من الذي يثير حروب العملات وكيف يمكن إيقافها.
ليست فقط البنوك المركزية هي التي تقاتل مع بعضها البعض. إن الاقتصاد العالمي من حيث المبدأ هو مكان خطير و ممتلئ بتهديدات تجاه الازدهار الاقتصادي. هذا يدعم فكرة أنه في النضال من أجل تحقيق المزايا التنافسية، تستخدم كل دولة عملتها كسلاح.تفترض النظرة التقليدية أن البنوك المركزية تقوم بإضعاف العملة المحلية لكي تكون السلع في الخارج أرخص وبذلك تقوم بتشجيع الصادرات و الإسراع في تطوير الاقتصاد الوطني. عندما تتفاعل الدول الأخرى مع مثل هذه السياسة تثير حرب العملات.
يؤكد المصرفيون أنهم لا يسعون إلى القتال. بخفضهم لأسعار الفائدة واتخاذ خطوات أخرى يسعون فقط إلى تحفيز النمو الاقتصادي. لكن تؤدي أفعالهم إلى تدفق رؤوس الأموال إلى البلدان ذات معدلات فائدة أعلى ما يتسبب في تعزيز عملتهم و يضر بالمصدرين.
تؤدي حروب العملات بشكل مقصود أو غير مقصود إلى زيادة المخاطر العالمية و لديها فائزين وخاسرين حقيقيين.
الوضع الحالي
لقد جرت آخر معركة في أوائل عام 2015 عندما قامت الكثير من الدول بخفض أسعار الفائدة و عندما أطلق البنك المركزي الأوروبي برنامجا لشراء السندات المعروف باسم التسهيل الكمي. قامت الدنمارك عدة مرات بتقليل أسعار الفائدة، مانعة بذلك تعزيز الكرون الدنماركي مقابل اليورو. في نفس الوقت قامت كندا، سنغافورة و الصين بتسهيل السياسة النقدية بشكل غير متوقع.
إن الصراع الحالي كان يختمر منذ بدء الدول الرائدة في البحث عن سبل للتغلب على الركود الاقتصادي الناجم عن الأزمة المالية في عام 2008. و في ذلك الحين كانت الولايات المتحدة و اليابان قد بدأتا في استخدام برنامج شراء السندات. لقد كان الانتعاش الاقتصادي بطيئا جدا و لذلك قامت البنوك المركزية بتحويل التركيز على منع الانكماش الذي قد يؤدي إلى انخفاض الاستهلاك وتقويض النمو الاقتصادي. لقد تعهدت معظم البنوك المركزية بالمحافظة على استقرار الأسعار و اضطرت للعمل عندما انهارت أسعار النفط في أواخر عام 2014.
من هو الأكثر تضررا؟ أساسا هي الولايات المتحدة، نظرا لأنه قد تعزز الدولار الأمريكي مقابل معظم العملات الرئيسية، مما أدى إلى خفض دخل المصدرين الأمريكيين. لقد أثرت حرب العملات على سويسرا أيضا التي تخلت عن سياسة ربط الفرنك السويسري باليورو لثلاث سنوات، مما تسبب بالاضطراب في أسواق العملات.
التاريخ
اعتمد وزير المالية البرازيلي غيدو كانتيغو مصطلح «حرب العملات" في عام 2010 عندما رفض إضعاف العملة الوطنية المتعمد. وأصبحت بلاده هي أول ضحية للمعركة، بعدما قامت الولايات المتحدة بخفض أسعار الفائدة، مما تسبب في تدفق رأس المال إلى الأسواق الناشئة وجعل صادرات البرازيل أكثر تكلفة. لقد كانت اليابان هي أكبر الفائزين ممن قاموا بإضعاف الين لمدة عامين بنسبة 28% مقابل الدولار. و كنتيجة ارتفعت أرباح مصدري اليابان مثل تويوتا كثيرا.
تسبب الكساد العظيم في الثلاثينات من القرن العشرين في رفض معيار الذهب من قبل العديد من البلدان و تحديد سعر صرف العملة الوطنية بالنسبة إلى أسعار الذهب، مما أدى إلى تخفيض هائل في قيمة العملة. يعني نظام بريتون وودز المثبت لاحقا تثبيت أسعار العملات الوطنية مقابل الدولار الأمريكي ومنع تكرار تكتيكات «أفلس جارك" حتى إغلاقها في عام 1971. في الفترة الأخيرة، يتم نقد الصين في الكثير من الأحيان على سياسة خفض قيمة اليوان التي أدت إلى رخص السلع الصينية وساعدت البلاد على أن تصبح عملاقة في التصدير.
ما الذي يجدر توقعه؟
تقوم البنوك المركزية التي تخاف الانكماش باتخاذ خطوات غير تقليدية من أجل حماية اقتصادها ما يؤدي إلى دفعة جديدة من خفض قيمة العملة.
تؤدي النتائج المترتبة عن العمل من جانب واحد، إلى تشوش الأسواق، تثير هروب رأس المال و تقلب أسعار النفط. تحاول المزيد من البلدان بالسيطرة على الوضع عبر فك ربط سعر صرف عملتها الوطنية مقابل عملة أخرى. ويتطلب هذا تواصلا و تنسيقا أكثر دقة بين أنشطة البنوك المركزية، نظرا لأن القفز في أسعار الصرف يزيد من عدم اليقين و يؤدي إلى انخفاض الاستثمارات. لقد وعدت «البلاد العشرون الكبرى" بعدم التعامل مع أسعار الصرف من أجل زيادة القدرة التنافسية على الرغم من أنها لم تنتقد الدول الأخرى لاتخاذها إجراءات مماثلة.
كل هذا الوقت يواجه المصدرون الأمريكيون صعوبات بسبب قوة الدولار الذي يهدد ترميم و نمو أكبر اقتصاد في العالم. ومن غير المعروف ما مدى قدرة الدول على الحفاظ على قدرة اقتصاداتها التنافسية من دون تخفيض آخر لقيمة عملتها و متى ستتفق على سلام نهائي في جبهة العملات.