توقعات مشجعة لبيانات اليوم، والمستثمرون في انتظار تقرير العمالة الأمريكي
وصلنا عزيزي القارئ إلى آخر أيام الأسبوع حاملا في طياته الكثير من البيانات الصادرة عن الاقتصاد الأمريكي، مشيرين إلى أن الأوضاع في الولايات المتحدة أخذت بالتحسن بشكل نسبي وتدريجي خلال شهر تشرين الأول والثاني الماضيين في بعض القطاعات الرئيسية، حيث لم يتمكن الاقتصاد من التقدم بالشكل المنشود وسط الشوائب التي تكونت من أعقاب الأزمة المالية الأسوأ منذ الكساد العظيم والتي تحد من تقدم الاقتصاد الأمريكي بالشكل المنشود.
ونشير أن البيانات الأهم ستصدر اليوم من قبل القطاع الأكثر نزيفا حتى الآن من أسوأ أزمة ركود منذ الحرب العالمية الثانية، ألا وهو قطاع العمالة الأمريكي، حيث بداية سيصدر تقرير العمالة عن شهر تشرين الثاني والذي من المتوقع أن يشير بأن الاقتصاد الأمريكي تمكن خلال الشهر من إضافة 150 ألف وظيفة مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 151 ألف وظيفة مضافة.
كذلك من المتوقع أن يضيف القطاع الخاص 158 ألف وظيفة مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 159 ألف وظيفة مضافة، واضعين بعين الاعتبار أن تقرير ADP للتغير في وظائف القطاع الخاص أشار إلى أن القطاع أضاف 93 ألف وظيفة خلال تشرين الثاني وبافضل من التوقعات، أما القطاع الصناعي فمن المحتمل أن يتمكن من إضافة 5 آلاف وظيفة خلال تشرين الثاني مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 7 آلاف وظيفة مفقودة خلال تشرين الأول.
وثانيا نشير إلى أن معدل البطالة عن شهر تشرين الثاني من المتوقع يبقى على ما هو عليه دون تغيير عند 9.6%، الأمر الذي يصعب الأمور على الاقتصاد الأمريكي ونشاطاته، حيث أن معدلات البطالة لا تزال ضمن المستويات الأعلى لها منذ حوالي ربع قرن، لتصبح المعضلة الأصعب بين باقي العقبات التي تقف في طريق تعافي الاقتصاد الأمريكي.
وذلك لأن مفتاح نجاة الاقتصاد الأمريكي وخلاصه يكمن في معدلات البطالة وقطاع العمالة، ولكن البرنامج الذي أعلن عنه الفدرالي الأمريكي مع بداية تشرين الثاني يهدف إلى شراء سندات طويلة الأجل بمقدار 600 مليار دولار موزعة على 75 مليار دولار شهريا بدورها قد تعمل على رفع كفاءة البنوك في مسألة الإقراض بالنسبة للمستهلكين والإقتراض بالنسبة للبنوك بين بعضها البعض، ناهيك عن مسألة تعزيز الاستثمارات لخلق فرص عمل أكثر.
حيث أن مسألة ضخ أموال بهذا الحجم يعطي أملا في انخفاض نسبي لأسعار الفائدة على القروض مستقبلا، وهذا ما قد يدفع بالمستهلكين للحصول على قروض جديدة، وبالتالي تعزيز عجلة الاقتصاد أو بمعنى آخر ارتفاع مستويات الإنفاق، الأمر الذي قد يعود بالإيجاب على نمو الاقتصاد، وذلك باعتبار أن إنفاق المستهلكين يمثل حوالي 70% من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، واضعين بعين الاعتبار ووفقا لبعض التقديرات فإن الاقتصاد الأمريكي يجب أن يضيف شهريا ما يصل إلى 140 ألف وظيفة بالمعدل ليعمل على خفض معدلات البطالة بشكل ملحوظ.
مشيرين عزيزي القارئ أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال في مواجهة مع العوائق التي تشكلت خلال أزمة الركود وبقيت جراء عواقب هذه الأزمة متمثلة في أوضاع التشديد الائتماني وسط تضييق السياسات الائتمانية بوضع أسس وشروط أكثر صرامة مما سبق، مما يحد من قابلية المستهلكين للحصول على قروض جديدة وهذا ما ينعكس بالسلب على مستويات إنفاق المستهلكين.
كما وسيصدر أيضا عن الاقتصاد الأمريكي تقرير معهد التزويد الغير صناعي للخدمات عن شهر تشرين الثاني والذي من المتوقع أن يشير إلى توسع في الأنشطة خلال تلك الفترة ليصل إلى 54.8 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 54.3، واضعين بعين الاعتبار ان قطاع الخدمات لم يفقد التوسع الذي بدأه منذ الأزمة ولكنه فقد العزم والقوة في التوسع، وذلك وسط العوائق التي ذكرناها أعلاه.
وما علينا عزيزي القارئ إلا أن ننتظر البيانات الصادرة حتى تتمكن الأسواق من تحديد وجهة الاقتصاد الأمريكي وسط تعثر قطاع العمالة الأمريكي، وفي خضم التراجع الذي طرأ على الاقتصاد ككل، وهذا للإجابة على سؤال مهم، ألا وهو إلى متى سينقطع نزيف قطاع العمالة؟ حيث أن هذه البيانات ستحرك الأسواق اليوم بحسب الثقة أو القلق الذي سينتاب المستثمرين حال صدورها، الأمر الذي سيتحكم في تداولاتهم.