تقرير اسعار المستهلكين يؤكد ثبات الأسعار نسبياً وتراجع تكاليف المعيشة في الولايات المتحدة .. وتراجع مخيب للآمال في مؤشر نيويورك الصناعي
أصدر الاقتصاد الأمريكي اليوم بيانات هامة زخمة حول جوانب عديدة من القطاعات الرئيسية، حيث تتمثل البيانات الصادرة بداية بتقرير أسعار المستهلكين، حيث أكد ذلك المؤشر على ما جاء به تقرير أسعار المنتجين أمس الخميس، وهو أن مستويات التضخم استقرت أو حتى تراجعت خلال حزيران/يونيو الماضي، إثر عودة أسعار النفط غلى الانخفاض نسبياً، في حين انخفض مؤشر نيويورك الصناعي خلال تموز/يوليو بشكل مخيب ببآمال وبأدنى من التوقعات.
حيث صدر عن وزارة التجارة الأمريكية اليوم مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة الأمريكية ليظهر انخفاضاً في المؤشر عن حزيران/يونيو، ليصل إلى -0.2% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.2% وبأدنى من التوقعات التي بلغت -0.1%، وعلى صعيد آخر فقد صدر عن الإقتصاد الأمريكي أيضاً مؤشر أسعار المستهلكين السنوي عن الشهر ذاته، حيث شهدنا ارتفاعاً في المؤشر ليصل إلى 3.6% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 3.6% وبتطابق من التوقعات التي بلغت 3.6%.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن أسعار المستهلكين باستثناء أسعار الغذاء انخفضت بنسبة 0.3 بالمئة، أما أسعار المستهلكين باستثناء أسعار الطاقة فقد ارتفعت بنسبة 0.2 بالمئة، وذلك بسبب انخفاض أسعار الطاقة بنسبة 4.4 بالمئة خلال حزيران/يونيو، وارتفاع أسعار الغذاء بنسبة 0.2 بالمئة.
كما وأظهرت المؤشرات الفرعية في التقرير الصادر أن أسعار الطاقة والتي تشكل 9.1% من مجمل الأسعار، انخفضت بنسبة 4.4 بالمئة خلال حزيران/يونيو مقابل -1.0%، في حين ارتفعت أسعار الخدمات والتي تمثل 60.0% من مجمل الأسعار بنسبة بلغت 0.1%، أما أسعار المنازل فقد ارتفعت بنسبة 0.1 مقابل 0.2%.
في حين ارتفعت أسعار الغذاء والتي تشكل ما نسبته 13.7% من مجمل الأسعار بنسبة 0.2% مقابل 0.4%، كما وانخفضت أسعار النقل والتي تشكل ما نسبته 17.3% بنسبة 1.9% مقابل -0.3%، إلا أن أسعار السلع الأساسية والتي تشكل 40.0% من الأسعار، فقد انخفضت بنسبة 0.6% مقابل 0.1%.
ويجب أن نضع أمر هاما في أذهاننا، ألا وهو معدلات التضخم، فبعد التمحص في تقرير أسعار المنتجين الذي صدر أمس وتقرير أسعار المستهلكين اليوم نرى بأن معدلات التضخم تراجعت خلال حزيران/يونيو، تماماً كما توقع البنك الفدرالي الأمريكي، وذلك وسط انخفاض أسعار الطاقة، علماً بأن مستويات الأسعار ارتفعت قبيل عدة شهور بسبب الارتفاع الأخير الذي شهدناه في أسعار الطاقة والغذاء أو السلع الأساسية بشكل عام، إثر الاضطرابات التي شهدتها مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كارثة اليابان الطبيعية، هذا إلى جانب انخفاض الدولار الأمريكي.
ومن ناحية أخرى فقد صدر عن الاقتصاد الأمريكي اليوم قراءة مؤشر نيويورك الصناعي والخاصة بشهر تموز/يوليو، حيث شهدنا انخفض المؤشر ليصل إلى -3.76 بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت -7.79 وبأدنى من التوقعات التي بلغت 5.00.
في حين أظهرت المؤشرات الفرعية في التقرير أن الأسعار المدفوعة انخفضت خلال تموز/يوليو إلى 43.33 مقابل 56.12 خلال حزيران/يونيو، أما بالنسبة للأسعار المقبوضة فقد انخفضت أيضا إلى 5.56 مقابل 11.22، والجدير بالإهتمام أن الطلبات الجديدة انخفضت خلال تموز/يوليو إلى -5.45 مقابل -3.61 فقط، في حين انخفضت العمالة في المنطقة إلى 1.11 مقابل 10.20.
وبذلك فإن قطاع الصناعات التحويلية الأمريكي لا يزال يبرق برسائل متباينة مؤخراً، فعلى الرغم من التحسن في أوضاع القطاع، إلا أن الطاع لا يزال يعاني جراء تبعات أسوأ أزمة تعم العالم منذ الكساد العظيم، حيث أظهر مؤشر معهد التزويد الصناعي توسعاً جيداً خلال نيسان/أبريل وحزيران/يونيو، في حين تراجعت أنشطة القطاع خلال أيار/مايو.
ويتوجب علينا النظر إلى قطاع الصناعات التحويلية الأمريكي لاستنباط أية دلائل حيال التحسن في مجمل أوضاع الاقتصاد الأمريكي، نظراً لكون القطاع كان أحد القطاعات التي قادت خروج الاقتصاد من دائرة الركود، إلا أن القطاع لا يزال يبحث عن استقراره المفقود، حيث لم يتعافى بشكل كامل بعد، فعلى ما يبدو يحتاج القطاع إلى المزيد من الوقت للاستقرار بالشكل المنشود.
كما وصدر عن أكبر إقتصاد في العالم بيانات مؤشر الانتاج الصناعي، حيث شهدنا ارتفاع المؤشر في حزيران/يونيو ليصل إلى 0.2% بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 0.1% والتي تم تعديلها إلى -0.1% وبأدنى من التوقعات التي بلغت 0.3%.
وعلى صعيد آخر فقد شهدنا ثباتاً في مؤشر معدل استغلال الطاقة في الولايات المتحدة الأمريكية خلال حزيران/يونيو، ليصل إلى 76.7% بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 76.7% وبأدنى من التوقعات التي بلغت 76.9%، الأمر الذي يشير بأن التضخم لا يزال تحت السيطرة في حين أن الانتاج ارتفع مؤخراً.
وفي النهاية فلا يزال الاقتصاد الأمريكي ضمن مواجهة ضروس مع التحديات التي تقف أمام الاقتصاد والتي تتمثل في ارتفاع معدلات البطالة والتي لا تزال ضمن أعلى مستوياتها منذ ربع قرن، وتشديد شروط الائتمان، مع الإشارة إلى أن صدور أول بيانات شهر تموز/يوليو اليوم بشكل سلبي (مؤشر نيويورك الصناعي) وانخفاض معدلات التضخم، تدعم وجهة النظر التي تؤكد على أن البنك الفدرالي الأمريكي يسقوم بإقرار جولة ثالثة من التخفيف الكمي إذا ما استمر الضعف في الاقتصاد إلى نهاية الربع الثالث.
وقد أشار برنانكي في شهادته النصف سنوية أما كل من مجلسي النواب والشيوخ على مدار اليومين الماضيين على أن البنك الفدرالي يقف على أهبة الاستعداد لدعم الاقتصاد الأمريكي، من خلال خطط تحفيزية، إلا أنه أكد على استمرار الضعف في قطاع العمالة الأمريكي، كما وأكد على أن مستويات النمو ستبدأ بالارتفاع خلال الأرباع المقبلة، ويبدو بأن خطط التخفيف الكمي 3 بعيدة بعض الشيء عن دائرة الضوء، إلا أن ذلك يتطلب عودة الأنشطة الاقتصادية في الولايات المتحدة إلى الارتفاع.