الدولار يمشي ملكاً
يتداول الدولار الأمريكي في الأسواق المالية في ميل صاعد واضح استطاع من خلاله أن يعوّض كل خسائره مقابل معظم العملات إلى مكاسب. حيث انخفض الدولار بداية هذا الأسبوع، لكن عاد و سيطر على الموقف ليمشي ملكاً في الأسواق المالية مستفيداً من عديد من الظروف و الحقائق في الأسواق، لكن بشكل عام، نستطيع أن نرجع قوّة الدولار الأمريكي إلى الاتجاه له بعد انخفاض الشهية الاستثمارية و قابلية المخاطرة، و كذلك بعد تصريح برنانكيه الذي أشار فيه إلى أن الفيدرالي لا يطمح لأن يتبنّى سياسة تخفيف كمي ثالثة.
البيانات الاقتصادية الأوروبية هذا اليوم مالت للإيجابية، لكن المتداولون قلقون جداً من وضع أزمة الديون الأوروبية و احتمال امتدادها، و تحديداً في اليونان التي لو لم تحصل على مساعدات و قروض، سوف تفشل في أن تفي بالتزاماتها منتصف الشهر المقبل. الاتحاد الأوروبي و صندوق النقد الدولي وافقا على خطط التقشف المقترحة في اليونان، لكن يبدو بأن هذا غير كاف الآن للمتداولين لأن يقتنعوا في حل المشكلة، خصوصاً بعد أن أشار تريشيه إلى أن أزمة الديون الأوروبية يجب أن تدق لها نواقيس الخطر و إضاءة الضوء الأحمر للتحذير من خطرها الممتد إلى الاقتصاد ككل و القطاعات المصرفية فيه.
انخفض سعر صرف اليورو هذا اليوم بعد أن لامس الأعلى عند سعر 1.4309 و فشل في الاستقرار فوق 1.4315، و الانخفاض الذي حصل دفع في سعر صرف اليورو ليلامس الأدنى حتى هذه اللحظة عند مستوى 1.4188 دولار لليورو الواحد. إن الضغوط السلبية الهائلة التي يتعرّض لها اليورو مستمرة، و قد لا يوقفها شيء الآن قبل صدور قرارات حقيقية تجاه أزمة الديون السيادية التي أصبحت فعلاً تهدد الاقتصاد الأوروبية عامةً و اقتصاد الاتحاد الأوروبي خاصة في أزمة قد تكون في شدتها الأزمة الائتمانية عام 2008.
بحسب التحليل الفني، فتداول سعر صرف اليورو ما دون مستوى 1.4315 قد يكون سبباً لأن نرى استمرارية في الضغوط السلبية ، فيما كسر مستوى 1.4155 قد يزيد هذه السلبية بشكل واضح. إن مؤشرات العزم تظهر ميلاً سلبياً و هذا ما قد يستمر في وضع ضغط هائل على مستوى الدعم الأقرب 1.4205.
لم تقتصر الضغوط السلبية على اليورو فقط، بل يعاني الجنيه الإسترليني أيضاً ضربات الدولار القويّة هذا اليوم. انخفض سعر صرف الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي من مستوى 1.6045 ليلامس الأدنى عند مستوى 1.5949 قبل أن يحاول مجدداً الاستقرار فوق 1.6000. إن تداولات الجنيه الإسترليني اتخذت ميلاً هابطاً قوياً لليوم الثاني على التوالي، فلم يكن الانشقاق في آراء أعضاء البنك البريطاني مشجّعاً لتوقّع أي تعديل في السياسات المالية أو النقدية، بل بقي الاتجاه بشكل كبير نحو تثبيت سعر الفائدة الأدنى تاريخياً و تثبيت سياسة التخفيف الكمي في سبيل دعم الاقتصاد الذي يتداعى في ظل تباطؤ حاد أصاب قطاعاته.
إن تداول سعر صرف الجنيه الإسترليني اليوم مرتبط في سعر 1.6000 دولار، فهذا المستوى الفني و النفسي قد يشكّل فاصلاً لحظياً للاتجاه، فيما كسر سعر 1.5955 قد يزيد السلبية. في حال أراد الجنيه أن يحقق بعض الإيجابية، فمن غير المحتمل أن تكون واضحة إلا إذا شهدنا تداولات ثابتة فوق 1.6045 مبدأياً.
بالنسبة للين الياباني، فيعتبر شريك الدولار الأمريكي في أوقات المصائب! حيث أن انخفاض الثقة في الأسواق المالية يدفع المتداولين نحو الأصول المنخفضة العائد بعد الاستغناء عن الاستثمارات في الأسواق المالية بسبب ارتفاع المخاطرة و عدم وضوح مستقبل الاقتصاد الدولي. شراء الين الياباني يتم على شكل تصفية مراكز مالية، أو على شكل طلب للنقد السائل في اليابان ثاني أكبر اقتصاد متقدّم في العالم و ثالث أكبر اقتصاد من ناحية الحجم.
انخفض سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني رغم قوّة الدولار الكبيرة مقابل العملات، حيث انخفض سعر صرف الدولار اليوم من مستوى 80.60 ين إلى مستوى 80.14 ين للدولار الأمريكي الواحد. لكن، يجب أن نلاحظ بأن هذه المستويات هي مستويات مألوفة لتداولات الزوج هذا الأسبوع، بل هي تداولات ضيقة جداً سيطرت على الزوج هذا الأسبوع، فصراع شراء الدولار و شراء الين مقابل العملات الأجنبية الأخرى، يكسب كليهما القوّة لتميل تارة هنا و أخرى هناك، و في النتيجة نطاق ضيق جداً لتداولات هذا الأسبوع، رغم أنها مالت قليلاً لصالح الين الياباني هذا اليوم. بشكل عام، التداولات الفنية للزوج محصورة بين مستوى 80.05 الدعم الأقرب و المقاومة 80.75، لكن حتى يتخّذ الزوج اتجاهاً واضحاً، يجب أن يخرج من نطاق المقاومة المشار لها، أو كسر 79.65 ين للدولار الأمريكي الواحد.