستهلكين للإنفاق وذلك نتيجة أزمة المديونية الأوروبية.
وهنا نؤكد على أن ضغوطات جديدة بدأت بالظهور على الساحة الأمريكية، تتمثل في المديونية الأمريكية، حيث الارتفاع في مديونية الولايات المتحدة، وارتفاع العجز في ميزانيتها، الأمر الذي أفقدها تصنيفها الاتئماني الأعلى في العالم منذ العام 1917 م.
تلك الضغوطات الداخلية الكبيرة بالإضافة إلى تلك الضغوطات الخارجية أسفرت عن تباطؤ عجلة التعافي الأمريكية، وهذا ما يثبت بأن مرحلة الانتعاش ستأخذ وقتاً أطول مما كان متوقعاً، وإلى ذلك الحين سيبقى الاقتصاد في مواجهة صعبة مع الظروف السائدة إلى أن تعود المياه إلى مجاريها.
ومن ناحية أخرى فقد أصدر قطاع المنازل الأمريكي تقريره الخاص بمبيعات المنازل القائمة، لتشير إلى انخفاض المبيعات خلال شهر أيلول/سبتمبر بنسبة 3.0% أي بمعدل سنوي يصل إلى 4.91 مليون وحدة سكنية، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 5.03 مليون وحدة سكنية، والتي تم تعديلها إلى 5.06 مليون وحدة سكنية، وبتطابق مع التوقعات، وهنا نذكر بأن بأن قطاع المنازل لا يزال يعاني الأمرّين جراء استمرار وقوف العقبات الاقتصادية أمام تقدمه مثل ارتفاع معدلات البطالة وتشديد شروط الائتمان إضافة إلى ارتفاع قيم حبس الرهن العقاري.
ومن المحتمل أن يواصل الاقتصاد الأمريكي نموه خلال الفترة القادمة، ولكن بوتيرة "معتدلة" كما أشرنا أعلاه، وذلك وسط التباطؤ الذي تشهده قطاعات مختلفة في الاقتصاد، في حين أن البعض لا يزال يشير إلى أن الاقتصاد الأمريكي سيكون بحاجة إلى جولة ثالثة من التخفيف الكمي لتجنب دخول الاقتصاد في دائرة الركود مجدداً، وبالتالي فإن الشكوك تحوم بالفعل حول مستقبل الاقتصاد الأمريكي، تماماً كما أكد الفدرالي مساء أمس.