~*¤ô§ô¤*~ *مكتبة حلقــــــات اقتصاديــــة فى التحليل الأساسى -*~*¤ô§ô¤*~
سلسلة حلقات اقتصادية - الحلقة 1 : أهمية التحليل الاقتصادي
التحليل الأساسي "الاقتصادي" والتحليل الفني :
يتعامل الاقتصاد في الجزء الأكبر منه مع المستقبل بشكل أساسي . فأنت تزرع اليوم لكي تحصد غداً . فالثمرة ليست معاصرة أو تالية مباشرة للجهد أو العمل في سبيلها ، وإنما هناك فترة قد تطول وقد تقصر بين الأمرين : الفعل والنتيجة . وخلال هذه الفترة قد تقع أحداث غير متوقعة ، ومثل هذا يحدث مع معظم القرارات الاقتصادية . فالاقتصاد هو علم التعامل مع المستقبل ، ولكن المستقبل مليء بالمفاجآت السارة وغير السارة ، فالتعامل مع المستقبل هو تعامل مع شيء من المجهول ، ولكنه ليس مجهولاً بالكامل . فالمطر يأتي في مواسم محددة قد تتقدم أو تتأخر قليلاً ، ولكنها تأخذ بشكل عام نمطاً معروفاً ومستقراً . فإذا كان المستقبل غير معروف بالكامل فإنه أيضاً غير مجهول بالتمام ، فهناك نوع من التواتر في الأحداث وهناك علاقات سببية تربط النتيجة بالسبب وترتبها عليه ، فما يحدث اليوم هو نتيجة ما حدث بالأمس . ومن هنا القدرة على التوقع والتنبؤ والنظر إلى المستقبل بقدر من الاطمئنان ولكنه اطمئنان يشوبه أيضاً قدر من القلق والحذر .
إن فكرة التحليل الفني والاعتماد على قراءة البيانات المالية وحدها لاستشفاف مستقبل الأسعار دون ضرورة للاستناد إلى تفسير نظري سابق ترجع إلى الأمريكي تشارلز داوحيث أسس مع زميله إدوارد جونز شركة داو – جونز عام 1882 في الولايات المتحدة الأمريكية .
وكان داو قد بدأ ينشر في جريدة وول ستريت مؤشرات عن اتجاهات أسعار البورصة . وكانت هذه بداية مؤشر داو جونز الشهير عن البورصة الأمريكية . وكانت فكرة داو تقوم على أن التنبؤ بتطور أسعار الأسهم يعتمد على استقراء البيانات المالية المتوافرة عن هذه الأسعار واستخلاص بعض الاتجاهات من ورائها ، وأن قراءة هذه البيانات المالية كفيلة بإعطاء صورة عما سيكون عليه المستقبل ، وهذا هو أساس التحليل الفني . فأنت تستخلص اتجاهات مستقبل تطور الأسعار من قراءة البيانات المتوافرة عن الأسعار والتداول في الماضي ، طالما توفر قدر كاف من هذه البيانات واستخدمت الوسائل المناسبة لاستخلاص توجهات التطور ، وذلك دون حاجة إلى البحث فيما وراء هذه البيانات من بحث في العوامل المؤثرة في تطور الأسعار . فالبيانات المالية للأسعار والتداول تتضمن كل ما هو مطلوب لمعرفة شكل التطور في المستقبل .
وهكذا يقف أسلوب التحليل الفني للتنبؤ بتطور أسعار الأوراق المالية على نقيض الأسلوب الآخر للتحليل والذي يطلق عليه "تحليل الأساسيات أو التحليل الاقتصادي الذي يرى أن الأسعار الظاهرة في السوق ليست سوى نتيجة للعوامل الحقيقية وراءها ، وهي عوامل متعلقة بالعرض والطلب . وهذه العوامل هي الأسباب الحقيقية لتغير الأسعار ، وبالتالي فإن محاولة التنبؤ بتطور الأسعار تتطلب البحث في الأسباب وليس في النتائج . فالسعر كما يظهر في السوق ليس إلا عرضاً أو مظهراً للأسباب الحقيقية التي تكمن في ظروف العرض والطلب . فتفسير الظواهر ، وبالتالي القدرة على التنبؤ بتطورها ، يتطلب نظرية أو مجموعة من الفروض حول أسباب الظاهرة . وهذه النظرية أو تلك الفروض هي ما تقدمه النظرية الاقتصادية .
ولذلك فإن "تحليل الأساسيات" لا يتوقف على البيانات المالية المتحققة وحدها ، بل يحاول أن يغوص في بحث العوامل الكامنة وراء هذه البيانات من ظروف العرض والطلب ومحاولة استقصاء المؤثرات على هذه العوامل . أما الأسعار التي تظهر في الأسواق فهي لا تعدو كونها انعكاساً لما يحدث لهذه العوامل الأساسية في ظروف العرض والطلب ، وأنه في أية دراسة عن المستقبل لا بد من البحث في هذه العوامل لأنها المحدد الأساسي لتطور الأسعار .
ومن هنا فعندما نقول إن أسلوب التحليل الفني يقتصر على دراسة شكل البيانات المالية وما تظهره من اتجاهات وبالتالي ينحصر الأمر في دراسة الآثار وليس الأسباب ، فليس معنى ذلك أن هذا التحليل ينكر النظرية الاقتصادية من عرض أو طلب ، بل إنه يرى أن هذه الأسعار تعكس ظروف العرض والطلب وكل ما يؤثر في السوق . فالتحليل الفني قد يساعد في عمليات المتاجرة للبيع والشراء للأوراق المالية ، ولكنه لا يصلح لاتخاذ أو استقراء سياسات اقتصادية
. ومن جهة أخرى فإن التحليل الاقتصادي قد لا يساعدك في اختيار نقطة الدخول ( الشراء أو البيع ) بل قد يحدد لك الوجهة الأساسية للحركة بشكل عام . ومن هنا تظهر أهمية العمل على استقراء الاتجاه العام ووضع التحليل الاقتصادي الأساسي نصب أعيننا قبل الشروع بالمتاجرة ، وفي نفس الوقت اختيار النقطة الأنسب للدخول بواسطة التحليل الفني ، وهذا هو التكامل في التحليل المزدوج الاقتصادي الفني للمتاجرة الناجحة .
ما هو علم الاقتصاد ؟
ينتمي الاقتصاد إلى مجموعة العلوم الاجتماعية ، أي تلك العلوم التي تعنى بدراسة السلوك الإنساني مثل علم الاجتماع وعلم النفس وعلم السياسة وغيرها ، إنه يختص بذلك الجانب من السلوك الإنساني الذي يتصل بإنتاج وتبادل واستهلاك السلع والخدمات .
ما هو التحليل الاقتصادي ؟
إن التحليل الاقتصادي ( الكلي ) هو دراسة سلوك اقتصاد دولة ( مجتمع ) ما في فترة زمنية طويلة الأمد ، ويعتمد هذا التحليل على المتغيرات الاقتصادية المؤثرة (كالتضخم وأسعار الفائدة والنمو والعمالة والميزان التجاري وغيرها) ، والتي تنعكس على العرض والطلب على العملة . والتحليل الاقتصادي إنما يهدف إلى فهم أسباب حركة العملات واستشراف اتجاهاتها استناداً إلى المعطيات الاقتصادية المذكورة ، وكما نعلم فإن ورقة العملة تختصر في وجهيها اقتصاد البلد الذي تحمل اسمه ، وهنا تبرز أهمية التحليل الاقتصادي لحركة العملات .
ما هي أهم القضايا الاقتصادية ؟
إن أكثر القضايا الاقتصادية أهمية هي قضية النمو الاقتصادي الطويل الأمد ، وبالتالي الزيادة في الدخل الحقيقي لكل فرد من أفراد المجتمع ، وهو الهدف الأساس لكل السياسات الاقتصادية لدول العالم ، أي رفاهية المجتمع والتوفيق قدر الإمكان بين الحاجات المتزايدة والموارد النادرة والمتناقصة . لماذا نحن بحاجة للنمو الاقتصادي ؟ تبرز حاجتنا للنمو الاقتصادي بسبب النمو البشري وتكاثر أعداد السكان في كل بلد من بلدان العالم ، وبالتالي فإن حاجة كل دولة لتوسعة اقتصادها ونشاطاتها وخلق فرص العمل للأعداد المتزايدة من البشر ( الأيدي العاملة والخريجين الجدد الذين يدخلون سوق العمل ) هي حاجة ملحة ، وهي أهم القضايا الاقتصادية التي يواجهها عالمنا اليوم .
ما هي أهم المتغيرات الاقتصادية ؟
تحت العنوان الكبير "النمو الاقتصادي" تندرج سلة من المتغيرات والقضايا الهامة لكل دراسة اقتصادية ، وهي : التضخم والانكماش - الإنتاج - العمالة والبطالة .
ولشرح كل قضية على حدى ، تندرج أيضاً تحت كل واحدة منها عدة عناوين :
· فعند دراسة التضخم والانكماش سنتطرق بإذن الله للعملة ونشأتها وأنواعها ووظائفها ، ومستوى الأسعار ، وماهية التضخم والانكماش ، وسياسات المعالجة ، والفائدة ومعدلاتها .
· وعند دراسة الإنتاج سنتطرق بإذن الله لمسألة القطاعات الإنتاجية ( الصناعة والتجارة والخدمات) ودور كل واحدة منها ، والدخل القومي ، والميزان التجاري والتجارة العالمية .
· وعند دراسة العمالة والبطالة سنتطرق بإذن الله لشرح القوى العاملة ولأسباب البطالة ونتائجها ، وأهم سياسات المعالجة .
وبعد شرح هذه الركائز الأساسية الثلاث سنتحدث عن كيفية استخدام الرزنامة الاقتصادية ( الأخبار الاقتصادية ) كأداة من أدوات تحليل حركة العملات . وسوف نختتم سلسلة حلقات اقتصادية بإذن الله بإطلالة على الأزمات الجيوسياسية وتأثيرها على الاقتصاد وحركة العملات .